Wednesday  06/10/2010 Issue 13887

الاربعاء 27 شوال 1431  العدد  13887

ارسل ملاحظاتك حول موقعنا     نسخة تجريبية
   
     

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

محليــات

           

{كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَنَبْلُوكُم بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ} (الأنبياء: 35).

هو وحده الموت يدق أجراسه في سمعك فيجعلك تترك كل شيء وأي شيء وتهرع لأحبابك تواسيهم ويواسونك ترتمي في أحضانهم مثل طفل صغير حزين مكلوم، غلالة سوداء ترتمي على كل شيء حولك، الشمس ليست هي الشمس ولا النهار هو النهار، ولا الوجوه هي الوجوه!

تسلم أحبابك للتراب تباعاً، تودع أجسادهم التي احتضنتها كثيراً ومنحتك منذ طفولتك ألوان الحنان، اعتمرت فؤادك معهم وبهم مشاعر الانتماء والإحساس بأنك لست وحيداً، ثمة أيد تمتد كانت تحيطك، تهبك معنى الأسرة الممتدة التي هي أجمل ما منحه الخالق لنا.

فجأة وعبر رسالة جوال تجد نفسك معلقاً بحثاً عن مقعد في طائرة, تؤجل كل ما كنت تظنه لا يؤجل، تنهج بأحزانك وأنينك، تستيقظ الهواجس، ليتك كنت تزور من رحل كثيراً، ليتك كنت تغذي سمعك بصوته كل أسبوع، حين نفقد الأحباب ندرك كم هي المساحة التي يشغلونها في حياتنا وندرك أن إحساسنا الدائم بأنهم يحبوننا، يكفي أن نطل عليهم ولو بعد حين، فيغفرون لنا انشغالنا وتقصيرنا.

حين تأتي الأماكن توقظ جراحك، تثير لوعة لا وسع لقلبك الضعيف بها. تعبر ذاكرتك صور عمرك وأيامك ووجوه الأحباب الذين رحلوا تباعاً وهم ركن أساس فيها، لهم فيها بصمات كبرى لا تنمحي، تشعر أنك قطار يفقد عرباته تباعاً فيبقى وحيداً في النهاية أو ربما تذهب عربتك فيبقى الآخرون يتألمون فقدك. حياتنا في لحظة تستحيل إلى فاقد أو مفقود، طوال أيام العزاء تحيطك هذه الحقيقة، ولربما تناولك إحساس باللاجدوى من الحزن واللاجدوى من الفرح فأنت محض كائن لا تملك خيار بقائك من عدمه ولا تملك خيار الإبقاء على من تحب، فبماذا تفرح وعلى ماذا تبكي ؟؟

لكنك تستعين بالله الحي الذي لا يموت في فهم حقيقة الوجود والعدم والصيرورة الإلهية وتجد في كلمات القرآن العظيم ملجأ وسكينة،

لا ريب أن الجانب الفلسفي لحقيقة الموت والحياة مهم في تدبرنا وتأملنا لهذه الحقيقة، بل إن الرسول عليه الصلاة والسلام قال كفى بالموت واعظاً ولهذا استغرب أن يبذل البعض وقتهم في سبيل وعظ الناس وهم على مشارف الموت كالمرضى -عافاهم الله- أو من لوعتهم مرارة الفقد ورحيل الأحباب. أليس في مصابهم سبيلاً كافياً للعظة ؟ إذ اختبرهم الله في أغلى ما يملكون.

اللهم امنح كل مبتلى بالمرض وكل مبتلى بالحزن ومرارة رحيل الأقراب والأحباب -امنحه اللهم- الصبر والسكينة وحببه بالحياة وارزقه بالفأل الذي يعينه على مداواة أحزانه والعود مجدداً للحياة وعمارة أرضك التي استخلفته فيها، اللهم آمين.

اللهم ارحم واغفر وعلِّ مقام عمي -أبو سليمان - في الجنة وأنزله نزل الصالحين يا عظيم يا منان.

 

نهارات أخرى
الموت الذي يخطفك من كل شيء !
فاطمة العتيبي

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

حفظ  

 
 
 
للاتصال بنا خدمات الجزيرة الأرشيف جوال الجزيرة الإشتراكات الإعلانات مؤسسة الجزيرة