Sunday  03/10/2010 Issue 13884

الأحد 24 شوال 1431  العدد  13884

ارسل ملاحظاتك حول موقعنا     نسخة تجريبية
   
     

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

محليــات

 

رحم الله فقيدنا الفريق الحماد
اللواء/ د. إبراهيم بن محمد المالك

رجوع

 

 

 

 

 

 

 

 

 

سبحان الواحد الأحد، سبحان الفرد الصمد، سبحان الله الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفواً أحد، والحمد لله الذي جعلنا مسلمين، وأكملنا برسالة خير العالمين، ونحمده جل وعلا أن هدانا للإسلام، وأوجب علينا أركان الإيمان وأحدها الإيمان بالقضاء والقدر، وهنا لابد لنا أن نقف مؤمنين قانعين بما قدره الله لنا، ولإيماننا بذلك فإنه من الطبيعي أن نفارق كل يوم ، وبرضى دون سخط العديد من الموتى الذين انتقلوا إلى رحمة الله تعالى، ومن وقت لآخر نودع أحبة غالين، وأصدقاء أوفياء، ورجالاً مخلصين، وهذه سنة الحياة، ولا شك بأن ذلك هو المصير المحتوم لقوله تعالى (قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلَاقِيكُمْ ) (8) سورة الجمعة.

لقد كان مساء يوم الثلاثاء الماضي 19 شوال من هذا العام 1431هـ مساءً حزيناً جداً بالنسبة لي، حين تلقيت وببالغ الأسى والحزن نبأ انتقال معالي الفريق الأول الركن المتقاعد محمد بن صالح الحماد، مساعد وزير الدفاع والطيران والمفتش العام للشؤون العسكرية إلى رحمة الله، ولا شك بأن الأعمار بيد الله، ولا مناص من قضاء الله، ولكن بمقياسي البشري القاصر جداً، والذي لا يتعدى دنيانا الفانية، فإن بفقد معاليه فقد وطننا العزيز أحد أبنائه المخلصين الذي تفانى في خدمته وقدم خلاصة فكره وجهده، وعمله، في خدمة أمته ومليكه ووطنه، لقد كان معاليه عسكريا محترفا أحب وطنه فأخلص له، كنَّا نجده في جميع المواقف والمواقع رجلا متفاني في عمله لخدمة دينه وأمته ومواطنيه، قائداً عسكرياً من الحجم الاحترافي الكبير، ومحترفا عسكريا من الطراز الأول، كان يرحمه الله، ذا مهابة لقوة شخصيته، وذا حضور جذاب لكثرة تواضعه، عرفت عنه الكثير ولكن ما أعجبني في شخصيته عدم الخلط بين كثير من الأمور، فلا المواقف الخلافية في العمل تؤثر على علاقته الشخصية مع نفس الشخص المختلف معه، ولا الجو العام مهما كانت الظروف التي أوجدت ذلك الجو، كانت تؤثر على عمله وقراراته، كان رحمه الله رجلاً رزيناً ذا عقل راجح، فسبحان من أوجد فيه هذه الخصلة وهي رجاحة العقل والحكمة.

لقد تعاملت معه يرحمه الله أثناء عمله في كثير من الأماكن والقيادات، فنعم القائد كان، هذا العسكري المحترف والذي تشرب العسكرية وأصبحت في دمه منذ عام 1373هـ تاريخ تخرجه من الكلية الحربية بجمهورية مصر العربية، وتدرج رحمه الله في خدماته الميدانية حتى أصبحت بصماته شاهدة للعيان في كل مكان عمل به يرحمه الله، فمن مدرسة المدفعية، إلى البطارية 120 بالخرج، إلى ضابط معلم بكلية الملك عبدالعزيز الحربية ثم انتقل بعدها قائداً لفوج المدفعية 90 مم ط، كل هذه الخدمات الميدانية التي تجاوزت الستة عشرة عاماً في مختلف مناطق المملكة جعلت منه رحمه الله ذا قوة بأس، وعمق في المراسى، أهلته ليتبوء منصب مساعد قائد الدفاع الجوي م/ط في عام 1386هـ ثم مساعداً لقائد الدفاع الجوي صواريخ، وكان ذلك عام 1391هـ بعدها تقلد يرحمه الله منصب قائد الدفاع الجوي في شهر شعبان من عام 1391هـ، كل هذا قبل أن ينفصل الدفاع الجوي كقوة مستقلة.

