Thursday  23/09/2010 Issue 13874

الخميس 14 شوال 1431  العدد  13874

ارسل ملاحظاتك حول موقعنا     نسخة تجريبية
   
     

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

متابعة

 

في ذكرى اليوم الوطني المجيد
بقلم: الأمير فهد بن محمد بن عبدالعزيز آل سعود

 

لم يعد اليوم الوطني يوما عابرا ضمن أيامنا المعتادة, أو مناسبة لا تحمل صفة الاهتمام بها، وإنما هو يوم خالد في تاريخ المملكة، ويحمل ذكرى عن تجربة وحدوية لا مثيل لها في تاريخ الدول؛ إنه يوم يجسد إرادة ملك أراد أن يخلص وطنه من التمزق والتشتت والضياع، وأن يعيد له وحدته وقوته ومكانته تحت قيادته.

والملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود - طيب الله ثراه - عندما توجه من الكويت مرخصا حياته على رأس مجموعة صغيرة من المجاهدين صوب عاصمة حكمه - الرياض - كان يعتمد أولا على الله بأن وضع ثقته به في نصره المرتقب، ومن ثم على تصميمه وعزمه شخصيا بأنه لا خيار آخر أمامه كي يعدل عن حملته التي رسم - رحمه الله - أهدافها باسترجاع الوطن وتحرير الأرض وتلبية رغبة المواطنين بإقامة الدولة السعودية الحديثة التي وضعوا ثقتهم بالملك عبدالعزيز لإقامتها على كامل تراب الوطن.

إننا إذ نحتفل اليوم بذكرى اليوم الوطني، مسترجعين قراءة صفحات التاريخ عن تلك الملحمة البطولية، إنما نحتفل بهذا الإنجاز الكبير الذي تحقق على يدي الملك عبدالعزيز، دون أن ننسى الرجال الأبطال الذين شكل منهم الملك عبدالعزيز عناصر جيشه الصغير، حيث تغلب بهم على خصومه ممن كانوا أكثر عددا وعدة ويتسلحون بأسلحة حديثة ومتنوعة, وهذا الإنجاز النوعي يستحق منا أن نحتفل به ونتذكره ونحييه كل عام، وأن نذكر به الأجيال جيلا بعد جيل وعهدا بعد عهد، حتى لا يغيب هذا الحدث التاريخي المهم عن أذهان أبناء الوطن.

ولم تقتصر معركة عبدالعزيز على قيامه باستعادة الأرض وتوحيد مناطق الوطن باسم المملكة العربية السعودية، وإنما سعى منذ البداية على بناء مؤسسات الدولة، والاهتمام بالتعليم والصحة والخدمات البلدية، وتطوير مرافق الدولة، ضمن منظومة من الأعمال التي ركزت على تحديث أجهزة الدولة، وتوفير كل الخدمات للمواطنين والوافدين، مثلما كان اهتمامه - رحمه الله - بعلاقات المملكة بالدول الأخرى وفق سياسة معتدلة تساعد على تبادل المصالح والمنافع للمملكة مع الدول الشقيقة والصديقة، فضلا عن أن الملك عبدالعزيز حرص بعد أن آلت إليه السيطرة على كامل أرض الوطن على توفير الأمن والاستقرار للمواطنين والمقيمين، وعلى تأمين وحماية المملكة من أي عدوان خارجي وذلك باهتمامه ببناء القوات المسلحة وأجهزة الأمن في فترة زمنية مبكرة.

على أن اهتمامه بالتعاليم الإسلامية وخدمة المسلمين، وترسيخ المبادئ التي تعتمد في منهجها على الدين الإسلامي، كانت كلها ضمن الأولويات في سياساته لإدارة شؤون الوطن، حيث شهدت عمارة الحرمين الشريفين في كل من مكة المكرمة والمدينة المنورة توسعة وتحديث كل منهما كبداية تواصلت بعدها هذه السياسة في جميع عهود ملوك المملكة العربية السعودية، كما شهدت عمارة المساجد وانتشارها في جميع مناطق ومدن المملكة في عهده الميمون حركة غير مسبوقة آنذاك، وكل هذا تزامن مع اهتمامه بإنشاء المؤسسات الدينية، بما في ذلك المحاكم الشرعية، وفتح المعاهد العلمية الدينية، وكليات الشريعة، وهيئات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وغيرها مما يضيق المجال دون التوسع بالحديث عنها.

ولاشك أن الملك عبدالعزيز قد رسم لأبنائه الملوك من بعده سعود وفيصل وخالد وفهد - رحمهم الله جميعا - وخادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز - حفظه الله - السياسة التي تمكنهم من مواصلة هذا التوجه في خدمة الوطن والمواطنين، فرأينا في كل عهد ومع فترة كل ملك كيف تواصلت الإنجازات، وكيف تطورت المملكة اقتصاديا وتعليميا وصحيا وفي جميع وسائل الخدمات، ضمن ورشات عمل اهتمت بالمواصلات والطرق والزراعة والصناعة والخدمات البلدية، مع التوسع في تطوير أجهزة الدولة التي تشرف على المرافق، بحيث أصبحت المملكة تنمو وتتطور بسرعة وخطى تجاوزت كل التقديرات.

ولو أخذنا كل عهد، وتحدثنا عن إنجازات كل ملك، فإن هذا سوف يأخذ منا صفحات وصفحات، وحسبنا أن نلقي النظر - على سبيل المثال لا الحصر - على التطور العمراني، وعدد الجامعات والكليات والمعاهد والمدارس، والمستشفيات والمراكز الصحية، وأطوال الطرق، وعدد المصانع، والمؤسسات الاقتصادية والمالية، وشبكة الاتصالات، وغيرها من المشروعات التي تحققت فقط في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك عبدلله بن عبدالعزيز في فترة زمنية قصيرة وقياسية ليتبين لنا حجم ما تحقق مما تفخر المملكة ومواطنوها بإنجازها، ومثلها تحقق الكثير في عهد كل الملوك سعود وفيصل وخالد وفهد, وهكذا فإن الملك عبدالعزيز قد ترك الوطن في أيدٍ أمينة بدليل استمرار المملكة على ما رسمه لها من سياسات، ومن أن أبناءه ساروا جميعا على ما رسمه لهم والدهم العظيم.

ومع هذه الذكرى الخالدة، هناك إلى جانب الملك عبدالعزيز وأبنائه الملوك، سمو ولي العهد الأمير سلطان بن عبدالعزيز الذي تحمل مسؤولية بناء القوات المسلحة على مدى سنوات طويلة ولا يزال، ومثله سمو النائب الثاني الأمير نايف بن عبدالعزيز الذي تولى على مدى سنوات طويلة أيضا مسؤولية بناء أجهزة الأمن الداخلي، وهناك بقية أبناء الملك عبدالعزيز وعدد من أحفاده، وكثير من المواطنين ساهموا جميعا مع الملك عبدالعزيز أو مع بقية الملوك في بناء الدولة السعودية الحديثة، مايجعلنا نتذكرهم باعتزاز وفخر مع اليوم الوطني في كل عام، ويحضرني بالمناسبة وفي كل مناسبة يكون الحديث فيها عن اليوم الوطني سيدي الوالد سمو الأمير محمد بن عبدالعزيز - بحكم قربي منه والتصاقي به - فقد كان سموه -رحمه الله - واحدا من القادة الذين اعتمد عليهم الملك عبدالعزيز ووضع ثقته بهم لاستعادة الملك وبناء الدولة السعودية الحديثة، حيث أبدى - رحمه الله - كفاءة عالية في تنفيذ ماوجهه به الملك الراحل الملك عبدالعزيز - طيب الله ثراه - وقد واصل الوالد تسخير قدراته لخدمة الدولة دون أن يتسلم أي مناصب رسمية كبرى مما عرضت عليه، إذ فضل أن يقدم خدماته ويوظف تجربته من غير أن يلتزم بمسؤوليات حكومية رسمية، وهذا أعطاه الكثير من المرونة لكي تكون وجهات نظره مهيأة وجاهزة في الأوقات المناسبة بحيث أصبح مرجعية أحيانا لإخوانه في بعض وجهات النظر والمشورة حول ما يتعلق بخدمة الوطن والمواطن.

إذن، فاليوم الوطني، هو يوم الوحدة وبداية البناء، ويوم قراءة التاريخ لأخذ الدروس والعبر مما ارتبط بهذا اليوم الخالد، وهي مناسبة أنتهزها وأسعد بها لأرفع لمقام خادم الحرمين الشريفين عبدالله بن عبدالعزيز وسمو ولي عهده الأمير سلطان بن عبدالعزيز وسمو النائب الثاني الأمير نايف بن عبدالعزيز ولجميع المواطنين أسمى التهاني والتبريكات، سائلاً الله أن يديم على بلادنا ماتنعم به من خير وأمن واستقرار، وأن يحفظ لنا ولاة أمرنا ويوفقهم لخدمة الدين والوطن والمواطنين، سائلاً الله أن يتغمد الملك عبدالعزيز وأبناءه الملوك الذين انتقلوا إلى رحمة الله وكل من شارك في إقامة وبناء المملكة من المواطنين ممن توفاهم الله بواسع رحمته ورضوانه وأن يسكنهم فسيح جناته، وكل عام وأنتم بخير.

 

حفظ  

 
 
 
للاتصال بنا خدمات الجزيرة الأرشيف جوال الجزيرة الإشتراكات الإعلانات مؤسسة الجزيرة