Wednesday  17/11/2010 Issue 13929

الاربعاء 11 ذو الحجة 1431  العدد  13929

ارسل ملاحظاتك حول موقعنا
   
     

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الرأي

           

تسعى مجموعة العشرين منذ إنشائها في بداية الأزمة المالية العالمية إلى تحقيق الاستقرار المالي وحماية النظام المصرفي من تداعيات تلك الأزمة التي بدأت بالمصارف..

وامتدت إلى قطاعات الاقتصاد الأخرى كان أخيرها وليس آخرها اختلالات الموازين التجارية والفوائض المالية ومحاولة كل دولة حماية تجارتها ومصالحها ولو على حساب غيرها ولوم الغير على سياساته التي نرى أنها لا تساعد في حل الاختلالات ولذلك لم تنجح القمة في الاتفاق على رفع قيمة العملة الصينية أو الإشارة إليه كسبب، كما فشلت في الاتفاق على سياسة للحد من اختلال العجوزات والفوائض في الميزان التجاري وفشلت أمريكا بتوقيع اتفاقية جديدة للتجارة مع كوريا حليفتها الأساسية. واضطرت القمة إلى بيان يحيل الكثير إلى صندوق النقد والوزراء لوضع إرشادات ومقاييس لاتساع الفجوة بين دول العجز والفائض أي اكتفت بقياس وليس بعلاج ذلك، كما لم تتبن مطلب الولايات المتحدة بالإشارة إلى عدم تقييم العملة المنخفض بل أشارت إلى عدم التنافس في خفض العملة Competitive Devaluation بدلاً من Competitive Undevaluation الذي كانت تفضله الإدارة الأمريكية مما يمثل انخفاضاً لقدرة الولايات المتحدة على التأثير بالرغم من قدرتها على العمل المنفرد.

ومن الأسباب التي أضعفت موقف الرئيس الأمريكي في نظري هو التيسير الكمي الثاني الذي شرع به بنك الاحتياط الفدرالي الأمريكي بحجة إنعاش الاقتصاد الأمريكي واستدامة نموه بالسعي إلى تحقيق عدة أهداف منها:

1 - زيادة السيولة لدى البنوك والمؤسسات المالية بشراء الأصول منها بطبع كميات من الدولارات (600 مليار) كما أعلن لحفزها على الاستثمار والإقراض.

2 - زيادة القيمة للسندات بزيادة الطلب عليها من خلال الشراء لدفع سعرها وتعزيز قدرة مالكي السندات عند ارتفاع أسعارها على الشعور بالغنى والاتجاه للاستثمار.

3 - زيادة الشعور بالتضخم وخطره من جراء هذا الإنفاق الكبير يحفز المستثمرين على زيادة الاستثمار.

4 - خفض سعر الفائدة ليصبح سلبياً وجعل الاستثمار أكثر جدوى من وجود مدخرات تتآكل بفعل التضخم الذي هو أكبر من سعر الفائدة من خلال إعطاء الانطباع أن نسبة التضخم المستهدفة من قبل البنك المركزي قد تتغير من 2% إلى 3%.

5 - خفض قيمة الدولار لزيادة منافسة الصادرات الأمريكية لغيرها عالمياً وجعل تكلفة الواردات أعلى والحد من استهلاكها واستبدالها محلياً.

ومما لا شك فيه أن الهدف الأخير هو ما أثار حفيظة الدول التجارية الأخرى التي تعتمد على التصدير في اقتصادها أكثر من اعتماد الولايات المتحدة عليه مثل الصين وألمانيا والبرازيل حيث ترى تلك الدول في هذا التحفيز المالي طريقة غير مباشرة لخفض سعر الدولار من خلال زيادة العرض وتدني سعر الفائدة مما يجعل الأموال تنتقل إلى أسواقها بحثاً عن سعر فائدة أعلى وأسواق مالية أكبر وبالتالي رفع قيمة عملاتها وإيجاد فقاعات في أسواقها المالية والحد من تنافس صادراتها واختلال كبير في موازين مدفوعاتها وتجارتها.

كما أن هناك شكوكاً كبيرة حول تحقيق الأهداف المعلنة الأخرى التي أشار إليها البنك المركزي الأمريكي (بنك الاحتياط الفدرالي) تشمل التالي:

1 - أنه من الصعب إحداث أثر على قيمة السندات الحكومية التي يريد بنك الاحتياط شراؤها حيث إن حجم سوق السندات الأمريكية يصل إلى 8 ترليونات دولار والمبلغ المعلن هو (600 مليار فقط) وفي اقتصاد بحجم اقتصاد الولايات المتحدة البالغ 14 ترليونات دولار.

2 - أن البنوك لا تعاني من شح السيولة الآن ولن تزيد من الإقراض لزيادة سيولتها.

3 - أن مالكي السندات الأمريكية لن يبيعوا سندات مدرة للفائدة مقابل سيولة لا يرون فرصاً كبيرة أو بديلة لها بعكس ما حدث سابقاً عندما كانت الحكومة تشتري سندات الرهن وغيرها من الأصول الهالكة أو المسموعة كما سميت آنذاك.