بعدها تولى منصب قائد المنطقة الجنوبية في عام 1395هـ، حيث استمر في قيادته للمنطقة أكثر من أربعة أعوام، ثم صدر الأمر السامي بترقية معاليه في عام 1399هـ إلى رتبة فريق وتعيينه قائداً للقوات البرية، إلى أن صدر التوجيه الكريم بتعيينه رئيساً لهيئة الأركان العامة برتبة فريق أول ركن واستمر في هذا المنصب إلى أن صدر الأمر السامي بإحالة معاليه إلى التقاعد من الخدمة العسكرية، وتعينه مساعداً لوزير الدفاع والطيران والمفتش العام للشؤون العسكرية وبحكم عملي في إدارة الشؤون العامة للقوات المسلحة، فقد كنت على تواصل مع معاليه لا سيما إبان قيادته للقوات البرية ثم رئاسة هيئة الأركان العامة. فسبحان الله الذي أودع في ذلك الرجل روح العمل والعطاء والإخلاص والتضحية، كان لديه قدر كبير من نكران الذات كما كان ينسى نفسه في العمل بتفانٍ منقطع النظير، رجل صادق كريم النفس، وفي النزاهة فحدث ولا حرج، كان يعجبني كثيراً بدقته في الالتزام بالمواعيد، وحرصه الشديد عند استقبال الوفود الخارجية الذين يفدون ضيوفاً على وزارة الدفاع والطيران والمفتشية العامة بعرض وجهات نظر المملكة العربية السعودية ممثلة في وزارة الدفاع وفي جميع الأمور بوضوح تام وبإخلاص شديد، كما كان يمارس كثيراً دور المتحدث عن بلده أمامهم برجاحة عقل ومسؤولية كبيرة، لقد كان غفر الله له حريصاً جداً على إنهاء المعاملات الإدارية أولاً بأول وبمنتهى الحرص، سمعته يوماً يشير لأحد مرؤسيه من القادة بأن من أوجب الواجبات علينا ونحن في هذه المكاتب الوثيرة أن نراعي حقوق جنودنا في الوحدات الميدانية، وأن نراعي الله فيهم، وعلينا أن نهتم بجميع أمورهم صغيرها وكبيرها. لقد رافقت معاليه في عدة زيارات ضمن وفود رسمية خارج المملكة، فكان نعم الأخ، والرفيق، والزميل، لم أشعر معه في يوم من الأيام إلاَّ أنني مع أحد أقرب الأقرباء وهذا شعور الكثيرين عنه من الذين رافقوه علماً بأنه هو القائد ورئيس الوفد ولكن كما قلت في البداية، لديه شخصية قيادية عجيبة تجعل كل من يعمل معه يحبه بإخلاص كانت تعجبني فيه أمانته، ونزاهته، وصدقه ووضوحه والتزامه رحمه الله، بحكم خبرته الميدانية الكبيرة، وخلفيته التدريبية الجيدة، فقد كان يمارس دور القائد والمعلم والمدرب، والموجه، توجيهاته على المعاملات الإدارية واضحة الهدف ولا أذكر أنني راجعته في شرح لم أفهمه، رحم الله قائدي ومعلمي، الفريق الأول الركن محمد بن صالح الحماد، الذي لم يبخل علينا في يوم من الأيام بتوجيه أو تعليم أو نصيحة، لقد كنت أهابه وأحترمه وأحبه لإيماني العميق بإخلاصه، وقناعتي القوية بخلفيته العملياتية والميدانية، لذا فإنني كنت دائم الحرص على السماع لمعاليه للاستفادة من خبراته، وحينما كنت أعاوده بمستشفى القوات المسلحة بالرياض للاطمئنان عليه، كان يسارع هو في السؤال عن كل واحد منَّا للاطمئنان على الجميع، كان قوي الإيمان بالله قانعاً بما كتبه الله له، وهذا عزاء كل مسلم صادق لأننا وعدنا من رب العالمين على لسان رسوله الكريم :( بأن حتى الشوكة يشاكها الإنسان له بها أجر).

فالله أسأل أن يرحم أخينا الكبير وقائدنا وموجهنا الفريق الأول الركن محمد بن صالح الحماد مساعد وزير الدفاع والطيران والمفتش العام للشؤون العسكرية (سابقاً) وأن يكتب له الأجر المضاعف عن كل لحظة من لحظات مرضه وأن يجزل له المغفرة، وأن يسكنه الفردوس الأعلى من الجنة.

كما أسأله جلت قدرته أن ينزل السكينة على كافة أهله وذويه ومحبيه وأن يعظم أجرنا وأجرهم بفقيدنا وفقيدهم.

 

رجوع

حفظ  

 
 
 
للاتصال بنا خدمات الجزيرة الأرشيف جوال الجزيرة الإشتراكات الإعلانات مؤسسة الجزيرة