Wednesday  03/11/2010 Issue 13915

الاربعاء 26 ذو القعدة 1431  العدد  13915

ارسل ملاحظاتك حول موقعنا
   
     

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

منوعـات

           

في العام 1926م سجلت مبيعات القمح الأمريكي أعلى سعر لها في تاريخ زراعة القمح آنذاك، ما دفع كثيراً من المزارعين إلى زيادة مساحاتهم الزراعية في مناطق البراري الوسطى، وكان ذلك على حساب مناطق الأحراش والأعشاب، فتم حرث آلاف الدونمات من الأرض، وزادت زراعة القمح حتى انخفض السعر في بداية الثلاثينات؟ أضعاف عما كان، ما كبد المزارعين خسائر عظيمة جعلتهم غير قادرين على زراعة مماثلة. هذا الأمر جعل كميات هائلة من المساحات الزراعية بدون عطاء نباتي، وتوالى على تلك المنطقة ثلاث سنوات من الجفاف ما عرض الأرض لتعرية الرياح، فثارت العواصف الترابية التي لم تعهدها الولايات المتحدة برمتها، حتى إن عاصفة ترابية ضربت مدينة شيكاغو وتساقط عليها ملايين الأطنان من الغبار كما يتساقط الثلج في موسمه حتى غطى الشوارع والمباني والميادين، وسميت تلك الفتره ب «1930s Dust Bow»، منذ ذلك الحين بات الأمريكيون أكثر حرصاً على حماية التربة من تعرية الرياح وأصبحت تلك العواصف من الغبار، تاريخاً يحكى.

منذ سنتين ضربت الرياض عاصفة ترابية صفراء لم نعهد مثلها من قبل، وكثر القال والقيل في سبب تلك العاصفة فمن قال، إنها بسبب حرث الدبابات الأمريكية أرض العراق، ومنهم من قال إنها آتية من صحراء مصر، ولكن الذي لم يقل، هو أن السبب الحقيقي لها، هو تعرية الأرض من غطائها النباتي، فمنذ أكثر من عشرين عاماً، وصحراء الجزيرة العربية تُرعى رعياً جائراً، فالنباتات الصغيرة التي لا تلبث أن تستقي من قليل الغيث، وتظهر على السطح تلتهمها الأغنام الجائعة قبل أن يتسنى لها أن تنثر بذوراً لموسم قادم، وكذلك الشجيرات البرية القليلة تلتهم أوراقها جحافل الإبل المنتشرة في كل مكان فلا يبقى منها إلا أعواد جافة وجذور غائرة، هذه أيضاً لا تنجو من غارات صناديد البراري احتطاباً وإشعالاً، حتى لم يعد فوق الأرض لا أخضر ولا يابس، هذا هو السبب الحقيقي لثورة الغبار في بلادنا، فعندما لا يكون فوق الأرض ما يجهد قوة الرياح ويشتتها من العوائق النباتية، تحمل الرياح ذرات الغبار الخفيفة وبفعل الاحتكاك بينها وهي تطير لارتفاعات شاهقة تتجاذب فتتكون على هيئة ذرات أكبر يزداد وزنها فتسقط في صورة عاصفة غبارية تسوقها الرياح.

إن العواصف الترابية تحدث في كل مكان بنفس الميكانيكية، فما حدث في ثلاثينيات القرن الماضي في وسط الولايات المتحدة الأمريكية يحدث عندنا في هذه الأيام، والفارق أنهم عملوا على معالجة المشكلة المسببة، مع أنهم أوفر حظاً منا بالمعالجة، فبلادهم أكثر أمطاراً وبلادنا قاحلة، فنحن أولى بأن يكون حرصنا على توفير الغطاء النباتي للمساحات الشاسعة من الصحراء وأن نقوم بجهد مضاعف لوقف عملية الرعي الجائر، فبلادنا ليست بلاد رعي والأغنام والإبل التي ترعى في الصحراء على ما تحلقه من غطاء نباتي للتربة فهي تجوع أكثر مما تشبع فتأكل مالا تأكل في المعتاد وتجور على النباتات والأشجار فتتركها أعجاز نباتات.

إن التكلفة والخسائر التي تسببها العواصف الترابية هائلة، ولا يعوضها أي مكاسب من الرعي الجائر، فالغبار الذي يسقط بآلاف الأطنان على البيوت والمباني والشوارع، يكلف ملايين الريالات لإزالته وغسله بالماء أو الجمع بوسائل جافة، كما أن الغبار يؤدي إلى تعطيل الحركة والتسبب في الحوادث وتعطيل الآلات وسد المجاري وما تعانيه البلديات من تعطل مضخات مياه السيول من الأنفاق والشوارع معظمه بسبب تراكم الغبار الذي تجرفه السيول، لذا فالرسالة واضحة، كفانا إهمالاً لبيئتنا من أجل أن (تحمض) الأغنام الهزيلة، أو ترتع مزاين الإبل في الأفق، يجب أن يكون هناك نظام يمنع الرعي منعاً باتاً، فالرعي ليس مورداً اقتصادياً يعتد به، وليعتمد أسلوب التسمين والتربية في الحظائر.

mindsbeat@mail.com
 

نبض الخاطر
الغبار قادم.. ماذا نصنع؟
محمد المهنا أبا الخيل

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

حفظ  

 
 
 
للاتصال بنا الأرشيف جوال الجزيرة الإشتراكات الإعلانات مؤسسة الجزيرة