Thursday  30/09/2010 Issue 13881

الخميس 21 شوال 1431  العدد  13881

ارسل ملاحظاتك حول موقعنا     نسخة تجريبية
   
     

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

منوعـات

           

من كان يصدّق أن تتداول الصحافة المحلية، خلال أسبوع كامل، وعلى صفحاتها الأولى قضية فساد محكمة المدينة المنوّرة! فمنبع الدهشة أن تحدث قضية فساد... وأين؟ في محكمة؟ تخيّلوا أننا نكاد نؤمن بأن الجدار الأخير لإنصاف أيّ إنسان في أيّ أرض وفي أيّ زمان، هو القاضي، الذي يعد هو المؤتمن على حقوق الناس وأملاكهم وأنفسهم، بل إن تقدم الدول يقاس بمدى تساوي الناس أمام التشريع والقانون، وبالتالي انخفاض نسبة الفساد في هذه البلدان عن غيرها.

هذه القضية التي تورّط فيها ثلاثون شخصًا، ما بين موظفين في المحكمة ورجال أعمال، فضلا عن الوسيط الهارب، والذي كان يتولى أمور التنسيق في القضايا بين ممن هم داخل المحكمة وخارجها، وكل يوم تكتشف المباحث الإدارية طرفًا جديدًا في القضية، آخرهم كان وافد خمسيني سوري الجنسية كان يتولى التسويق لعقارات الوسيط الهارب خارج البلاد.

ومنبع الدهشة الثاني هو أن تحدث القضية في مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو الذي قال: القضاة ثلاثة، قاضيان في النار وقاض في الجنة... إلى آخر الحديث. وكأنما هذا الحديث لم يجف حبر راويه الترمذي بعد، لأنه صالح لكل زمان ولكل مكان، مع أنني لا أملك أن أتهم أحدًا في قضية لم تزل قيد التحقيق، فقد يظهر شيئًا لم نتوقعه في قضية شائكة كهذه.

أما منبع الدهشة الثالث والأخير، فهو تحوّل العمل الإعلامي لدينا بشكل لافت عما كان عليه قبل عشر سنوات، فبينما كنّا نظن أننا مجتمع طاهر ونزيه، لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، وأننا شعب الله المختار، لا نخطئ ولا نظلم أحدًا، ولا نسرق شيئًا، حينما كانت الصحف لا تنشر موضوعات سرقة المال العام والاختطاف والقتل والحوادث وغيرها، فكنّا نقول بأننا لسنا مثل الدول العربية والأجنبية التي تكثر فيها السرقات وحوادث القتل والانتحار، وأننا بلد إسلامي، وكأنما غيرنا ليست بلدانًا إسلامية، حتى تجردت الصحافة من قلق الرقيب وتردده، واكتشفنا أننا مثل غيرنا، بل إن غيرنا كانت لديه صحافة أكثر تحرّرًا، مما جعلنا نعتقد أن تلك الدول أكثر منّا في معدلات الجريمة، أما الآن وقد انطلقت الصحافة سريعًا، وأصبحت تتنافس على «التنكيد» علينا كل صباح، بقضايا الفساد والموت والقتل، فقد أدركنا أننا شعب طبيعي يعاني ويخطئ، ينجح ويفشل، يخلص ويخون، باختصار يحمل كل الطبائع والصفات الإنسانية، السلبية منها والإيجابية.

أخيرًا، علينا أن نسأل: ما الذي تغيّر كي تمارس الصحافة هذا الدور، هل هي أحداث الحادي عشر من سبتمبر؟ هل هي التأثير الخارجي أم رغبة الداخل والشعور بأهمية أن نحاكي الآخرين ونتجاوزهم؟ هل هي خدمة الإنترنت التي بات من الصعب التحكم في مراقبتها والسيطرة عليها؟ أم وسائط التعبير الجديدة من أجهزة الهواتف المحمولة؟ هل هو الزمان بكل ما يحمله من رياح التغيير، تقديرًا لمقولة «إذا ما طاعك الزمان...!»

أم هي كل هذه الأشياء معًا؟!

 

نزهات
«إذا ما طاعك الزمان!»
يوسف المحيميد

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

حفظ  

 
 
 
للاتصال بنا خدمات الجزيرة الأرشيف جوال الجزيرة الإشتراكات الإعلانات مؤسسة الجزيرة