Tuesday  19/10/2010 Issue 13900

الثلاثاء 11 ذو القعدة 1431  العدد  13900

ارسل ملاحظاتك حول موقعنا
   
     

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الرأي

           

الخدمات اللوجستية في محاضننا التربوية كالصيانة والنظافة والحراسة والنقل والاتصالات كانت وما زالت مشاكل حقيقية في العديد من مناطقنا التعليمية يضاف إلى هذه السلسلة الذهبية «التغذية المدرسية» فالمتعهد لتشغيل المقاصف غالباً ليس متخصصاً في هذا المجال المهم من مجالات الاستثمار المعروفة، ولا يلتزم بشكل دقيق بالشروط المتفق عليها بالعقد، وربما ترك إدارتها لغيره من الباطن، كل هذا بحثاً عن الربح السهل والمضاعف ولو على حساب أبنائنا الطلاب وجودة الخدمة التي تقدم في مدارسنا المختلفة، والأمر وللأسف الشديد لا يقتصر على التعليم العام بل حتى في العالي خصوصاً في عدد من جامعات الأطراف!!، وهذه المشكلة على وجه الخصوص غالباً ما تتركز في مدارس ومجمعات البنات، أو بالأصح تظهر بشكل واضح في هذه المدارس ولأسباب كثيرة، وقد تلجأ إدارة المدرسة للتشغيل الذاتي بعد أن تصل إلى طريق مسدود مع هذا المتعهد أو ذاك الذي تمثله في المفاوضات والتحصيل والمراقبة والتدشين امرأة ليس لها من الأمر شيء وتدار من خلف جدار!!، ليس هذا هو موضوعنا الأساس في هذا المقال، ولكن ما حز في نفسي ورغبة أن يطلع عليه الناس العقلاء الذين يتحركون من أجل الإصلاح والبناء، أن متعهداً ما... تم الاتفاق معه لتشغيل عدد من المقاصف المدرسية في إحدى المناطق التعليمية وربما في أكثر من منطقة، يوظف بناتنا «بخمسمائة ريال سعودي في الشهر»!!، وهذا أقل حتى من راتب العاملة المنزلية الجديدة المتكفل كفيلها بأكلها وشربها وسكنها وإقامتها وتذاكر سفرها وتنقلها!!، طبعاً مهما كانت المبررات فهذه صورة بشعة لاستغلال حاجة هذه الفئة القابعة تحت خط الفقر في بلد الخير والعطاء «المملكة العربية السعودية»، وكما قلت في مقال سابق «بطالة المرأة أشد وأنكى من بطالة الرجل».

لقد حاولت أن أوزع هذه الورقة الواحدة ذات فئة «الخمسمائة ريال» على مكونات هذه الموظفة المختلفة والمتعددة فلم أستطع إلى ذلك سبيلاً، فهي لا أدري، هل هي:

- مقابل الكرامة الإنسانية التي تنعم بها هذه «الفتاة - الإنسان» منحة من الله عز وجل، إذ إن هناك فرقاً كبيراً بين الاسترقاق والتوظيف، كما أن هناك فرقاً شاسعاً بين استئجار جماد أو حيوان وكون هذا العامل إنسان أياً كان لونه أو جنسه أو عقيدته أو وطنه.

- أو أنها مقابل حملها هوية وطنية «سعودية»، إذ إن من المعروف أن للجنسية مقابلاً مادياً ومعنوياً، وكما أن على الموطن واجبات فله حقوق ومميزات داخل حدود بلاده التي يشرف بالانتماء لها.

- أو أنها مقابل أنوثتها وما تفرضه عليها من نمط سلوكي مجتمعي معروف فهي تحتاج إلى أن تلبس بالشكل الذي يتوافق وطبيعتها التي خلقها الله عليها ويتلاءم كذلك مع بيئة العمل «المدرسة» التي ستعمل فيها فهي مهما كانت تنظر إلى المعلمات والموظفات وتحاول أن تجاري الواقع الذي هي فيه، وربما احتاجت إلى سائق يوصلها إلى مقر وظيفتها الجديدة فهي لا يمكن لها أن تقود السيارة بنفسها، وأقل مبلغ يأخذه هذا السائق الهندي أو البنغالي 300 ريال في الشهر هذا في غير المدن الكبيرة المكتظة بالسكان مترامية الأطراف.

- أو أنها مقابل قولها لأهلها وصديقاتها أنني حصلت على وظيفة «البعد الاجتماعي».

- أو أنها مقابل تركها لبيتها إن كانت متزوجة من أجل تعزيز وضعها الاقتصادي والرفع من دخل هذه الأسرة الفقيرة.

- أو أنها مقابل شهادتها، إذ إن هناك من تتقدم لهذه الوظيفة «بائعة في مقصف مدرسي» وهي تحمل درجة البكالوريوس، فشقاء وعناء وتعب سنوات العمر المديد بين صفحات الكتب وقاعة الدراسة ذهب أدراج الرياح وصارت هذه الفتاة أمام الأمر الواقع الذي أقل ما يقال عنه إنه واقع مرير، وهذا يدخل في دائرة «البعد النفسي».

أسوق هذا المشهد المستل من مسلسل كامل عنوانه الجشع والاستغلال والحرمان ولدي قناعة تامة بأن هناك الكثير من السعوديين لا يرضون بمثل هذا الوضع ولا يقبلونه لبنات وطنهم المعطاء.

إن هناك مسؤولية مباشرة تقع على كل من وزارة العمل التي ما زالت عاجزة عن تحديد الحد الأدنى للرواتب في مثل هذه الوظائف، وكذا وزارة التربية والتعليم التي أبرمت هذا العقد، إذ إن من الأهمية بمكان أن تتدخل في تحديد مهية بنود العقد وتنص على مثل هذا الأمر بدقة بحيث لا يقل راتب البائعة في المقاصف المدرسية عن 3000 ريال وأن تبين مهامها كما تذكر حقوقها حتى تبدأ هذه الفتاة العمل وهي على ثقة من وضعها الوظيفي ودراية كاملة بما هي عليه من حال، كما أن هناك مسؤولية جماعية غير مباشرة تقع على عواتقنا نحن بصفتنا الوطنية وإلى لقاء والسلام.

 

الحبر الأخضر
الوظيفة تنافسية.. والراتب 500 ريال شهرياً!!
د. عثمان بن صالح العامر

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

حفظ  

 
 
 
للاتصال بنا الأرشيف جوال الجزيرة الإشتراكات الإعلانات مؤسسة الجزيرة