Saturday  02/10/2010 Issue 13883

السبت 23 شوال 1431  العدد  13883

ارسل ملاحظاتك حول موقعنا     نسخة تجريبية
   
     

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الاقتصادية

           

(لسنا قانعين بالذي عملناه إلى الآن).. إنها العبارة القصيرة، والثقيلة الوزن جداً التي صدرتْ على لسان خادم الحرمين الشريفين –أيّده الله- حال استلامه للتقرير السنوي الصادر عن مؤسسة النقد العربي السعودي، وإنها لتحمل في مضمونها كونها صدرتْ عن الأب الأكبر لنا جميعاً؛ ما هو أثقل وزناً، وأكثر بصيرةٍ مما ورد في واحدٍ من أهم التقارير الاقتصادية إن لم يكن الأهم الذي اعتادتْ مؤسسة النقد إعداده بصورةٍ سنوية. قالها وبين يديه تقريرٌ (يرصد) كافّة تطورات الاقتصاد الوطني منذ 1970م إلى الوقت الراهن، وفي سياقها أجدُ أنه من الواجب جداً علينا جميعاً في مقدمتنا مؤسسة النقد العربي السعودي، أن نبحثَ دون كللٍ في أعماق هذه العبارة المسؤولة، الصادرة عن المسؤول الأول في وطننا الحبيب، وأن نُخلص في أعمالنا وجهودنا من أجل أن نصل بها إلى مستوى (القناعة) التامّة التي تستحق الإشادة والشهادة من لدن خادم الحرمين الشريفين –أيده الله- ومعه شعبه الكريم الذين تحدث باسمه واسمهم حينما نطق العبارة أعلاه.

إن البحث في أعماق ما تفضل به ولي الأمر، ليتطلب جهوداً واسعة النطاق جداً، لن يستطيع هذا المقال القصير الإحاطة بها مهما فعل، وما أطمح إضافته هنا إلى بحر تلك الجهود المنتظرة من قبل كافّة المعنيين بها في الجهاز الحكومي، لا يتعدّى كونه قطرةً في محيطٍ عظيم! إذ لن تتعدّى الإضافة هنا حدود التقرير السنوي لمؤسسة النقد، إنها إضافةٌ استندتْ إلى تجربة نحو سبع سنواتٍ، تشرفتُ خلالها بالعمل فيها ضمن فرق العمل التي اضطلعتْ بمهام إعداد هذا التقرير السنوي. أستهدف في ثنايا هذه الإضافة تحقيق هدفين لا ثالث لهما؛ أولاً: الاقتراب أكثر بمشروع هذا التقرير الاقتصادي الشامل لمؤسسة النقد من (القناعة) المنشودة أعلاه، ثانياً: الاقتراب أكثر من الهدف العام والأساس لهذا التقرير وغيره من التقارير الأخرى الدورية الصادرة عن المؤسسة، والمبين بوضوحٍ تام في المادة الخامسة من نظام مؤسسة النقد (تقوم المؤسسة بإنشاء دائرة للأبحاث، وظيفتها جمع وفحص كافة المعلومات اللازمة، لمعاونة الحكومة والمؤسسة في وضع وتنفيذ السياسة المالية والاقتصادية التي تنتجها)، ونركّز هنا على العبارة الأخيرة (وضع وتنفيذ السياسة المالية والاقتصادية التي تنتجها)، والتي من نصّها تؤكد صراحةً على الدور والمسؤولية الجسيمين الملقيين على كاهل مؤسسة النقد؛ بأن تتضمن تقاريرها المختلفة بما فيها التقرير السنوي ركائز استشرافية لمستقبل مختلف قطاعات الاقتصاد الوطني والتوقعات المنتظرة في منظور عامين قادمين على أقل تقدير، متضمنةً الحيثيات التي على أساسها تم افتراض تلك التوقعات والتقديرات، مقترنةً بتشخيصٍ دقيق للمعضلات أو المعوقات الراهنة التي تتكدس في وجه الاقتصاد، والحلول والتوصيات المقترحة واللازمة من أجل تجاوزها، أو على الأقل التخفيف من تأثيرها السلبي على النمو والاستقرار الاقتصادي المحلي. على أنه ينبغي الإشارة والتأكيد إلى أن تلك المطالب المشروعة أعلاه والمستندة إلى المادة الخامسة من النظام، لا ترتبط فقط بمحتوى التقرير السنوي فقط؛ بل إنها أيضاً تصعد إلى أهمية الأخذ بها في عين الاعتبار عند إصدار أي من التقارير الدورية (الشهرية، الربع سنوية) التي اعتادتْ مؤسسة النقد على إصدارها بانتظام (وهو ما يُحسب لها بكل تأكيد)، وماذا يحتاج صاحب القرار والصلاحية للوصول إلى درجة (القناعة) المطلوبة غير (تشخيص المشكلة) و(الأسباب الكامنة خلفها) و(التوصية والحل المقترح)؟!

