Sunday  05/12/2010 Issue 13947

الأحد 29 ذو الحجة 1431  العدد  13947

ارسل ملاحظاتك حول موقعنا
   
     

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

وَرّاق الجزيرة

 

العرضية في مشاهدات الرحالة قبل 100 عام
عبدالهادي بن مجنِّي

رجوع

 

إن مما أثار اهتمامي عند البحث عن الحياة الاجتماعية في قضاء العرضية وبلدة العلايا في الفترة التي سبقت توحيد هذه البلاد، هو ذلك الارتباط السكاني بين أفراد المجتمع في هذين الإقليمين من متصرفية عسير، ومساعدة بعضهما البعض وقد لاحظ ذلك الرحالة كورنواليس عندما زارها في سنة 1334ه (حيث قال : بلقرن السراة يعيشون في العلايا، وبلقرن تهامة يسكنون منطقة العرضية وهم مقيمون يشتغلون بالزراعة والقسمان صديقان ويساعدان بعضهما بعضاً وهم معروفون جيداً بكرمهم والمرور عبر أراضيهم سليم ومأمون)، أما أبرز مظاهر الحياة الاجتماعية لديهم فكانت الأسواق التجارية التي تعد المكان الذي يتبادل الناس فيه المنافع ويتعارفون فيه، هذا إضافة إلى كونها منابر للوعظ والإرشاد وكانت ملتقى للشعراء الشعبيين يتبادلون فيها أشعارهم، وكان السوق يمثل المكان الذي تنفذ فيه الأحكام الشرعية، وقد شهدت العرضية والعلايا حركة تجارية من خلال الأسواق الأسبوعية آنذاك حيث إن أسواقها لاقت اهتماماً واسعاً على الصعيد التجاري. أما أشهر الأسواق بها في تلك الفترة فهو سوق أربعاء بني بحير وأحد النبيعة بني رزق وخميس الجوف وسبت حجاب وجمعة ثريبان وثلاثاء عمارة وسبت العلايا، ولعل هذا الأخير كان هو الأبرز وغالبيتها قائمة حتى يومنا هذا ولكنها فقدت أهميتها تلك، وتعود نشأة السبت في العلايا إلى العهد العثماني في زمن المتصرفية في أبها وفي تلك الحقبة كان هناك أسواق دائمة يومية وأسواق موسمية أما العلايا فكانت سوق دورية أسبوعية تقام كل يوم سبت. وكانت القبيلة القائمة على رعايته تسن له القوانين واتفاقات وقواعد تحفظ حقوق المتسوقين وتحمي حقوق الجوار مما يعبر عن الروح العربية الأصيلة لدى بلقرن، ومنها ما ورد في وثيقة قديمة تختص بسوق السبت في العلايا كُتب فيها ميثاق يجيز للقادمين إلى السوق إن كان ذلك اليوم يوم ماطر ولم يجدوا ملاذاً عن المطر فإنه يحق لهم الدخول إلى أي منزل شاءوا للهرب من المطر ومن يمنع الناس من دخول داره ويغلق بابه فإن العقوبة التي يتحملها هي دفع مبلغ 12 ريالا فضه (عزاره)كما يسمونها، وفي نص الوثيقة قال كاتب هذا العهد ((ومن صك بابه إذا جا ماطر نهار السبة فعزارته اثناعشر)). ولم تساعد الظروف الأمنية في المنطقة على التجارة بشكل أوسع وعلى وجود وكلاء تجاريين أو بيوت تجارية، وإنما اشتهر بعض التجار هناك فقد ذكر الرحالة الإنجليزي كورنواليس وأضاف صاحب كتاب التجارة في متصرفية عسير أشهر الملاك والأثرياء في المنطقة وذكر منهم ابن مرزوق شيخ زبيد، وشيخ آل مشيب من بلقرن مساعد بن مهران، ومن التجار والملاك في هذا الإقليم تلك الفترة علي بن قصاص البحيري وعبدالله بن مجني وحسن بن صموت في العرضية، وهم من كبار مشايخ بلقرن، وقد كانت تجارتهم تنقل بواسطة قوافل الجمال إما إلى بندر القنفذة أو بيشة أو إلى جهات حلي والبرك، ولعل من المناسب ذكره هنا الإشارة إلى تعاملاتهم والنقد المستخدم في ذلك الزمان ولا أنسى أنني في طفولتي شهدت أحاديث المعمرين المعاصرين للحياة الاجتماعية تلك، وحديثهم عن العملات التي كانت متداولة في المنطقة والقوة الشرائية للريال الفرانسه وجنيه أبو خيال وهي نقود كانوا يتعاملون بها، وكان بالعلايا والعرضية عدد من العملات غير الرسمية وهي عملات شعبية جهات إصدارها أجنبية، وقد اعترفت بها الحكومة العثمانية وعادلتها بنقودها الرسمية وكان أشهرها ما عرف محليا بالريال الفرانسه وقيمته 12 قرشا عثمانيا وهذا الريال معروف عالمياً بريال (ماريا تريزا) وهو عبارة عن قطعة نقدية من الفضة ضربت في النمسا في عام 1195هجري / 1780م ويقال إن ما سك منه في بلد المصدر حتى اليوم 320 مليون ريال فرانسه، وقد أكدت الوثائق تعامل الناس بهذا الريال في القنفذة وجهات العرضية في عام 1293 هجري/ 1875م، أما سبب التسمية فهو نسبة إلى (فرانز الأول) واسمه فرانز شتيفان (دوق لوترنج) زوج الإمبراطورة النمساوية ماريا تريزا. وكان الريال الفرانسه يفضل في تلك القرى والبوادي على غيره نظراً لثبات وزنه، وضبط عياره، ونقاوة معدنه التي ظلت دائماً ثابتة، ولم تتغير طوال فترات تداوله والتعامل به، فضلاً عن جودة ضربه وحسن سبكه، وقبول شكله، وتميزه على غيره من العملات الفضية المعاصرة له ولقيمته النقدية المضمونة. وقد علق بعض المؤرخين على الاعتقاد السائد بنسبة هذا الريال إلى فرنسا وأن هذا الاعتقاد غير صحيح وإنما ما ذكرناه سلفاً بأنه نمساوي. وورد لدى المعبدي أن بعض الأسر ما زالت تحتفظ بهذا الريال كذكرى. ووجد منه فئتين أبي طيره وقيمته عشرة قروش مصرية وأبو طاقة وقيمته عشرون قرشا، وأود أن أضيف في هذه العجالة أن جلالة المغفور له الملك عبدالعزيز بعد أن وحد نجد وضم الحجاز وقبل أن يصدر عملة لهذه البلاد كان الريال الفرانسه أولى العملات التي اعتمدها في نجد ثم بعد ذلك في الحجاز فقام رحمه الله بتوشيح وختم الريال الفراسنه واعتماده كعملة رسمية، وتوشيحه تم على مراحل المرحلة الأولى طبع على وجهه كلمة نجد والمرحلة الثانية طبع عليه الحجاز ثم في المرحلة الثالثة طبع على وجهه نجد والحجاز، ومن العملات التي كان سكان العرضية والعلايا يستخدمونها في تعاملاتهم الجنيه الإنجليزي المعروف لدى السكان بأبو خيال وقيمته تعادل مائة وعشرون قرشا وكان هذا الجنيه أكثر قبولاً لدى السكان من العملة التركية. وأردت من هذا المقال «وأتمنى أن أكون قد وفقت»، أن أساهم ولو بجزء يسير عن الحياة الاجتماعية في بلاد بلقرن وأسلط الضوء على أهم العملات التي كانوا يتعاملون بها ويتداولونها وأشهرها لديهم على الإطلاق الريال الفرانسه ونشأة هذا الريال وسبب التسمية.

bnmgni@hotmail.com
 

رجوع

حفظ  

 
 
 
للاتصال بنا الأرشيف جوال الجزيرة الإشتراكات الإعلانات مؤسسة الجزيرة