Wednesday  29/09/2010 Issue 13880

الاربعاء 20 شوال 1431  العدد  13880

ارسل ملاحظاتك حول موقعنا     نسخة تجريبية
   
     

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

دوليات

           

ارتفعت أهمية المياه كعنصر رئيسي لمستقبل الحياة في العالم كله بل شكلت أهميتها حيزاً واسعا في الإستراتيجيات القومية للأمن بين الدول وخصص لها مساحة مميزة في رسم خطط التنمية الاقتصادية الشاملة لتداخلها بصورة مباشرة في نجاحها والوصول لإهداف الخطة بشكل تام مستخدماً للآليات الأخرى من أجل تحقيق نسبة عالية من التحول الاقتصادي والاجتماعي لأي مجتمع إنساني في العالم حتى أصبحت المياه المعنى الحقيقي للحياة.

ومع شح مصادر المياه في مناطق عديدة في عالمنا العربي الحاضر لظهور حالة من عدم (العدالة) في التوزيع المنتظر بين دول المنبع والمصب مما أدى إلى خلل في العلاقات الدولية في شرقنا العربي فدول المنبع تختزن مياه الأنهار في سدود كبيرة وتحجب عن جيرانها الكميات التي تسد حاجتها من هذه المياه تحت مبرر بأنها تبذر في استعمالها بشكل بدائي متخلف.. بهدر كميات كبيرة من هذه المياه المتوفرة لاستخدامته المتنوعة بل يهديها إلى المياه المالحة في بحور المصب دون الاستفادة القصوى منها وبطرق فنية معتمدة على أسس حديثة في الزراعة والصناعة وتوسيع رقعة النمو الاقتصادي والاجتماعي دون التأثير السلبي على البيئة العامة لتلك المجتمعات.

ولتزايد الاهتمام العالمي على مصادر المياه والسيطرة عليها شكل ثقلاً في ميزان العلاقات الدولية بل أصبح كثيراً من الأحيان نقطة ارتكاز في تلك العلاقات الإقليمية كما هو الحال بين تركيا المنبع وسوريا والعراق كدول المجرى والمصب بالنسبة لتوزيع مياه نهري دجلة والفرات على مصادر تلك المياه ويعطيها هذا المبرر حرية التصرف بثروتها الطبيعية بالشكل الذي يخدم مصالحها الاجتماعية والاقتصادية وتترك لدول الحوض ما تبقى من كميات من تلك المياه لتقاسمها بين دول المجرى والمصب دون منحها الحق القانوني في سيادة تلك المياه أو الطلب في زيادة نسب تدفقها في خزانات سدود المياه المنتشرة في وطن المنبع وقد عبر الرئيس سليمان ديميريل (رئيس جمهورية تركيا الأسبق) قائلاً: (لا يمكن لأي من سوريا والعراق أن تدعي حقاً في الأنهار التركية) أكثر مما تستطيع أنقرة أن تدعي حقا في أراضيها التي تنتج بترولاً، إنها مسألة سيادة فمنابع دجلة والفرات أرض تركية وهما لا يستطيعان المطالبة بحصة أكبر من الموارد المائية من هذين النهرين إلا بالقدر الذي تسمح به قدرة خزن سدودنا).

وقد تلعب الدبلوماسية المبنية على التلويح بالمصالح الاقتصادية الواسعة لتركيا مع تلك الدولتين الجارتين العربيتين للتأثير على السلوك السياسي والمؤثر في لهجة الخطاب السياسي الرسمي التركي بناء على مبدأ المنافع والمصالح المتبادلة التي تربط تركيا حاضراً بتلك الدول ووضع أسس عادلة في التوزيع المائي لحوض نهري دجلة والفرات بما يخدم تطلعات العراق بزيادة مساحة أراضيه المروية إلى أربعة ملايين هكتار في نهاية عام 2011م متزامنا مع زيادة المساحة المزروعة في الأراضي التركية الشرقية (مشروع الغاب) بحدود مليونين من الهكتارات.

وأضحت الضرورة واضحة لعقد اتفاقات ملزمة بين تركيا من جهة والعراق وسوريا لتنظيم الثروة المائية بينهم مستغلين المناخ الربيعي في العلاقات الإقليمية بينهم حاليا ودائماً رياح الاقتصاد تحرك شراع السياسة أن حسن توجيهها!! وظهرت رغبة سورية في بناء سد جديد مماثل لسد (الأسد) يكون موقعه على الطرف الشرقي من حوض نهر دجلة. والذي يروي أربعين كيلو متراً من الأراضي السورية فقط وبتمويل كويتي.

حظي هذا المشروع المقترح معارضة عراقية خشية أن يؤثر على مناسيب المياه المنسابة إلى الأراضي العراقية ولا بد من الاتفاق الثنائي بين الشقيقين قبل أن يشكل بناء هذا السد أزمة سياسية في العلاقات الثنائية بينهما، ولا يمكن إخفاء الأطماع الأسرائيلية في مصادر المياه في الدول العربية المجاورة لاستيطانها (لبنان - سوريا - الأردن - فلسطين) فإن تأمين مصادر وفيرة من المياه كان هدفاً عسكريا للاجتياح الإسرائيلي لدولة لبنان منها تحويل مجرى نهر الليطاني نحو الأراضي المغتصبة وبعد إخراجها من جنوب لبنان تمسكت الدولة الصهيونية بمزارع (شبعا) لغزارة المياه العذبة المتدفقة في عيونها وآبارها والتي تنقل بصهاريج لداخل إسرائيل وتعيدها معبئة للتصدير إلى قبرص ودول الاتحاد الأوروبي لعذوبة مياهها!

أما مياه نهر الأردن واليرموك والتي تشترك في حوضها لبنان وسوريا والأردن وفلسطين فمغتصبة من دويلة إسرائيل ولا بد أن توضع فقرة مهمة في اتفاق السلام المقترح مع إسرائيل لتشكيلها ركناً أمنيا ووطنيا للدول العربية المتشاطئة على هذين النهرين المهمين على اقتصادها ونموها الحياتي والإنساني ورفض الادعاء الإسرائيلي باعتمادها على مبدأ السرقة القائل: ( لنترك الحقوق السيادية الموروثة بل ليعتمد على مبدأ الاحتياجات الحضارية وتم ابتلاع مياه مرتفعات الجولان وبحيرة طبرية.

إن المستقبل القريب يهدد بشبح التصحر والجفاف للدول العربية الواقعة في منطقة المصب المتدني بمستويات مياهه مقابلاً بالغزارة المائية في سدود دولة المنبع مع هبة الرحمن سبحانه في زيادة مستمرة في مقاييس هطول الأمطار والثلوج على سهولها.

ولا بد من جهد وتواصل يشرك المنبع والمصب للوصول لعدالة التوزيع ووضعها الطبيعي لاعتبارات المنافع المتبادلة. ومبدأ تعميق أسس حسن الجوار!

عضو هيئة الصحفيين السعوديين - عضو جمعية الاقتصاد السعودية

 

الأمن المائي العربي ملف لا يقبل التأخير
عبد الإله بن سعود المنصور السعدون

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

حفظ  

 
 
 
للاتصال بنا خدمات الجزيرة الأرشيف جوال الجزيرة الإشتراكات الإعلانات مؤسسة الجزيرة