Friday  19/11/2010 Issue 13931

الجمعة 13 ذو الحجة 1431  العدد  13931

ارسل ملاحظاتك حول موقعنا
   
     

الأخيرة

متابعة

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الرأي

           

عيد الأضحى عند الأندلسيين لا يتم إلا بذبح كبش العيد، وهذه عادة ما زالت قائمة في المغرب الشقيق حيث يهرع كل رب عائلة إلى جمع ما عنده من مال ليقوم بشراء كبش يذبحه بنفسه في الغالب. ويأكل لحمه ولاسيما في يومي العيد وفي الغالب ما يكون بالشواء أو بالنجار، ونجد ذكر أضحية العيد في التراث الأندلسي؛ فهذا الخليفة الأموي الأندلسي عبدالرحمن ناصر يجمع نحو عشرين معارضاً له، وكان من بينهم أحد أبنائه فيبدأ بقتل ابنه قائلاً لأعوانه: (هاأنذا أبدأ بالتضحية بابني وعلى كل واحد منكم قتل من بيده)، فبدأ بابنه في عيد الأضحى واتبعه الآخرون.

لنترك هذه المأساة التي فعلها الخليفة عبدالرحمن ناصر، لننتقل إلى الشاعر الزجال الأندلسي المرابطي ابن قزمان بذكر كبش العيد وحرص زوجته على التضحية به في هذا العيد المبارك وليس غايتها الأجر، ولكن الغاية إسعاد الأطفال جرياً على العادة، فيقول بلهجة أندلسية في أحد أزجاله:

وترى كبش معلق

والقطيط تحت يعوي

وأن عريان في السروال

أو في منديل خبز ملوي

وترسل الأسرة برأس الكبش إلى مكان في الحارة أو ما تسمى في المغرب «الحومة» حيث يشوط الرأس ويجتمع أطفال الحارة حول هذه الرؤوس يلعبون ويمرحون وتجمع أحشاء الخراف فيتم أكل الكبد في اليوم الأول، بينما تجمع بقية الأحشاء والتي تسمى بالتقلية أو القلايا، وغالباً ما تأكل في اليوم الثاني، وذلك بعد تنظيفها وإضافة بعض البهارات إليها، وربما يبقون شيئاً من اللحم بعد تجفيفه وإضافة الملح إليه ويسمونه القديد.

ويقول ابن قزمان بلهجة أندلسية في زجل له واصفاً ذلك الفعل:

واش إلا القلايا

والقديد لمسرح

وشواي لجنب

وأنا جالس نملح

ونصقف على النار

ثم نبتدي نملح

وأنا كن طبيط

في دخان مشمر

وابن قزمان يصف ما يعانيه الإنسان الأندلسي من شقاء في يوم عيد الأضحى حيث إن العادات الاجتماعية توجب عليه بعض الالتزامات التي ربما تنهكه مالياً وجسدياً، ولهذا فهو يقول زاجلاً واصفاً العيد بالثقيل.

تقلة العيد في حملان

والكباش والقرايب

والقدور والصحيفات

والقلل والمحالب

واش يقاسي الانسان

من حرارة في الأعياد

وهو في هذا يصف ما يعانيه طيلة العيد من عناء في توفير المال لشراء الكبش وإسعاد الأطفال وليس تقرباً لله فقط. وكذا العناء من ذبح الكبش بنفسه وتجهيز الطعام بطرق مختلفة من شواء وغيره وكذلك حمل الأطباق والجفان، والصحائف والقلل، واستقبال الأقارب، ومع هذا فهو عناء يحمل بين جنباته السعادة. حيث يسعد الجميع باللقاء والاستئناس بالحديث والزيارات كما يهنأ الأطفال باللعب مع بعضهم البعض، وكذلك يحصل الفقراء على شيء من اللحم الذي ربما افتقدوه في أغلب أيام السنة، ولهذا فإن العيد مع ما فيه من عناء إلا أنه يجلب السعادة في نهاية المطاف.

وربما أن هذه القاعدة هي الأساس للسعادة والمتعة فمن يحصل على المال أو العلم من كدِّ يده أو اجتهاد فكره يكون أكثر استمتاعاً ممن يحصل عليه بأسباب أخرى ميسرة.

 

نوازع
عيد الأندلسيين
د. محمد بن عبد الرحمن البشر

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

حفظ  

 
 
 
للاتصال بنا الأرشيف جوال الجزيرة الإشتراكات الإعلانات مؤسسة الجزيرة