4 - أن فرص الاستثمار خلال الركود الاقتصادي قليلة مهما بلغت السيولة وهذا المبلغ والهدف منه ربما هدف غير معلن وهو خفض العملة الأمريكية وبداية حرب عملات خطيرة.

5 - أن خفض العملة الأمريكية ربما يقابله اتخاذ الدول الأخرى تدابير في أسواق المال للحد من التأثيرات وضد حركة أسواق المال.

من هنا جاء الاهتمام بما تتخذه قمة العشرين الخامسة في سول عاصمة كوريا الجنوبية الحليفة للولايات المتحدة والتي تختلف معها حول هذه السياسة المالية والتجارية وتغيرت أهداف القمة ليضاف إليها بند ثالث على بندي إصلاح النظام المالي وإعادة النمو العالمي وهو بند منع الاختلالات وتفادي حرب العملات ولم يتم الاتفاق على إجراءات ملموسة في البيان ولم يساعد إجراء بنك الاحتياطي المركزي في الوصول إلى اتفاق يرضي الولايات المتحدة سوى التوجيه للوزراء وصندوق النقد الدولي بوضع معايير لقياس الاختلالات بدلاً من فرض غرامات على من يراكم الفوائض كما كانت تنادي الولايات المتحدة.

وما يهم دول الخليج هو حماية فوائضها المالية من أي إجراءات تنتج عن هذه القمة أو القادمة وأهمية السعي إلى تنويع الاحتياطات وشراء الذهب والاستثمار محلياً بالإسكان وغيره من الأصول المحلية والخارجية، وسبق لي في عام 2008م أن ناديت بذلك ونُشر بجريدة الاقتصادية الغراء في حينه عندما كان الذهب رخيصاً وتوقعي لزيادة سعره ليس عبقرية بقدر ما هو ناتج عن متابعة لدراسات صندوق النقد منذ أواخر ستينيات القرن الماضي حيث إنه تمت دراسات واجتماعات حضرت كثيراً منها عدما كنت بوزارة المالية كجزء من عملي وكانت تلك الدراسات نتيجة للأزمة المالية بين الولايات المتحدة وفرنسا التي رفض رئيسها الجنرال ديغول في ذلك الوقت قبول الدولارات وطالب بالذهب كما أن دراسات صندوق النقد الدولي خلال أزمة الدولار في منتصف السبعينيات كانت ترى أن العودة إلى اعتماد الذهب ربما أفضل ضمان لعدم تذبذب العملات والتجارة الدولية إلا أن المشكلة كانت أن التجارة الدولية تنمو بقوة بينما مخزون الذهب كان محدود النمو ولذا كانت هناك اقتراحات برفع سعر الذهب تدريجياً وبنفس نسبة نمو التجارة وكان هناك اقتراح «ريال روزا» سمي باسم من اقترحه آنذاك وغيره من الاقتراحات حول العودة إلى معيار الذهب كان آخرها تصريح رئيس البنك الدولي الأسبوع الماضي.

كما لفت نظري خلال الاجتماع الأخير لمجموعة العشرين سعي الرئيس الأمريكي إلى التركيز على أسواق آسيا خصوصاً الهند والصين لاستيعاب صادرات بلاده التي نمت بنسبة 60% خلال الخمس سنوات الماضية وسعيه إلى نموها بنسبة 100% واعتماده على ذلك كما قال لمكافحة البطالة في بلاده، ولفت نظري ما أشار إليه وزير المالية السعودي من أن المملكة لم تعد تصنف كدولة نامية في مجموعة العشرين مع أن البرازيل والصين لا تزالان تصنفان كذلك للاستفادة من المزايا وعدم تحمل الأعباء، وأذكر خلال التسعينيات من القرن الماضي أن الصين عارضت البنك الدولي عندما أشار إلى أنها دولة ليست فقيرة وأن دخلها يزيد على 1000 دولار للفرد وناقضت الصين ذلك بادعائها أنها تستحق المساعدات التنموية وأن دخل الفرد أقل من ذلك بحسابات مغايرة لحسابات الصندوق والبنك وأخشى من عدم تصنيف المملكة تحملها أعباء جديدة وكبيرة وأرجو أن لا يكون ذلك صحيحاً.

وختاماً فإن المبررات التي ساقتها الولايات المتحدة لإقناع القادة بأن قوة الاقتصاد الأمريكي مهمة للعالم وأن المنافسة الاقتصادية ليست على حساب أحد وأن الجميع يربح باستمرار النمو والتذكير بأن الولايات المتحدة فتحت أسواقها وتحملت عجوزات كبيرة مكّنت كثيراً من الدول بالنمو والتقدم خصوصاً في آسيا مع أنها صحيحة إلا أن العالم لا يؤمن برد الجميل والنيات الحسنة للأسف بل يريدون أن يحفظوا بما حصلوا عليه وزيادة ولو على حساب الآخرين ولذلك فإن الاتفاق سيكون صعباً ومكلفاً.

والله الموفق.

 

مجموعة العشرين والتسهيل الكمي الثاني
د. عبدالعزيز بن نايف العريعر

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

حفظ  

 
 
 
للاتصال بنا الأرشيف جوال الجزيرة الإشتراكات الإعلانات مؤسسة الجزيرة