Tuesday  30/11/2010 Issue 13942

الثلاثاء 24 ذو الحجة 1431  العدد  13942

ارسل ملاحظاتك حول موقعنا
   
     

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الرأي

           

وثائق من البنتاغون الأمريكي تسرب إلى موقع إلكتروني ومن ثم (تفلتر) وتنشر عبر قناتي الجزيرة الفضائية والرابعة البريطانية بالإضافة إلى ثلاث صحف هي النيويروك تايمز والغارديان ودير شبيغل الألمانية،

وتسريبات تبث من قبل إحدى القنوات الكندية عن المحكمة الدولية توحي باتهام لفريق في الساحة اللبنانية الساخنة، وكأن أقوى وزارة دفاع في العالم وأكبر محكمة عدل في العالم صارتا مخترقتين من ضمير فضائي قادم من عالم آخر.

لعل ما قد يستفاد من هذه الوثائق أنها جاءت باعترافات «عملياتيه» لأحداث وجرائم سترت بالتدليس والتسويف في وقتها حتى تلبست بجرائم أخرى أزاحتها وحلت محلها وهكذا كانت وما زالت تدور هذه الأحداث الموجعة في بلاد الرافدين وأفغانستان، ومع هذا فان هذه التسريبات تؤدي إلى التأثير والإثارة دون أن تفيد القضاء أو تدعم التحقيق، فهي ليست أدلة بالفهم القانوني تساعد على إقامة دعاوى قضائية ضد أحد -كما يقول بعض القانونيين- بل إنها في الواقع تشير إلى عمليات عسكرية مشفرة بين القوات الأمريكية في الميدان العراقي وقياداتها في العراق وأمريكا كرصد وتوجيه ضمن إطار إدارة العلميات العسكرية، وإذا كانت الإثارة والتأثير ناتج عن الإيحاءات المعطاة من خلال الرصد ومن خلال التوجيهات فكأنما نحن في صالة عرض نشاهد فيلم سينمائي مثير نشعر بأحداثه ويسري فينا أثره دون أن يضع في أيدينا شيئاً ملموساً أكثر من الأثر السلبي والشحن النفسي، والحال ذاته ربما قيل حول ما تم تسريبه من محكمة الحريري الدولية باتجاه فريق لبناني وكأننا أمام معلق رياضي لمباراة باهته يريد تسخينها بالإثارة والتهويل.

إن من المعروف أن اللجنة الأمريكية الإسرائيلية للعلاقات العامة (ايباك) تمتلك (لوبيات) تأثير وسيطرة في الولايات المتحدة الأمريكية وأكثر دول أوروبا، وهي التي تصوغ أو على الأقل تملك التأثير القوي بحكم طبيعة عملها في رسم الاستراتيجيات والسياسات الأمريكية والأوروبية، وأثرها وتأثيرها ليس نتاج دور رسمي أو دستوري يقيد هذه الحكومات ويخضعها لها، وإنما أثرها وتأثيرها ناتج عن خلق وصناعة الحاجات والضرورات لتصبح معطيات تبنى على ضوئها الاستراتيجيات والسياسات، يخدمها في ذلك المال والإعلام ودقة التقاط المؤثرات ومن ثم صياغتها وتحويلها إلى أدوات ضغط وتأثير على صناع القرار.

كما أن حدود هذا التأثير لا يتوقف عند حدود أمريكا الشمالية وأوروبا فقط، بل يمتد إلى كافة أنحاء العالم بحكم التأثير الأمريكي والأوروبي سياسياً واقتصادياً وعسكرياً وإعلامياً، ولو وضعنا تسريبات البنتاغون وتسريبات محكمة الحريري في مرصد واحد لوجدنا أن كلا التسريبات لمعلومات صحيحة المصدر, وأن هذه التسريبات تضر أكثر مما تنفع الجهات المسربة عنها هذه المعلومات، ولن نجد مهما بحثنا عن ضمير إنساني مثالي يمكن أن نضعه مبرراً لهذه التسريبات، ولكن نستطيع أن نعرف أن آثار هذه التسريبات يمكن أن تثير غضبنا وعصبيتنا وتشحننا بالشك والتوجس تجاه الغرب وحتى تزرع الفتنة والبغضاء فيما بيننا كعرب ومسلمين، وفي النهاية كل هذا لخدمة (إسرائيل).

إن الهدف الحقيقي لهذه التسريبات خطير وخطير للغاية، ومن لا يؤمن بفكر المؤامرة في اعتقادي لا يفهم حركة التاريخ التي لا تدور أو تتبدل بدون فعل فاعل ولا يمكن لفاعل أن يؤدي فعلاً دون مبرر ومؤثر وأن المبررات والمؤثرات هي المعطيات الضرورية لتدوير حركة التاريخ، وأخشى أن أقول إننا اليوم أمام راغب في خلق جفاء وتباعد وربما عداء بين العرب والغرب، من خلال كشف القبح والصلف في مواقف وأفعال الغرب تجاه العرب والمسلمين (وإن كانت معلومة إلا إنها تمرر بمبررات نشترك للأسف في صنعها أحيانا) وذلك بغرض تفعيل وتسخين العداء الذي تظهره مثل هذه الأفعال والمواقف تجاهنا، للاستفراد بالقوى العظمى لتحقيق مصالح (إسرائيل) بعيداً عن منافسة الصداقات والمصالح التي تربط كثير من الدول العربية والإسلامية مع الغرب، هذا في المدى المتوسط وإلا فهذه التسريبات كافية لخلق الحرج والضيق والتشكيك لدى أقرب حلفاء الغرب وأكثرهم حرصاً على استمرار العلاقات، وهي في نفس الوقت يمكن أن تكون كافية أيضاً لتوحيد موقف عربي يستطيع وضع حد للاستهتار الغربي بالمطالب المشروعة، لو رغب العرب في ذلك مخلصين.



Hassan-Alyemni@hotmail.com
 

أليس تسريب الوثائق السرية مؤامرة ؟
حسن اليمني

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

حفظ  

 
 
 
للاتصال بنا الأرشيف جوال الجزيرة الإشتراكات الإعلانات مؤسسة الجزيرة