Sunday  07/11/2010 Issue 13919

الأحد 01 ذو الحجة 1431  العدد  13919

ارسل ملاحظاتك حول موقعنا
   
     

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

وَرّاق الجزيرة

 

القنفذة.. أول ميناء سعودي يستقبل ضيوف الرحمن
تحقيق: عبدالهادي بن مجنِّي

رجوع

 

الجزيرة - الرياض:

لما اقترب موسم حج عام 1343هـ نشرت الجرائد المصرية بلاغاً من سلطان نجد الإمام عبدالعزيز آل سعود أن من يريد تأدية فريضة الحج هذا العام فعليه أن ينزل في ميناء القنفذة على ساحل البحر الأحمر أو الليث لكونها هيأت لاستقبال الحجيج أما بالنسبة لميناء رابغ فهو غير جاهز في الوقت الراهن ولا يصلح للنزول فيه. من هنا ومن هذا البلاغ والنداء بدأ اهتمام الإمام الفاتح بالقنفذة، وعطفاً على ذلك فقد كان ميناء القنفذة يتفوق على كثير من الموانئ لما حضي به من عناية واهتمام لدى الملك المؤسس.

دخل جنود الإمام عبدالعزيز إلى مدينة القنفذة في صباح الرابع والعشرين من ربيع الأول من عام 1343ه وبعد السيطرة على المدينة تم ترتيب الإمارة والمالية هناك، ولأجل الرسائل التي كانت ترد من السلطان عمل على إنشاء بريد بها. ومما تجدر الإشارة إليه هنا أن بريد الدولة كان يرد عن طريق ميناء القنفذة وكان ناظر بريد القنفذة يجيب بكتاب رسمي بخبر استلام البريد وتوزيعه إلى أماكنه في أنحاء العالم وقد اطلعت على ما كتب عن بريد الدولة في القنفذة في تاريخ 26 رمضان من عام 1343ه. بعد ذلك عمل على ترتيب وضع المرفأ كي يصبح ميناءً لهذا الوطن ولم تمض أشهر قليلة حتى بدأ توافد السفن والبواخر البحرية محملة من جميع أصقاع الأرض بالحجاج، وتطالعنا جريدة أم القرى السعودية في عددها رقم 25 وتاريخ 20 ذي القعدة من ذلك العام بخبر تحت عنوان «قدوم الحجاج» وصل إلى ميناء القنفذة الحجاج المغاربة من بلدة طوالة في الغرب وقسم من الأتراك قدموا من شملي وكرماش وراق واسكى جمعه من بلاد الروملي وبعض نفر من السنقال قدموا من بلدة نجرى فأهلاً ومرحباً بضيوف بيت الله.

أيضاً ورد في بعض الصحف الحجازية آنذاك تحت عنوان (قدوم الحجاج) وقد وصل النداء الذي نشره عظمة السلطان إلى العالم الإسلامي يدعوهم فيه لأداء فريضة الحج في هذه السنة والنزول في ميناء القنفذة فأحدث تأثيراً عظيماً في النفوس ووردت برقيات مختلفة على مندوب عظمة السلطان وأن ألوفاً قرروا الوفود لقضاء فريضة الحج هذا العام ومما يسألون في برقياتهم بعض أسئلة بشأن أي السواحل أحسن لنزولهم القنفذة أم رابغ وستتخذ الحكومة جميع التسهيلات اللازمة لتأمين راحتهم والمنتظر أن يكون عدد الحجاج الوافدين من جميع الجهات عظيماً جداً.

وقد تهيأ لميناء القنفذة في ذلك العام ما لم يتهيأ لغيره من الموانئ السعودية من توفير الفلك اللازمة لنقل ضيوف الرحمن من البواخر إلى البر، ووفرت المياه العذبة ليشرب الحجاج عند وصولهم إلى الميناء، وقد كان بها مساكن مشيدة يأوي إليها الحجيج خصوصاً عند عودتهم من مكة، مع توفر أفران لصنع الخبز، كذلك كان بها أماكن تقي الحجاج حرارة الشمس، ومن الضروريات التي كان يمتاز بها ميناء القنفذة جمال العربان التي كانت تقل الحجاج من القنفذة إلى مكة المكرمة ذهاباً وإياباً. وأهم من ذلك كله وفر لهم الملك عبدالعزيز الأمن هناك.

وفي حادثة سفر الأهالي من جده عن طريق ميناء القنفذة في سنة 1343هـ وانتقالهم للعيش في مكة المكرمة ورد بإحدى الوثائق التاريخية أن ألسنة أولئك الأهالي كانت تلهج بالثناء على عمال عظمة السلطان عبدالعزيز في القنفذة وما وجدوه بها من الأمن والاطمئنان. وورد بالوثيقة ما نصه (لما وصلوا القنفذة استقبلهم أميرها بالترحاب وأنزلهم منزلاً حسناً وأمر بإحضار الجمال التي تحملهم إلى مكة وأرسلها لمنازلهم وأعفاهم من جميع الرسوم ومنع أخذ أي شيء من الأجور الحكومية على الجمال التي أقلتهم وأقلت حمولتهم فوصلوا إلى أم القرى ونزلوا على الرحب والسعة بين أهليهم وعيالهم.....). انتهى نص الوثيقة.

أما الرسالة التي كان قد بعث بها الإمام الراحل إلى الأمير عبدالله بن عسكر فقد أراد بها أن يعلمه عن عزمه على ضم ميناء القنفذة وأنه ينوي مهاجمته، وكانت هذه الرسالة الخطوة الأولى في مسيرة العلاقة بهذه البلدة القديمة ولا غرابة في ارتباط القنفذة بولاة الأمر في هذه البلاد فقد كان سلفه الإمام سعود يسيّر قادة جيوشه عثمان المضايفي وطامي بن شعيب إلى القنفذة ليدافعا عن الوطن من الغزاة هناك. وإليك أخي القارئ الكريم نص رسالة الإمام إلى أمير أبها:

بسم الله الرحمن الرحيم

من عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل فيصل إلى جناب المكرم الأفخم الأخ عبدالله بن عسكر سلمه الله تعالى آمين.

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته مع السؤال عن أحوالكم، أحوالنا بحمد الله جميلة. وبعد..

أنتم تعلمون أن لنا مدة ونحن نفكر في طرفكم ولزوم تعيين ميناء بحرية ترد على جهاتكم منها الأموال التجارية والأمور الضرورية. وهذا أمر حيوي لا غنى للبلاد عنه، ومعلومكم أن القنفذة كانت ميناء هذا الوطن. وكان من اللازم عدم تركها إلى اليوم ولكن الأمور رهينة أوقاتها. وموجب أننا حالاً عازمون على توجيه المسلمين لهذا الطريق والقيام به إن شاء الله. يكون معلوماً. هذا ما لزم ودمتم. في 15 محرم 1343هـ.

وبعد أن تم للملك الفاتح ما أراد من ضم تلك المدينة إلى مشروع الوحدة الوطنية لم يغفل رحمه الله رعاياه فيها من الأهالي فقد أوصى عماله بهم خيراً وهذا نص البرقية الموجهة إلى أمير القنفذة محمد بن عجاج ووكيل ماليته تركي بن ماضي:

بسم الله الرحمن الرحيم

من عبدالعزيز بن عبدالرحمن الفيصل إلى جناب الإخوان الكرام محمد بن عجاج. وتركي بن ماضي سلمهم الله تعالى:

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته: على الدوام والسؤال عن أحوالكم لا زلتم بحال خير. خطكم المكرم وصل وما عرفت كان معلوماً بخصوص ملفاكم القنفذة أنتم وعبدالوهاب وتسليمكم خطنا لابن حمزة والذي قبضتم منه السلاح وغيره صار معلوماً. كذلك حرصكم على شغلكم وضبط داخلكم ورسومكم، جميع ذلك يكون إن شاء الله تحرصون عليه بالضبط ولا حاجة لنؤكد عليكم بأخذ الناس بالرفق والتطمين وتسهيل الأمور لهم في جميع الأحوال احرصوا على ذلك غاية ما يكون. نرجو الله تعالى أن ينصر دينه ويعلي كلمته ويقدر ما به الخير. هذا ما لزم تعريفه والسلام على أخوياكم ومنا يسلمون ودمتم. 19-5-1343هـ.

الختم: عبدالعزيز.

bnmgni@hotmail.com
 

رجوع

حفظ  

 
 
 
للاتصال بنا الأرشيف جوال الجزيرة الإشتراكات الإعلانات مؤسسة الجزيرة