Sunday  31/10/2010 Issue 13912

الأحد 23 ذو القعدة 1431  العدد  13912

ارسل ملاحظاتك حول موقعنا
   
     

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

وَرّاق الجزيرة

 

قراءة في كتاب زخرفة العمارة التقليدية بعسير دراسة فنية جمالية
د. جمال عبد الرحيم إبراهيم حسن

رجوع

 

ضمن منشورات الهيئة العليا للسياحة والآثار، قطاع الآثار والمتاحف، وفي سياق مشروع سلسلة دراسات أثرية محكمة، صدر للباحث علي عبد الله مرزوق الشهراني كتابه الموسوم «فن زخرفة العمارة التقليدية بعسير دراسة فنية جمالية» طبع الرياض 1431هـ - 2010م.

وتكمن أهمية هذا الكتاب في أنه من أولى الدراسات والكتب التي تناولت الزخارف الشعبية للعمارة التقليدية في منطقة عسير، حيث البيئة بما فيها من مظاهر اجتماعية، بعاداتها وتقاليدها، وبما فيها من طبيعة جغرافية، وعمائر مشيّدة كان لها الدور البارز في تشكيل رؤية الفنان الشعبي مما ينعكس على آثاره الفنية والجمالية، إضافة إلى أن بيئة منطقة عسير تُعَدُّ واحدة من البيئات الفريدة بمدرجاتها الزراعية، وهضابها، وتضاريسها المتنوعة، وارتباطاتها الموسمية. كل ذلك تجلّى في تنوّع طرز عمارتها التقليدية وما تضمّنه من سمات فنية وجمالية جعلت إنسان هذه المنطقة بما يملكه من رؤية في العمل والبناء والزخرفة، أن يعيد تشكيل مفردات بيئته مستخدماً المقومات الطبيعية كالأخشاب، والطين، والحجر، والألوان الطبيعية في بناء مسكنه، وتجميله، فجاءت مساكنهم متناسقة متماسكة حتى وقتنا الحاضر.

ويضم الكتاب ثلاثة فصول، تناول الفصل الأول التعريف بمنطقة عسير لما لها من عوامل أثرت تأثيراً بارزاً في شخصية الفن المعماري التقليدي، وتناول الموقع والحدود مصاحباً في شرحه خارطتين، الأولى توضح موقع عسير في المملكة العربية السعودية، والثانية عن خطط ومعالم المنطقة. كما ذكر الباحث في هذا الفصل سبب تسمية عسير منذ القدم حتى وقتنا هذا. وتناول أيضاً في هذا الفصل تضاريس منطقة عسير وخصائصها الجغرافية وهي: السهل التهامي، والإصدار، ومرتفعات السراة والهضاب الداخلية، وفي هذا الفصل أيضاً ذكر لمناخ عسير وتأثيره على حياة الإنسان وأحواله الاقتصادية والاجتماعية، والنشاط الاقتصادي لسكان المنطقة واهتمامهم بالزراعة والرعي وتُعَدُّ الأخيرة من اهتمامات سكان البادية بالأجزاء الجبلية والسهول التهامية.

وكان للتجارة دور مهم في هذا النشاط، وهي من اهتمام سكان منطقة عسير خاصة الموجودون في الطرق البرية التي تربط منطقتهم بالحجاز واليمن.

كما تناول الباحث في هذا الفصل أنماط عمارة عسير التقليدية منذ فترة ما قبل الإسلام إلى الوقت الحاضر مزوّداً دراسته بمجموعة من الصور التي توضح هذه الأنماط، وذلك من خلال الدراسة الميدانية التي قام بها. وخرجت هذه الدراسة بتقسيم هذه الأنماط إلى أربعة أقسام وفقاً لطبيعة منطقة عسير الجغرافية وهي: النمط الطيني، والنمط الحجري، والنمط الطيني الحجري، والنمط النباتي، وتم تصنيف المباني حسب المواد المستخدمة في بنائها. كما تناول الباحث في هذا الفصل أنماط المباني تبعاً لأغراضها كالمساجد والمباني الدفاعية والمقابر المبنية فوق سطح الأرض.

واختتم الباحث هذا الفصل بذكر العوامل المؤثرة في عمارة عسير التقليدية من حرارة وأمطار ورياح، ومؤثرات طبوغرافية ومؤثرات دينية واجتماعية والمؤثرات الاقتصادية.

أما الفصل الثاني من الكتاب، فتناول فيه الباحث خامات وأدوات البناء والزخرفة، موضحاً الدور الذي لعبته هذه الخامات في إنجاز العمل الفني والشعبي للعمارة التقليدية بعسير، كما بينت الدراسة في هذا المجال دور التضاريس التي تتميز بها المنطقة في تعدُّد خامات البناء والزخرفة، وبالتالي تعدُّد الأنماط المعمارية وأساليب الزخرفة والتزيين ومن هذه الخامات: الطين، والتبن، والأحجار، وأحجار المرو، والنورة، والأخشاب، والألوان مصاحباً في ذلك بعض اللوحات المصورة لهذه الخامات.

