Al Jazirah NewsPaper Wednesday  08/09/2010 G Issue 13859
الاربعاء 29 رمضان 1431   العدد  13859
 

يوميات خير الصائمين
الشيخ علي بن جده منقري

 

الحمد لله الذي أيد رسوله والمؤمنين بالنصر والتمكين وجعله آية باهرة للعالمين، والصلاة والسلام على البشير النذير والسراج المنير سيدنا محمد - صلى الله عليه وسلم - وعلى آله وعلى أصحابه ومن تبعهم بإحسان. أما بعد.. كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو خير الصائمين كان في السنة الثامنة من الهجرة وبعد عشر خلون من رمضان في العشرة الأولى كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يخوض فتح مكة، وهذا الفتح الذي وصفه الله تبارك وتعالى بأنه فتح مبين وهو كذلك لأن الله سبحانه وتعالى مكَّن للمؤمنين فيه وأنار الله جلَّ وعلا بهذا الفتح قلوباً وأبصاراً وأسمع به أفئدة وآذاناً.

وسنتحدث عن فتح مكة الذي تم على يدي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خير الصائمين وعلى يدي صحابته الكرام رضي الله عنهم وأرضاهم، سنتحدث أولاً عن مقدماتٍ عن فتح مكة، وسنتحدث أيضاً عن ما كان بين يدي الفتح من صلح الحديبية وما حصل من تداعيات من قريش في نقض هذه العهود والمواثيق التي أبرموها مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وبين يدي هذا أو ذاك سنلحظ أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان رحيماً وحتى في الحروب التي خاضها عليه الصلاة والسلام لم يكن هو البادئ، إنما كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - داعياً إلى الله مدافعاً عن دين الله وذاباً عن كلمة التوحيد.

إن خير الصائمين عليه الصلاة والسلام لم يكن عدائياً ولا يريد إهلاك الناس بل يريد هدايتهم وأن يعبدوا الله وحده لا شريك له، ولو أراد القضاء عليهم لأطاع ملك الجبال عندما أتى إليه عليه الصلاة والسلام وهو طريد قد رُمي بالحجارة حتى وأدميت عقباه عليه الصلاة والسلام فقال له لو أمرتني لأطبقت عليهم الأخشبين، فقال الرحمة المهداة «لا» إني لأرجوا أن يكون من أصلابهم من يقول لا إله إلا الله، كما أنه عليه الصلاة والسلام لم يخض حرباً من تلقاء نفسه وإنما تكون فرضت عليه فلم يكن يتمنى الحرب بل أمر أصحابه بعدم تمني القتال وإنما الصبر عند اللقاء. وحديثنا عن خبر فتح مكة يحتاج منا أن نتكلم بإيجاز عن صلح الحديبية، ذلك الصلح الذي أُبرم بين رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وبين قريش، حيث أُبرم الصلح على معاهدة لمدة عشر سنوات لا قتال فيها بين الطرفين، وكان فيما شرطت قريش لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - وشرط لهم أن من أحب أن يدخل في عقد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعهده فليدخل فيه، ومن أحب أن يدخل عقد قريش وعهدهم فليدخل فيه، فدخلت بنو بكر في عقد قريش وعهدهم ودخلت خزاعة في عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعهده، فلما كانت هدنة الحديبية ووقف القتال بين المسلمين وقريش اغتنمتها طائفة من بني بكر يقال لهم بنو لفافة، ذلك أن شخصاً منهم هجا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وصار يتغنى بالهجاء، فسمعه غلام من خزاعة، أي من القبيلة التي دخلت في عقد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فثارت ثائرته فضربه وشجه، فثار الشر بين القبيلتين مما كان بينهم من العداوة، فطلب بنو لفافة من أشراف قريش أن يعينوهم بالرجال والسلاح على خزاعة فأمدوهم فجاءوا خزاعة ليلاً وهم آمنون على ماء لهم يقال له الوتير. قال ابن القيم رحمه الله فأصابوا منهم رجالاً وتناوشوا واقتتلوا وأعانت قريش بني بكر بالسلاح وقاتل معهم من قريش من قاتل مستخفياً، ذكر ابن سعد منهم (صفوان بن أمية وحويطب بن عبد العزى و مكرز بن حفص) حتى حازوا خزاعة إلى الحرم فلما انتهوا إليه قالت بنو بكر يا نوفاً إنا قد دخلنا الحرم إلهك إلهك فقال كلمة عظيمة لا إله له اليوم يا بني بكر أصيبوا ثأركم فلعمري إنكم لتصيبون في الحرم أفلا تصيبون ثأركم فيه فلما دخلت خزاعة مكة لجؤوا إلى دار هديل بن ورقاء الخزاعي ودار مولى لهم يقال له رافع ونقضت قريش وأحلافها العهد الذي أبرموه مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بصنيعهم هذا، إلى آخر ما ورد في قصة نقضهم للعهد فخرج عمرو بن سالم الخزاعي حتى قدم على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في المدينة فوقف عليه وهو جالس في المسجد بين ظهراني أصحابه فقال:

يارب اني ناشد محمدا حلف أبينا وأبيه الأتلدا

قد كنتموا ولدا وكنا والداثمة اسلمنا فلم ننزع يدا

فأنصر هداك الله نصرا اعتدا وادع وعباد الله يأتوا مددا

فيهم رسول الله قد تجردا إن سيما خسفا وجهه تربدا

في فيلق كالبحر يجري مزبدا إن قريشا اخلفوك الموعدا

ونقضوا ميثاقك المؤكدا وجعلو لي فيك داء رُصدا

وزعموا ان لست تدعوا احدا وهم اذل وأقل عددا

هم بيتونا بالوتير هجدا وقتلونا ركعاً وسجداً

فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نصرت يا عمرو بن سالم ودمعت عيناه - صلى الله عليه وسلم - وفي رواية، فقام - صلى الله عليه وسلم - وهو يجر رداءه ويقول «لا نصرت إن لم أنصركم بما أنصر به نفسي» وفي رواية قال «والذي نفسي بيده لا منعنهم مما أمنع فيه نفسي وأهل بيتي»، وعن عائشة رضي الله تعالى عنها قالت لقد رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - غضب مما كان من شأن بني كعب غضباً لم أره غضبة منذ زمان، ثم قال - صلى الله عليه وسلم - لعمرو بن سالم وأصحابه بعد أن علم منهم حقيقة ما حدث ارجعوا وتفرقوا في الأودية فرجعوا وتفرقوا وكان عددهم نحو أربعين راكباً من خزاعة، وقصد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بتفرقهم إخفاء مجيئهم، وخرج هديل بن ورقاء في نفر من خزاعة حتى قدموا على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في المدينة فأخبروه بما أصيب منهم بمظاهرة قريش بنو بكر عليهم ثم انصرفوا راجعين إلى مكة وأمر الرسول - صلى الله عليه وسلم - الناس بالجهاز وأمر أهلة أن يجهزوه فدخل أبو بكر على ابنته عائشة رضي الله عنها وهي تحرك بعض جهاز رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقال أي بنيه أمركن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بتجهيزه؟ قالت نعم فتجهز، قال فأين أرينه يريد؟ قالت لا والله ما أدري ثم أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أعلم الناس إنه سائر إلى مكة فأمرهم بالجد والتجهيز، وقال اللهم خذ العيون والأخبار عن قريش حتى نباغتها في بلادها» فتجهز الناس للحديث.. بقية عن فتح مكة مع خير الصائمين صلوات الله وسلامة عليه.

اللهم سلمنا من نفوسنا التي هي أقرب أعدائنا وامنن علينا بالتوفيق بعمل إليك يقربنا اللهم يا أكرم من دعا اللهم سلمنا من نفوسنا التي هي أقرب أعدائنا وامنن علينا بالتوفيق بعمل إليك يقربنا, وأتمم علينا يا مولانا ما به أكرمتنا, وأدم علينا إحسانك كما عودتنا, فها نحن عبيدك قد ألقينا نفوسنا بين يديك وطمعنا بحسن وعدك وجميل رفقك فيما لديك, اللهم نزه قلوبنا عن التعلق بمن دونك واجعلنا من قوم تحبهم ويحبونك واغفر اللهم لنا ولوالدينا ولجميع المسلمين الأحياء منهم والميتين برحمتك يا أرحم الراحمين.

 


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد