Wednesday  06/10/2010 Issue 13887

الاربعاء 27 شوال 1431  العدد  13887

ارسل ملاحظاتك حول موقعنا     نسخة تجريبية
   
     

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

دوليات

 

هل نتمكن من إنقاذ الأهداف الإنمائية للألفية؟
شاشي ثارور (*)

رجوع

 

في عام 2015 يحين الموعد المستهدف لتحقيق الأهداف الإنمائية للألفية، والواقع أن العالم يدرك تمام الإدراك أنه لا يسير على المسار الذي قد ينتهي به إلى تحقيق تلك الأهداف في الموعد المحدد. لذا فمن المقرر أن يجتمع زعماء العالم في الأمم المتحدة لإجراء مراجعة شاملة، بهدف الاتفاق على خريطة طريق ووضع خطة عمل لإعادة الأهداف الإنمائية للألفية إلى المسار السليم الذي يسمح بتحقيقها في الموعد المحدد.

كنت في الأمم المتحدة في سبتمبر/أيلول 2001 عندما اجتمع قادة العالم في إطار قمة الألفية وتعهدوا بالعمل من أجل تخليص الإنسانية من «خزي الفقر المدقع والظروف غير الإنسانية المهينة»، و»جعل الحق في التنمية حقيقة واقعة بالنسبة للجميع». وتشتمل هذه التعهدات على الالتزام بتحسين قدرة أفقر فقراء العالم على الوصول إلى التعليم، والرعاية الصحية، والمياه النظيفة، وإزالة الأحياء الفقيرة القذرة، وعكس مسار التدهور البيئي، والتغلب على التفرقة بين الجنسين، وعلاج عَرض نقص المناعة البشرية المكتسبة (الإيدز) ومكافحة الفيروس المسبب له.

والواقع أنها قائمة طموحة، ولكن يأتي على رأسها من حيث الأهمية الهدف الثامن، الذي يدعو إلى «إنشاء شراكة عالمية لدعم التنمية». وهو يتألف من أربعة أهداف محددة: تأسيس نظام مفتوح وعادل وقائم على قواعد ثابتة للتجارة والتمويل، وتوجيه اهتمام خاص لاحتياجات البلدان الأقل نمواً، ومساعدة الدول النامية غير الساحلية والدول التي تتألف من جزر صغيرة، وتبني تدابير وطنية ودولية للتعامل مع مشاكل الديون التي تعاني منها البلدان النامية.

والواقع أن كل هذا يتلخص في صفقة كبرى واحدة: ففي حين تتحمل البلدان النامية مسؤولية أساسية واضحة عن تحقيق الأهداف الإنمائية للألفية فإن البلدان المتقدمة لابد وأن تلتزم بتمويل ودعم الجهود الرامية إلى التنمية في هذه البلدان.

بيد أن هذا لم يتحقق. ففي قمة مجموعة الثماني التي استضافتها مدينة جلين إيجلز في أسكتلندا ومؤتمر القمة العالمي للأمم المتحدة الذي انعقد في عام 2005، تعهدت الجهات المانحة بزيادة مساعداتها بمقدار 50 مليار دولار أميركي بأسعار عام 2004، وبمضاعفة مساعداتها إلى إفريقيا من مستويات 2004 بحلول عام 2010. ولكن مساعدات التنمية الرسمية في العام الماضي بلغت 119.6 مليار دولار، أي ما يقرب من 0.31% فقط من الناتج المحلي الإجمالي للبلدان المتقدمة وهو ما لا يبلغ حتى نصف الهدف الذي حددته الأمم المتحدة ب0.7% من الناتج المحلي الإجمالي. بل إن مساعدات التنمية الرسمية هبطت بنسبة تتجاوز 2% في عام 2008.

وتعترف الأمم المتحدة بأن التقدم كان متفاوتاً، وأن العديد من الأهداف الإنمائية للألفية من المرجح ألا تتحقق في أغلب مناطق العالم. ففي عام 2005 كان ما يقدر بنحو 1.4 مليار شخص يعيشون في فقر مدقع، ومن المرجح أن يكون هذا الرقم قد ارتفع اليوم، وذلك بسبب الأزمة الاقتصادية العالمية. كما استمر عدد من يعانون من نقص التغذية في النمو، في حين توقف التقدم في الحد من انتشار الجوع - بل وربما تراجع - في بعض المناطق أثناء الفترة 2000-2002 والفترة 2005-2007.

ويعاني طفل من كل أربعة أطفال تحت سن الخامسة من نقص الوزن، وهو ما يرجع أساساً إلى الافتقار إلى التغذية السليمة والمياه النظيفة ومرافق الصرف الصحي والخدمات الصحية، والممارسات الرديئة في مجال الرعاية والتغذية. ولم يحقق هدف المساواة بين الجنسين وتمكين المرأة، والذي يشكل ضرورة أساسية للتغلب على الفقر والمرض، إلا تقدماً متقطعاً في أفضل تقدير، هذا فضلاً عن عدم تحقيق التقدم اللائق على مسار توفير فرص التحاق الفتيات بالتعليم أو تحسين فرص المرأة في الوصول إلى السلطة السياسية.

ولقد حان الوقت لتعزيز الهدف الثامن من الأهداف الإنمائية للألفية بطريقتين أساسيتين. أولاً، يتعين على البلدان المتقدمة أن تلتزم بزيادة كل من حجم ومدى فعالية المساعدات المقدمة إلى البلدان النامية. ولابد وأن تساهم المساعدات في إعانة البلدان النامية من أجل تحسين رفاهية أشد سكانها فقراً بما يتفق مع أولويات التنمية لديهم. ولكن الجهات المانحة كثيراً ما تشعر بالالتزام بجعل مساهماتها «مرئية» لجماهيرها الانتخابية وأصحاب المصالح، بدلاً من إعطاء الأولوية لوجهات النظر والمشاركات المحلية.

وهناك مشاكل أخرى متصلة بمساعدات التنمية. ذلك أن متطلبات تقديم التقارير مرهقة وكثيراً ما تفرض أعباءً إدارية ضخمة على البلدان النامية، التي تضطر لتخصيص المهارات النادرة للمتعلمين ممن يجيدون اللغة الإنجليزية لكتابة التقارير للجهات المانحة بدلاً من إدارة البرامج. وكثيراً ما تعمل الوكالات المانحة على توظيف أفضل المواهب المحلية، وبرواتب تعمل عادة على تشويه سوق العمل. وفي بعض البلدان يجد الأطباء أن عملهم كمترجمين لوكالات المساعدة الخارجية مجز أكثر من عملهم في علاج المرضى الفقراء.

ومن ناحية أخرى يؤدي نفوذ الجهات المانحة إلى إضعاف قدرة البلدان النامية على مساءلة موظفيها الرسميين.

ويتعين علينا أن نغير الطريقة التي يدير بها العالم مسألة تقديم مساعدات التنمية. والواقع أننا في حاجة إلى شراكة حقيقية حيث تتولى البلدان النامية الزمام فتقرر بنفسها ما تحتاج إليه بالفعل وكيف تستخدمه على النحو الأمثل. ولا يصلح ضعف قدرة البلدان المتلقية على استيعاب المساعدات كمبرر لتحكم الجهات المانحة في المساعدات وتوجيهها على النحو الذي يوافق أهواءها. وينبغي لنا أن نضع نصب أعيننا هدف المساعدة في خلق هذه القدرة وتعزيزها. والواقع أن بناء القدرات في مجال الموارد البشرية يشكل في حد ذاته طريقة مفيدة لتحقيق الهدف الثامن من الأهداف الإنمائية للألفية.

ولا شك أن القيام بهذه المهمة من شأنه أن يخدم مصالح الجهات المانحة أيضا. ذلك أن التوفيق بين المساعدات وإستراتيجيات وهياكل التنمية الوطنية، أو مساعدة البلدان على ابتكار مثل هذه الإستراتيجيات والهياكل، من شأنه أن يضمن إنفاق هذه المساعدات على نحو مفيد وأن يضمن دوام هذه الجهود. لذا فيتعين على الجهات المانحة أن تدعم السياسات التعليمية السليمة بدلاً من بناء مدرسة جميلة المظهر؛ وأن تساعد الحملات الصحية بدلاً من بناء عيادة متألقة؛ أو أن تعمل على المسارين - شريطة أن يكون ذلك جزءاً من سياسة أو حملة شاملة وليس مشروعاً منفرداً قائماً بذاته.

فالإعانات الزراعية في الاتحاد الأوروبي على سبيل المثال، مرتفعة بالقدر الكافي للسماح لكل بقرة في أوروبا بالسفر جواً على درجة رجال الأعمال حول العالم. كيف يتسنى إذن للمزارع الإفريقي - على الرغم من التكاليف الأولية المتدنية - أن ينافس؟

ولا تقع المسؤولية عن هذا على البلدان المتقدمة وحدها. فالبلدان النامية أيضاً بذلت تعهدات جادة لشعوبها، والمسؤولية الأساسية عن الوفاء بتلك الالتزامات تقع على عاتقها. ولكن الهدف الثامن ضمن لها أنها لن تكون وحدها في هذا الجهد. وما لم يتغير ذلك فإن الأعوام الخمسة المقبلة سوف تكون بمثابة الطريق إلى الفشل.

خاص بـ الجزيرة(*) شاشي ثارور وزير خارجية الهند الأسبق

 

رجوع

حفظ  

 
 
 
للاتصال بنا خدمات الجزيرة الأرشيف جوال الجزيرة الإشتراكات الإعلانات مؤسسة الجزيرة