Wednesday  27/10/2010 Issue 13908

الاربعاء 19 ذو القعدة 1431  العدد  13908

ارسل ملاحظاتك حول موقعنا
   
     

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الأخيــرة

           

تساءلت في الحلقة السابقة من الموضوع نفسه عن الحكمة في ارتداء الثلاثي الكوفية والغترة أو الشماغ والعقال، وهل هي مكونات أصيلة لزينا العربي التراثي أم مستوردة. لنفترض أنها أصبحت عادة وعرفا ودمغة عالمية للرجل الخليجي عموما بين الشعوب، وأنها لهذا السبب اكتسبت صفة الوطنية والتقليد والعرف الاجتماعي. في هذه الحالة لماذا لا نطبق عليها ما طبقناه على العمامة والثوب المرودن وما تطبقه الشعوب الأخرى على أزيائها الوطنية من إعادة النظر وإدخال التعديلات العملية حسب مستجدات الظروف؟.

مازال الصينيون واليابانيون والهنود والملاويون يرتدون أزياءهم الوطنية القديمة، لكن أحيانا فقط، أي في المناسبات الدينية والوطنية والأعياد والأفراح. أزياؤهم القديمة كلها كانت تتكون من كمية هائلة من الأقمشة الملفوفة بعناية على مناطق مختلفة من الجسد تجعل مرتديها يمشي بحذر خشية الانزلاق.. انزلاقه هو على الأرض والسلالم أو انزلاق الملابس عنه مع أي حركة غير محسوبة أو هبة ريح. مع التقدم الصناعي وتنوع المهن والحرف والأعمال تركت كل هذه الشعوب أزياءها القديمة أثناء ساعات العمل، لكنهم لم يتخلوا عنها في المناسبات السعيدة.

الأفارقة والعرب فقط، وليس كلهم وإنما بعضهم، مازالو غادين رائحين من وإلى أعمالهم بأزيائهم التقليدية. ليس لنا دخل بالأفارقة، يهمنا ما نرتديه نحن في المجتمع الخليجي. الأصل في الأزياء التقليدية الوطنية أنها نتاج التأقلم مع البيئة بما فيها من طقس ومناخ وأعمال وحرف ووسائل مواصلات. هكذا نستطيع أن نقول: إن أزياءنا التقليدية القديمة رغم ما دخلها من التشويه حتى أصبحت على ماهي عليه اليوم تصلح للمهن وأساليب العيش الصحراوية القديمة. التنقل على الإبل ورعي الماشية وفلاحة الأرض والنوم على السطوح أو في العراء .. هذه كلها أعمال لا يصلح لها إلا الالتفاف بقطعة كبيرة من القماش على الجسد ولف الرأس بالعمامة أو مايشبهها وتثبيتها بالعقال. بقيت الكوفية ترى ماذا نعمل بها؟. حقيقة لا أدري لكن لا بأس فلنبقها مقلوبة على رؤوسنا. هذه الممارسات الصحراوية القديمة انتهت. التنقل يتم داخل سيارة مكيفة الطقس والمناخ والعمل يمارس في مكتب أو عيادة أو ورشة أو أمام آلة أو جهاز. ما حاجة هذه الأعمال إلى هذا الغطاء الثلاثي على الرأس؟.

هل أبالغ لو قلت: إنها في الواقع تشكل بعض العوائق لحرية الحركة مثل الصعود والنزول والجري والالتفات؟. لا، ليس في الأمر مبالغة. فكروا أيضا في الاحتباس الحراري والعرق وتساقط الشعر التي يسببها كتم الرأس بطبقتين من القماش فوقهما عقال. هذه ليست مزحة، واسألوا بعض الاستشاريين في الأمراض الجلدية واسألوا أنفسكم لماذا يبدأ الصلع مبكرا عندنا ويكثر الصلعان؟.

بالرغم من ذلك كله، ما أحلى أزياءنا الحالية سواء كانت تقليدية تراثية أو مهجنة في الاعراس والأفراح والمناسبات الوطنية، ولكن فقط لاغير.

 

إلى الأمام
نظرة في الأزياء الوطنية (2-2)
د. جاسر عبد الله الحربش

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

حفظ  

 
 
 
للاتصال بنا الأرشيف جوال الجزيرة الإشتراكات الإعلانات مؤسسة الجزيرة