Wednesday  27/10/2010 Issue 13908

الاربعاء 19 ذو القعدة 1431  العدد  13908

ارسل ملاحظاتك حول موقعنا
   
     

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الرأي

           

وسائل الإعلام هي قطب الرحى في العلاقة بين الرأي العام والمسؤولين في الحكومة، ولها الأثر الأكبر في تقريب صوت المواطن إلى المسؤول، وهي المرآة التي يرى السياسي فيها

هموم المجتمع وقضاياه التي تشغله وتتصدر اهتمامات حياته. وإذا كان من وظائف وسائل الإعلام أن تجعل المسؤولين في الحكومة على اطلاع دائم ومستمر على القضايا التي تهم أفراد المجتمع، فإن وسائل الإعلام لا يمكن أن تقوم بهذه الوظيفة إلا من خلال معرفة اتجاهات الرأي العام تجاه القضايا التي تهمه، وقياسها، أو التنبؤ بها والحديث عنها ومناقشتها عبر البرامج الإعلامية المختلفة.

هذا هو ما تقوم به وسائل الإعلام في المجتمعات المتقدمة في وعيها السياسي والجماهيري، فهي لسان الشعب الناطق بهمومه، وهي صوت المواطن إلى المسؤول في الحكومة أياً كان منصبه.

وظيفة هذه الوسائل هي مراقبة ما يجري في المجتمع، والتعرف على حاجات أفراده، والوقوف على قضاياه ومشكلاته، وإيصالها إلى المسؤول، الذي بدوره يتولى مهمة معالجتها وضمان الحياة الكريمة للمواطن، وبهذا يستمر النهوض الحضاري ويزدهر، وتتقدم التنمية، ويتطور تبعاً لذلك وعي المواطن والمسؤول.

في المجتمعات التي لا تدرك وسائل إعلامها هذه الحقيقة على امتداد دول العالم، ولا يتفهم نظامها السياسي دور هذه الوسائل فإن الواقع يكون مقلوباً في كثير من الأحيان. فوسائل الإعلام لا تبادر بإثارة قضايا المجتمع المُلحَّة ومناقشتها والحديث عنها، وإنما تكتفي بنقل جهود الحكومة فيما تقدمه للمجتمع من خدمات، وتتحدث عن السياسات الحكومية العامة ذات العلاقة بحياة المواطن.

يتم ذلك كله بتوجيه مباشر أو غير مباشر من الحكومة، وفي أحيان أخرى يبادر القائمون على وسائل الإعلام إلى المبالغة في وصف ما تقدمه الحكومة لأفراد المجتمع ومؤسساته.

في هذه الحالة فإن الفجوة ستبقى قائمة بين الحكومة والشعب، وتبقى وسائل الإعلام ناطقة باسم الحكومة وغير معبرة، بالضرورة، عن حاجات الرأي العام. وإذا فتحت وسائل الإعلام النقاش لقضايا ذات أهمية وحساسية في المجتمع، كالفساد الإداري والمالي مثلاً، فإن ذلك يتم بإشارة من الحكومة أو موافقة منها، وليس بمبادرة من وسائل الإعلام تعبر بها عن امتعاض المواطن من تفشي ظاهرة الفساد الإداري والمالي في الأجهزة الحكومية أو الأهلية، وهي بالتالي تغلق النقاش حول القضية متى ما توقف أو تقلص اهتمام الحكومة بها، عند ذلك فلن يكون هناك حديث عن الفساد في وسائل الإعلام، فضلاً عن أن تكون هناك متابعة لما جرى نقاشه أو الحديث عنه حول الموضوع.

وفي حالات أخرى -أكثر سوءاً- تبتعد وسائل الإعلام عن وظيفتها الأساس في أن تكون حلقة وصل بين الحكومة والرأي العام، فتنزع هذه الوسائل إلى تسطيح وعي الجمهور بصرف نظره عن قضاياه ومشكلاته، وتناقش موضوعات وقضايا لا تأتي في سلم اهتمامات هذا الجمهور. يتحكم في ذلك عوامل عديدة، من أهمها اتجاهات القائمين على وسائل الإعلام، ومحاولة ترتيب اهتمامات الجمهور من وجهة نظرهم هم، وليس من وجهة نظر الرأي العام الذي يفترض أن تكون وسائل الإعلام خادمة له ومعبرة عن رأيه. نأخذ مثلاً إشغال وسائل الإعلام الجمهور بقضايا فكرية لا تهم إلا النخب المثقفة، وتتجاهل هذه الوسائل القضايا والموضوعات التي يعاني منها المواطن، مثل غلاء المعيشة، أو البطالة، أو الفقر، أو المخدرات، أو غيرها من القضايا ذات العلاقة بحياة المواطن اليومية.

وإذا أخذت وسائل الإعلام هذا المنحنى فإنها بذلك قد تخلت عن مسؤوليتها التنموية، وباتت أسيرة توجهات القائمين عليها، فلا هي خدمت المسؤول وصاحب القرار الذي تهمه حاجات المواطن، ولا هي عبرت عن هموم المواطن لتكون لسانه وصوته عند صاحب القرار، وهذا من أهم معوقات التنمية، إذا سلمنا بأن وسائل الإعلام اليوم هي من أهم وسائل التنمية بجانبيها المعنوي والحسي.

 

وسائل الإعلام والحكومة والرأي العام
د. محمد بن سعود البشر

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

حفظ  

 
 
 
للاتصال بنا الأرشيف جوال الجزيرة الإشتراكات الإعلانات مؤسسة الجزيرة