Wednesday  27/10/2010 Issue 13908

الاربعاء 19 ذو القعدة 1431  العدد  13908

ارسل ملاحظاتك حول موقعنا
   
     

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الاقتصادية

           

تساءل الزميل يوسف المحيميد في مقالته «محاولات «ترهيم» الأخضر» عن سبب التهافت على الشركات الصينية، برغم مشاكلها الكثيرة، ورداءة تنفيذها المشروعات وتأخرها في الإنجاز واعتمادها على مواد رديئة ذكر أنها «من بقايا مطلع القرن الماضي».

تُرى هل يكمن العيب في الشركات الصينية، أم في من استقدم هذه الشركات الرديئة، ووهبها عقود التنمية الضخمة التي طالبنا بتحويلها من الشركات السعودية، إلى «الشركات العالمية» القادرة على تحقيق سرعة الإنجاز، وجودة التنفيذ بحسب المواصفات العالمية.. كنا نعتقد أن حل تعطل المشروعات التنموية مرتبط بدخول الشركات الأجنبية الكفؤة، ومنها الصينية، إلى السوق السعودية.. الإفراط في التفاؤل أنسانا العوامل الداخلية المؤثرة في تحقيق الجودة، وحجب عن أعيننا مسببات الفشل في إنجاز الشركات المحلية للمشروعات الحكومية.. يمكن أن نقارن جودة تنفيذ المشروعات محلياً كي نكتشف أسباب الفشل.. فالهيئة الملكية للجبيل وينبع تُرسي مشروعات بمئات الملايين سنويا، تُنجز بكفاءة عالمية، ودون مشاكل تذكر، وكذلك شركة أرامكو السعودية، والأغرب من ذلك أن تقوم شركة واحدة بتنفيذ مشروعين مختلفين أحدهما للهيئة الملكية للجبيل وينبع، في مدينة الجبيل الصناعية، والآخر لإحدى الوزارات الخدمية فتكتشف الفارق الكبير في جودة التنفيذ والالتزام بالوقت!.. الأمر ينطبق على أرامكو السعودية التي تُعد مرجعاً في إدارة مشروعات التنمية الصناعية والمدنية.. هل يكمن الخلل في الشركات المنفذة.. أم في الجهة الرسمية مالكة المشروع والمشرفة عليه؟. تتصف الشركات الصينية، في الغالب، بالكفاءة، ونجاحها في بعض الدول الفقيرة، قبل الغنية، خير شاهد، وهي تحتاج إلى الضبط المالي والإداري لتحقيق الجودة، فإن أُقحِمت في ما لا تستطع مقاومته، فسدت وفَسَد ما أُوكل إليها.. لذا أعتقد أن كفاءة الشركات الصينية ليست سبباً في فشلها محلياً، بل يرجع الفشل إلى نقص الكفاءة في إدارة المشروعات، وعدم قدرة مسؤولينا في التعامل مع مشروعات التنمية من حيث الدراسة، التقييم، تصنيف المقاولين، الترسية، الإشراف، والإدارة الشاملة، ما زالت محدودة، وهو ما يؤدي إلى تحمل الدولة تكاليف مضاعفة لمشروعاتها التنموية في مقابل الحصول على ربع الجودة.. معوقات التنمية المتمثلة بعقود الباطن، التكسب من بيع المناقصات بعد ترسيتها، الإخلال بالمواصفات، وضعف الرقابة الإشرافية التي تُحيط بنسبة لا يُستهان بها من المشروعات المحلية، امتدت إلى جسد بعض الشركات الأجنبية التي تعلمت الفساد، بدلاً من تعليم قطاع الإنشاءات المحلي الكفاءة، والالتزام بالجودة، ودقة التنفيذ.

أعود بالذاكرة إلى مقالة «ميزانية الإنجاز.. وشفافية المليك» التي نشرت العام الماضي في الجزيرة، وفيها كتبت ما نصه: «حتى الآن لا يمكن مقارنة المشروعات المُنجزة بالإنفاق الحكومي السخي، إضافة إلى أن جودة التنفيذ لم تصل بعد إلى مستوى الكفاءة الضامنة لسلامة المشروعات لعقود قادمة.. مشروعات الطرق، الأنفاق، شبكات الصرف الصحي، وتصريف الأمطار والسيول، المباني الحكومية، وبعض مشروعات البِنى التحتية لم تأت بحسب التوقعات المتفائلة، وبعضها تعرض لأضرار بالغة جراء الأمطار المتوسطة على الرغم من حداثة تسليم تلك المشروعات التي كان متوقعاً لها الصمود لعقود قادمة... ما زلت أعتقد أن إنشاء هيئة استشارية عالمية مرتبطة بمقام رئيس مجلس الوزراء، تهتم بالتخطيط، اقتراح المشروعات، التصميم، تقييم التكلفة، والإشراف، يمكن أن يحقق هدف الكفاءة والمنفعة الكلية من مشروعات الدولة.. نجحت شركة بكتل العالمية في تصميم وبناء مدينة الجبيل الصناعية على أعلى المستويات العالمية.. وكانت خير معين للهيئة الملكية في تحقيقها النجاح في ما أُوكل إليها من عمل تنموي كبير، في الوقت الذي فشلت فيه مكاتبنا الاستشارية ومعظم شركاتنا في تنفيذ المشروعات الحكومية وفق المواصفات العالمية».

رداءة عمل الشركات الصينية سيطال غالبية الشركات الأجنبية العاملة في المملكة، فالعلة ليست في الشركات المنفذة، بل في العقلية الإدارية التي تتعامل بها الوزارات، ومسؤولوها مع مشروعات التنمية، والمال العام.. وإذا كنا لم ننجح حتى الآن في تغيير نمط إدارة مشروعات التنمية بحسب المتطلبات العالمية، فمن الأفضل لنا استيراد العقول التنموية مع الشركات العالمية لضمان الجودة والكفاءة.. أعتقد أن الحل يكمن في إيجاد هيئة استشارية عالمية ترتبط بمقام رئيس مجلس الوزراء تكون مسؤولة عن التخطيط التنموي الإستراتيجي، اقتراح المشروعات، إعداد التصاميم الهندسية، تقييم التكلفة، الإشراف، والرقابة.. فالإنفاق الحكومي، غير المسبوق، لن يستمر الدهر كله، وأخشى أن نتجاوز مرحلة الملاءة المالية دون أن ننجز البنية التحتية والمشروعات التنموية الإستراتيجية، وأسس التنمية المستدامة، التي ما زلنا نبحث عنها حتى اليوم.. التخطيط الإستراتيجي، تغيير نمط الإدارة، وأسلوب ترسية المشروعات، فرض الرقابة المالية، الإشراف الهندسي العالمي، إسناد المشروعات للشركات الكفؤة، محاسبة المقصرين، ومحاربة الفساد وفق الأنظمة والقوانين الصارمة يمكن أن يساعدنا في تحقيق الجودة العالمية، والإنجاز السريع لمشروعاتنا التنموية، وبأقل التكاليف.

f.albuainain@hotmail.com
 

مجداف
ضعف مشروعات البنية التحتية
فضل سعد البوعينين

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

حفظ  

 
 
 
للاتصال بنا الأرشيف جوال الجزيرة الإشتراكات الإعلانات مؤسسة الجزيرة