إنها الحلقة الأهم (الغائبة) في التقرير السنوي للمؤسسة وبقية التقارير الدورية! هل هو كافٍ أن نعلم (مجرد العلم) بما جرى في الماضي؟!

هل سنشهد تغييراً جذرياً في آلية ومحتوى أي من تلك التقارير؟ أم أننا سنتوقف فقط عند حدِّ وصف ما تحقق بأنه كان (حصيفاً)، رغم أنه (غير مقنع)، ليس أمامنا جميعاً وبالقياس على كل ما تقدّم أعلاه إلا أن نتمسك جادّين برأي الجانب الأعلى؛ الأوسع والأبعد نظراً من الجانب الأدنى بكافّة المقاييس. وأول النتائج المفترض تحققها في هذا السياق تحديداً، أن نلمس تغييراً جذرياً في آلية ومحتوى جميع التقارير الاقتصادية القادمة (الشهرية، الربع سنوية، السنوية)، التي تضطلع مؤسسة النقد بمهام إصدارها بانتظام، والاقتراب خطوة بخطوة من تحقيق الهدف الأساس من إصدار تلك التقارير).

إنه أمرٌ قابل للتحقق من جانب مؤسسة النقد بأفضل مما قد نتصوره، يؤكد إمكانية تحققه بالدرجة الأولى ما تحفل به المؤسسة من توافر كفاءاتٍ بشرية وطنية عالية التأهيل بصورةٍ ملفتة، وكافية في أعدادها، لا أبالغ إذا قلتُ إنها تتفوق بكفاءتها وخبرتها وتأهيلها العالي على كافّة ما يتوافر لأي جهةٍ حكومية أخرى! بل إن الإدارة العامّة للأبحاث الاقتصادية والإحصاء (الإدارة المكلفة بإعداد تلك التقارير) تتمتع بروافد لا تنضب من تلك الكفاءات الوطنية، تستمدها من المخرجات المُشرفة (لبرنامج الاقتصاديين السعوديين) الذي اعتمدته الإدارة العليا في مؤسسة النقد منذ أكثر من 10 سنوات ولا يزال قائماً، والذي يُعد من أهم المشاريع الرائعة التي اعتمدتها مؤسسة النقد. مؤدّى كل ذلك؛ يؤكد امتلاك المؤسسة (إدارة الأبحاث الاقتصادية) للقدرة الكافية والمؤهلة لتحقيق الهدف الثاني أعلاه على الأقل في أقرب زمن! ومن ثم التقدّم وإن بخطىً متئدة على طريق الاقتراب من الهدف الأول، ولا أرى أبداً أن بلوغ هذين الهدفين إلا ممكناً ومتوافراً؛ شرط أن تُمنح فقط تلك الكفاءات الوطنية أمرين: الأول – الثقة الكاملة في كفاءة تلك الموارد البشرية الوطنية العالية التأهيل، والأمر الثاني – المقابل المالي المجزي جداً، والأجور العادلة وفقاً للمعايير المتعارف عليها في سوق العمل المحلية لقاء جسامة وأهمية المهام والمسؤوليات الموكلة إليها.

إننا جميعاً سنكون في انتظار ما سيصدر من تقارير دورية عن مؤسسة النقد، وسنطلع ونقرأ محتوياتها ونقارن؛ هل تحسنتْ فعلاً وحققت اقتراباً ملموساً من (القناعة) المنشودة، أم أنها توقفتْ عند حدود (مجرد الرصد) ووصف ما هو غير مقنع في الأصل بالحصيف فقط؟! ننتظر جميعاً ونرى، ما يعني أن لي عودة إلى هذه القضية -بمشيئة الله- للتعرّف على ما إذا تحقق تقدّم يُذكر أم لا. والله ولي التوفيق..

* عضو جمعية الاقتصاد السعودية

me@abdulhamid.net
 

(لسنا قانعين بالذي عملناه إلى الآن)
عبدالحميد العمري *

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

حفظ  

 
 
 
للاتصال بنا خدمات الجزيرة الأرشيف جوال الجزيرة الإشتراكات الإعلانات مؤسسة الجزيرة