Tuesday  07/12/2010 Issue 13949

الثلاثاء 1 محرم 1432  العدد  13949

ارسل ملاحظاتك حول موقعنا
   
     

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

متابعة

           

قلبٌ من ذهبٍ أنتِ!

وكل أثمانِ العالم ونفيسها

هو أنتِ!

يا نقيّة كبياض الثلج!

تلتهب حروفي وتشتعل في قلبي ويدي وكل ما حولي وأنا أحاول انتزاعها لتقول ما بي! لأتحدث عن فقدي لكِ، عن وجعي وأنت تفرغين من يدي،

من عيني، من أذني، ومن حولي

وتبقين فقط في قلبي..

حب يكبر ويكبر ويتضخم حتى يملأ العالم كله..

كما كنتِ تزرعين الحب في قلوب الجميع

ذلك الذي نبت وأزهر واستطال واجتذب كل تلك الأعداد الهائلة التي تلهج بالدعاء لكِ

يا ألله!

هل أصبحت لا أقول أمي؟ من لي بأم يا أماه بعدك

ما زلت طفلة تتوق لحنانك

لا تقولي كبرتِ

فأنا معكِ صغيرة.. رضيعة.. أشعر باليتم يا أماه..

يزلزلني الإحساس بفقدك.. يبتر قدماي.. فأطير في الهواء كريشة في يوم عاصف! كبالون أطلقه طفلٌ شقي!

ما زلت أراني واهنة القدمين، أتعثر في خطواتي خلفك أتوق لحضنك، أتعلق بطرف ثوبك وأبكي بحثاً عنكِ!

أتهجى اسمك وألحن فيه كثيرا! أنتظر حتى تفتحي ذراعيك لي وأرتمي في حضنك وأشعر بأمان طاغٍ لا يستلذ به إلا من حُرِم.

كيف أجدك الآن وقد رحلت ِ؟

كنت أظنك ستبقين هكذا

سنوات طويلة تمرضين وتعودين واهنة ضعيفة تعتمدين على الغير في كل شؤونك لكنك تبقين بيننا..

أحسبني أنانية جداً وأنا أبكي فقدك الذي أراحك بفضل الله تعالى من عناء سنوات كثيرة برغم صمودك ورضاك

سبحان الله ما أعظم صبرك ورضاك!

كنت تحمدين الله تعالى أنَّ يدك اليسرى هي التي شلَّت وليست اليمنى! كان صبركِ عجيباً

كم من العذابات تجرعتيها وبقيتِ صابرةً تحاولين التخفيف عنا وأنتِ تشقين في داخلك.

تعطيننا أمثلة شتى..

في الصبر وفي الرضى وفي الأمومة أيضاً

حتى في رحيلك تلقيننا دروساً شتى..

لكننا نبكيك

لم نبكِ وحدنا فما أكثرهم الباكين

أحسبها عصافير النخيل وحمائم الأشجار وقطط الحي تبكيك

أخالها جدران البيت تحنّ عليكِ ويصلني صوت بكائِها، أكادُ أسمعُ أشياءكِ تبكي وتهلّ دموعها

كرسيّك المميز وساعتك المؤذنة وهذا صوت سجادتك تبكي طويلا، تلك السجادة التي تمنيتِ سنوات طويلة أن تمرغي جبينك فيها ساجدة لله تعالى ولم تستطيعي!

ما أروع أمانيكِ يا أماه وأسهلها

وأنت تقولين بيقين المؤمنة (إذإ عافاني ربي....) وتتبعينها بأمان نراها عاديةً جداً وترينها كبيرةً وهامّة! وقد طالت السنوات ولم تفقدي ثقتكِ بربك سبحان وتعالى بل تزيد

وتمتلئين عطفاً وشفقةً على الجميع

كم نفس أشفقتِ عليها؟

وكم يدٍ مددتِ لها العون؟

كم لسان دعا لك في حياتكِ ومماتك؟

ما أروعك أيها القلب الذي درج بيننا

ما أجمل أخلاقك وأنت لا تعرفين الكره،

فقط تحبين وتضمين الجميع تحت جناحكِ الطاهر

تسامحين دائماً.. أنت هكذا متسامحة عطوفة

محبة.. كل شيء فيك جميل

وأنا يا حبيبتي

جئتكِ من غربتي التي طالت سنوات في كلها تقولين ليس لي من الدنيا إلا أن أحضنك وأقول يا رب لا تفجعني في غربتي

وقد تحققتا لكن فجيعتي فيك جاءت سريعة يا غالية!

رحلتِ وما زلتُ جائعة لحنانك

عطشى لقربك

أود لو ألثم يديك الطاهرتين وأشم رائحة الحناء التي رحل بها كفيك وقد اصطبغتا بلون العيد

يا عيدي الذي رحل!

من أين لي بدموع أخرى لتبكيك؟

وأي الكلمات لتسطر فجيعتي فيك؟

ما كنت أحسبني سأودعك هذا الوداع السريع.. كنت ارتميت تحت قدميك

حتى في يوم رحيلك

جئتك وأنت أفضل مما كنت تجلسين وتحتسين قهوتك التي تمنيتيها وتطلبين الماء الذي حرموك كثيراً منه

كنتُ سعيدة وأبشِّر الجميع بتحسنك المفرح برغم نظراتكِ الغريبة لي

كنتِ تطيلين النظر فيني وتدمعين!

يا ألله!!

تقولين لا تطيلوا الغياب عني

وها أنتِ تطيلين غياباً أبدياً عن دنيانا الفانية

رحلت بعدي بسويعات

سويعات فقط..

كان الموت ينتظرك ويغيب جسدك الحبيب

لكنك بيننا، معنا، في قلوبنا، وفي قلوب كثيرة كثيرة جدا.

رحمك الله تعالى يا والدتي الحبيبة.. يا من اكتسبت من اسمها نصيب كبير فكانت لطيفة في كل شيء إلا في غيابها الموجع.

ادعوا معي لها بالمغفرة والرحمة يا كل القراء يا كل الناس، لو تعرفونها كما نعرفها لبلّلت دموعكم هذه الحروف العجلى.

غفر الله لكِ يا حبيبتي وتجاوز عنكِ وجعل قبركِ روضة من رياض الجنة

وألهمني ربي تبارك وتعالى الصبر والسلوان ووالدي وأشقائي وشقيقاتي وكلّ من أحبك وافتقدك.

مرفأ صغير..

أمي رشيدة يا أقرب القريبات لقلب أمي ويا شبيهة أمي.. اسمحي لي أن أقول لكِ أمي، فما زلتُ جائعة لكلمة أمي! متّعك الله تعالى بالصحة والعافية.

marrfa@hotmail.com
 

رحيلكِ يا أمي!
منيرة ناصر آل سليمان

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

حفظ  

 
 
 
للاتصال بنا الأرشيف جوال الجزيرة الإشتراكات الإعلانات مؤسسة الجزيرة