كما ذكر الباحث في هذا الفصل الأدوات المستخدمة في البناء والزخرفة، فمن الأولى الأزميل، والحبل، والعرائض، والفهر، والمخبطة، والمسحاة، والمطرقة، والمعول، والمكتل، والمشار. ومن الثانية الفرشاة، من شعر الضأن وذيول الماعز للطلاء، والفرشاة الحديثة والصغيرة منها كانت تستخدم لتلوين الرسوم الصغيرة. وتناول الباحث في هذا الفصل أيضا الفن الشعبي عند سكان عسير، ويقصد به الفن الشعبي على اختلاف تصنيفاته التي تنطلق من عادتنا وتقاليدنا وموروثاتنا، ووضح فيه خصائص ومميزات هذا الفن وارتباطه بالحياة الاجتماعية عند أهل عسير.

كما تناول الباحث في هذا الفصل الزخارف الشعبية بالمنطقة موضحاً تمتع أبنائها من حس جمالي، وقدرة فائقة على ابتكار الأشكال الزخرفية والتي صارت معرضاً فنياً دائماً تشاهده الأجيال جيلاً بعد آخر حتى يومنا هذا، واستعرض الباحث في هذا المجال الزخارف على الحوائط الخارجية والزخارف على واجهات المباني الحجرية، والزخارف على الحوائط الداخلية، وقد أرفق في دراسته هذه بعض الصور الملونة التي توضح جمال وإتقان هذه الزخارف. واختتم الباحث الفصل الثاني من هذا الكتاب بالحديث عن القيم الجمالية والفنية لزخارف العمارة التقليدية بعسير، وهي العناصر التشكيلية في الفن الشعبي التي يستخدمها الفنان الشعبي لرسم أشكاله ووحداته، مثل: النقطة، والخط، كالخط الأفقي، والمنكسر، والمنحني، والمائل، كذلك الشكل واللون وملامس السطوح، والظل والنور، وأرفق الباحث مجموعة من اللوحات الملونة التي تبيّن بوضوح هذه العناصر.

أما الفصل الثالث من الكتاب فتناول الباحث فيه التوصيف والتحليل للوحدات الزخرفية على الحوائط الداخلية والخارجية للمباني التقليدية في عسير، كلٌ حسب أهميته وانتشاره، وتم ذلك من خلال نتائج البحث الميداني الذي قام به الباحث في المنطقة ووصل من خلاله إلى وجود عدد من الكيفيات الزخرفية التي استخدمت في تزيين المباني التقليدية في منطقة عسير، وصنّفها على النحو التالي: وحدات زخرفية هندسية، مثل شرائط زخرفية هندسية ووحدات زخرفية هندسية مربعة ووحدات زخرفية هندسية مستطيلة ووحدات زخرفية نباتية بأنواعها المختلفة ووحدات زخرفية كتابية ووحدات زخرفية استحضارية مثل الرموز والشارات مع شرح دلالاتها ووحدات زخرفية مركبة، وقد صاحب هذه الوحدات صور ملونة مفصلة تفصيلاً دقيقاً.

وذيل الباحث كتابه بخاتمة استعرض فيها أهمية الدراسة وأهم النتائج التي توصل إليها من خلال دراسته الميدانية لمنطقة عسير، جمع خلالها الكثير من الزخارف الشعبية المرسومة والمشكّلة على حوائط عمارة المنطقة التقليدية، كما استعرض أهمية الدراسة التاريخية لهذه العمارة التي قام بها، وما اقترن بها من عادات وتقاليد متوارثة، وتتبُّع الطرق المستخدمة في البناء والزخرفة، مع إبراز الخصائص البيئية والطبيعية للمنطقة، وانعكاس ذلك على تنوّع أنماطها المعمارية.

كما أفرد الباحث بعد الخاتمة عدّة توصيات وضح فيها ما تمتلكه المملكة العربية السعودية من تراث أصيل نابع من ثقافاتها، وعاداتها وتقاليدها وبيئاتها، وحرص المعنيون بهذا التراث في المملكة على الاهتمام به، فأقاموا له المهرجانات والمنتديات السنوية، ومنها المهرجان الوطني للتراث والثقافة الذي يساهم بدور فعّال في توثيق وتأصيل ما يملك من تراث. وطالب الباحث في توصياته بالمزيد من الاهتمام والمتابعة وتسليط الضوء أكثر على تراثنا المعماري والزخرفي في كل بقاع المملكة والمحافظة على ما بقى منه وإحياء ما أندثر، كما ناشد الجهات المختصة بتشجيع المتخصصين والباحثين بإجراء دراسات وبحوث تهتم بهذا التراث المعماري ودعم هذه الدراسات مادياً ومعنوياً، كما طالب الباحث في توصياته بضرورة توثيق أسماء الحرفيين والمشتغلين بالبناء القدامى وإجراء المقابلات مع من بقى منهم على قيد الحياة للحفاظ على هذه المهنة قبل اندثارها. ومن توصياته أيضاً العمل على ضرورة تخصيص جزء من محتوى منهج التربية الفنية الذي يدرس بمدارسنا، للتعريف بالفنون الشعبية وأهميتها التشكيلية والاجتماعية.

 

رجوع

حفظ  

 
 
 
للاتصال بنا الأرشيف جوال الجزيرة الإشتراكات الإعلانات مؤسسة الجزيرة