Al Jazirah NewsPaper Thursday  09/09/2010 G Issue 13860
الخميس 30 رمضان 1431   العدد  13860
 
الزواج والجريمة
منيف خضير

 

دعونا نستعرض بعض الدراسات السعودية التي تؤكد دور الزواج في الحد من الجريمة، الدكتور سلطان الثقفي تحدث عن خصائص وسمات الجريمة (في دراسة ميدانية لأبحاث مكافحة الجريمة التابع لوزارة الداخلية) ذهب في نتائج دراسته أن غالبية الجناة هم....

.... من العزاب، وهناك رسالة دكتوراه أخرى قام بها الدكتور سلطان القحطاني (جامعة الإمام 1417هـ)، تحدث فيها عن العلاقة بين مستوى التدين والرضا الوظيفي والإنتاجية وأثبت فيها وجود تفوق في الدلالات الإحصائية في التدين والإنتاجية أيضاً لصالح المتزوجين وبالتالي انحسار كثير من المشكلات الاجتماعية من بينها الجريمة، وبالطبع لا أحد يحتاج إلى مزيد من الدراسات ليتأكد من أهمية الزواج للشباب لتحصينهم ضد الجريمة بأنواعها المختلفة، ولزيادة الإنتاجية في العمل دون الحاجة إلى هروب الموظف إلى أقرب بوفيه (كبدة حاشي) تحت بند راجعنا بكره!

ومن يقرأ مجتمعنا السعودي في هذه الفترة يلاحظ عزوف الشباب عن الزواج بشكل غريب إذ يتجاوز أكثر الشباب سن الثلاثين دون أن يفكر في الزواج، بل يرى الكثير منهم أنه لا يزال صغيراً وأمامه مغريات كثيرة للحياة لم ينهل منها بعد، وكانت إحصائيات لوزارة التخطيط نشرت مؤخراً ذكرت أن ظاهرة العنوسة امتدت لتشمل حوالي ثلث الفتيات السعوديات في سن الزواج، وأوضحت الوزارة أن عدد الفتيات اللاتي لم يتزوجن أو تجاوزن سن الزواج اجتماعيا وهو 30 سنة بلغ حتى نهاية 2002 حوالي مليون و813 ألف امرأة. وأشارت إلى أن عدد المتزوجات في السعودية هو مليونان و912 ألف امرأة من مجموع عدد الإناث البالغ قرابة سبعة ملايين أنثى وفقاً لتعداد السكان الأخير في السعودية.

إننا فعلاً أمام مشكلة مؤرقة لا يعرف أبعادها إلا من اكتوى بنارها وشاهد ابنه المتخرج منذ زمن من الجامعة يسرح ويمرح دون وظيفة ودون زواج، بعد أن أصبح امتلاك منزل من المستحيلات في مدن بلغ حد غلاء العقار فيها حداً لا يطاق مثل الرياض وجدة والمنطقة الشرقية، وثمة عوامل عديدة تسبب هذه الظاهرة، منها إحجام نسبة كبيرة من الشباب عن الزواج من الفتيات الجامعيات وأصحاب المهن المزعجة للشباب كالممرضات والطبيبات وموظفات الاستقبال وغيرها، فضلاً عن تراجع فرص العمل المتاحة للسعوديين وانتشار البطالة بنسبة مؤرقة، ليس من المقنع معها توفير فرص مثل حارس أمن أو بائع في سوق الخضار، ولا نقول ذلك من باب امتهان مثل هذه الفرص الوظيفية، بل نؤكد أن مثل هذه الوظائف لا تفتح منزلاً ولا تبني أسرة، إنها باختصار تهدم الأسرة وتوسع الهوة، والنتيجة مزيد من الجريمة وليس شرطاً أن تكون الجرائم على مستوى أفلام هوليوود، بل يكفي أن من يسرق الجوال هو مجرم في النهاية.

إذن ما الحل؟

لا بد أن نعترف في النهاية بوجود مشكلة، ولا بد من تكاتف الجهات المختصة بمثل هذه المشاكل لإيجاد حلول عملية سهلة ومناسبة، دعوني أسوق مثلاً بدولة مثل ماليزيا التي بدأت في إقرار صرف ما معدله 160 دولاراً للشباب لمساعدتهم على الزواج ونحن نعلم أن هذا المبلغ زهيد لكنه يساعد في مثل ظروفهم وهو حل عملي في النهاية.

نحن في المملكة لدينا بنك التسليف وهو أحد الحلول لظاهرة العنوسة بين الشباب لكن ماذا يحدث في بنك التسليف؟

صرف القروض يتوقف على وجود السيولة في البنك وهذا ما يؤخر الاستفادة إلى سنوات، هذا من ناحية ومن ناحية أخرى فالقرض لا يكفي، 45 ألف ريال ماذا تصنع في ظل الغلاء، لست مبالغاً اسألوا الشباب؟

وقروض الزواج التي تقدمها الجمعيات الخيرية وهي بحدود 5 آلاف لا تكفي أيضاً وتصرف بشروط صعبة وكثير من جمعياتنا حالياً لم يعد يصرفها.

إنني أؤيد زيادة القروض وانسيابيتها من خلال بنك التسليف والجمعيات الخيرية أيضاً، وأؤيد أن تكرس الجمعيات الخيرية - مثلاً- جهودها في دعم الشباب بدلاً من الهدر الخيري - إن صحت التسمية - بصرف ملايين الريالات على فئات اعتادت الوقوف في طوابير التسول دون أن يكون ثمة حاجة مثل حاجة الشباب، دعونا نعيد النظر في سبل دعم الشباب ومساعدتهم على الزواج من أجل مجتمع بجريمة أقل، إذ لا مجتمع بلا جريمة. ستكون جريمة كبرى ألا نفعل المستحيل من أجل شبابنا وشاباتنا ونحن نستطيع ذلك.



Mk4004@hotmail.com

 


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد