Tuesday  07/12/2010 Issue 13949

الثلاثاء 1 محرم 1432  العدد  13949

ارسل ملاحظاتك حول موقعنا
   
     

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الرأي

           

في الوقت الذي أصبح بعض أفراد المجتمع لديهم الوعي والفكر ما يجعلهم يتدبرون في تسيير أمور حياتهم، وتحقيق الأهداف الاجتماعية بأقل قدر من التكاليف المادية، مثل اتجاههم لإقامة الزواج العائلي والاقتصار على عدد محدود من المدعوين من العائلتين عبر حفل مختصر التكاليف؛ يأتي بالمقابل الهدر فيما يسمى تجاوزاً مناسبات العزاء!

حيث أصبح من المعتاد حينما تقوم بتعزية قريب أو صديق أو زميل في العمل أو أحد الجيران أن تجد في منزل المتوفى كراسي هائلة مصفوفة في الساحات الخارجية بعد أن فاضت بها الصالات الداخلية، ناهيك إن لم يكن المنزل شقة صغيرة. وقد تعجب عندما تشاهد المظاهر أقرب ما تكون في وصفها بالمظاهر الاحتفالية، سيما في نهج أصول الضيافة، ابتداء من الاستقبال وتجهيز صواني القهوة والشاي، وليس انتهاء بالصبابين! بل تأتي بعدها (تباسي الأرز والمفاطيح)!! وقد تندهش حينما تسمع - كما سمعت - بأن إحدى العوائل قد قررت وضع مراسم العزاء في إحدى الاستراحات الفاخرة ونشرت بذلك إعلانا بإحدى الصحف، وأخشى أن يأتي اليوم الذي ترسل فيه بطاقات سادة لإقامة مناسبة العزاء! عدا عن إحضار أحد الدعاة بهدف الدعاء للميت، والوعظ والاحتساب لأهله وتذكيرهم بالآخرة وحثهم على العمل الصالح! ومن ثم تنتهي المراسم بالتوديع. وعسى أن لا يتبعه إطلاق عبارة (ساعة مباركة أو فرصة سعيدة) بعد اللقاء الودي غير المتوقع!!

تأملت في الوضع، ووجدت أن ذلك قد يخالف الشرع (وهذه ليست فتوى) انطلاقاً من مبدأ الإسراف حين تحول الأمر من عزاء ومواساة إلى عادة اجتماعية جديدة وذميمة، ويمكن أن تندرج تحت مسمى إكرام الضيوف فحسب، وليس تقبُّل العزاء. وقد ورد عن جرير بن عبد الله البجلي رضي الله عنه أنه قال: (كنا نعد الاجتماع إلى أهل الميت وصنعة الطعام بعد الدفن من النياحة) رواه الإمام أحمد.

ولاشك أن التعزية هي أحد أشكال المواساة لذوي الميت وتخفيف مصابهم وحثهم على الصبر والاحتساب ومشاركتهم مشاعر الحزن وألم الفراق ولكن دون مراسيم.

والمزعج هو المبالغة والمغالاة في التعزية مثلما يحصل الآن مثل شد الرحال إلى مقر إقامته ومكان وفاته، والصلاة عليه، والمشاركة في دفنه والإقامة في منزله، ومضايقة أسرته عدة أيام بدعوى المواساة والتخفيف من مصابهم! دون مراعاة للحالة الاقتصادية والنفسية لأهل المتوفى. فضلاً عن إهدار الوقت بالجلوس مجاملة وإثبات الحضور عدة أيام في مكان العزاء لاستقبال المعزين وربما أكثرهم غير معروفين! وقد يتخلل مجالس العزاء مظاهر الأنس والضحك والمناقشات الحادة وإثارة الموضوعات الاجتماعية والاقتصادية والهموم الشخصية! بما يجسد انطباعاً لا ينسجم مع حجم مصيبة الموت.

والأمر في الشرع أسهل من ذلك بكثير حتى قيل إنه من سماحة الإسلام أنك متى ما لقيت المصاب تعزيه، فيمكن أن تعزيه في المسجد أو في الطريق، أو مكان العمل أو عبر وسائل الاتصال كالهاتف أو رسالة جوال أو إيميل، وفيها تحثه على الصبر والتسليم والإيمان بالله وبقضائه وبقدره خيره وشره، وهو ما يؤدي الغرض ويثبت المشاركة.

ومظاهر الحزن والتألم ليست من حقوق الميت إطلاقاً، وإن كانت تلقائية من المصاب وقد فقد النبي صلى الله عليه وسلم ابنه إبراهيم فحزن وترحم عليه ودمعت عيناه وصبر ولم يقل سوى: (إن العين لتدمع والقلب ليحزن وإنا على فراقك يا إبراهيم لمحزونون).

ومهما كانت المشاركة والحضور، فلن يشعر بوقع المصيبة ولا حرارتها مثل أهله وأحبائه. فيحسن عدم المشقة عليهم والتخفيف عنهم باختيار وقت الزيارة ومدتها، ورفع الحرج عنهم ومراعاة وضعهم وحاجتهم للراحة!

rogaia@hotmail.com
 

المنشود
العزاء الشاق!!
رقية سليمان الهويريني

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

حفظ  

 
 
 
للاتصال بنا الأرشيف جوال الجزيرة الإشتراكات الإعلانات مؤسسة الجزيرة