Al Jazirah NewsPaper Saturday  11/09/2010 G Issue 13862
السبت 02 شوال 1431   العدد  13862
 
المسكوت عنه
اليوم عيد.. وكل يوم لنا مع الإصلاح عيد
د. حمزة بن محمد السالم

 

النظام السياسي الديمقراطي الغربي لا يمكن التنبؤ بسُنَنِه فهو خارج ٌعن تجربة التاريخ؛ فأثينا الإغريقية وإن كانت أول من قدم المفهوم العام للديمقراطية، فإنه لم يُعهد في تاريخ البشر نظامٌ شبيهٌ بالنظام السياسي الديمقراطي الغربي إلى حد يُمكن أن تُستخرج منه وتُستنبط سُنن عامة تحكم هذا النوع من أنظمة الحكم، وباستثناء النظام الديمقراطي الحديث، فإن للدول سنناً تتكرر ولا تختلف.

ومن ذلك تأسيس الدولة على يد المؤسس الأول ومن ثم ترسيتها وإقرارها سياسيا وتثبيت قواعد حكمها على يد من يسمى عادة بالمؤسس الحقيقي للدولة، ومن ثم يبعث الله في الدول قادة مجددين مصلحين يحفظ الله بهم البلاد والعباد من الفتن والأزمات.

ومن رحمة الله وفضله على هذه البلاد أن سخر لها الملك الصالح المُجدد عبدالله بن عبدالعزيز في فترة حرجة، جد حرجة، ليقودها بصبر وعزيمة في مسيرة إصلاحات متواصلة فأصبحت أعيادنا أعياداً كثيرة.. عيد يعقبه عيد، فمن إصلاح سياسي إلى آخر اقتصادي، إلى مثله اجتماعي وآخر إعلامي لتخرج الإصلاحات من بعد مخاض شديد -ولو بعد حين- خلقاً آخر في كيان ثقافي متكامل، فتبارك الله أحسن الخالقين.

في عيدنا اليوم سنتكلم عن المسكوت عنه، فلعلنا ندرك فنشكر أعياد الإصلاح التي نعيشها عيداً بعد عيد.. فخلال العشرين سنة المقبلة سيزيد سكان السعودية 57% ليزيد عدد المؤهلين للعمل من 5 ملايين إلى أكثر من 12 مليون سعودي، كما أشار لذلك الدكتور فواز العلمي في جريدة الوطن.. وبلادنا ليست بلاداً غنية كما يحلو لنا أن نعتقد -فالعبرة بعدد السكان- وجميع دول الخليج أغنى منا بلا استثناء، بل نحن من البلاد المتوسطة الدخل، ولم ندخُل الحافة الدنيا من شريحة البلاد العالية الدخل إلا بعد عام 2005م ونمو الاقتصاد الحقيقي السعودي بعيداً عن البترول ما زال ضعيفا.. والأمريكي والكويتي أغنى من السعودي بثلاث مرات والقطري بستة مرات والبحريني بمرتين، وتختلف هذه الأرقام والترتيبات باختلاف طرق حسابها، ولكنها كلها تعطي صورة مجملة واحدة تقريباً يجب أن ندركها جيداً.

وقد مرت علينا أعوام كنا قريبين من خط الدول الفقيرة، وذلك في أواخر الثمانينيات والتسعينيات.

وقد عاشت البلاد تلك المرحلة وهي تقتات من نفسها، كالرجل يأكل من شحمه ولحمه، فقد استنفدت البلاد كل ما ادخرته من ادخارات، واستهلكت معظم ما بنته من بنية تحتية وفوقية في أواخر السبعينيات وأوائل الثمانينيات بعد طفرة البترول الأولى.

الاقتصاد لا يقوم بمعزل عن حياة الناس بشتى نواحيها، والملك الصالح يدرك ذلك، ومن أجل ذلك فقد كان ضمان الحريات المتمثلة في احترام إنسانية الإنسان وضمان الرفاه الاقتصادي المتمثل في وجود منظومة اقتصادية متجددة ومتكاملة هما الهدفان الأسميان اللذان يعمل الملك الصالح على تحقيقهما في إصلاحات متتالية هي أعياد الملك الصالح لبلاده وأبناء بلاده، فلنا بذلك في كل يوم عيد جديد.

وإن مما سكت عنه أن معظم ما نعانيه من مشاكل ثقافية بالمعنى الشمولي للثقافة هو من آثار الجمود الفكري والاقتصادي الذي عشناه بسبب انخفاض أسعار البترول وعدم وجود بدائل اقتصادية لتحصيل الثروة. والملك الصالح يشفق على بلاده لكي لا تعود إلى مرحلة الجمود فتغرق السفينة، فهلا نعايد الملك الصالح بإخلاص العون له كما أنه يعايدنا كل يوم بعيد إصلاح جديد.



hamzaalsalem@gmail.com

 


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد