Wednesday  08/12/2010 Issue 13950

الاربعاء 02 محرم 1432  العدد  13950

ارسل ملاحظاتك حول موقعنا
   
     

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الاقتصادية

           

وصف رئيس مركز تنمية الصادرات الدكتور عبدالرحمن الزامل قرار الهند فرض رسوم إغراق على بعض المنتجات البتروكيماوية السعودية بأنه «قرار أرعن»!، وطالب باتخاذ إجراءات حازمة ضده. ربما جاء القرار الهندي متوافقاً مع مصالحهم الداخلية، بغض النظر عن شرعيته، وأجزم بأن الحكومة الهندية قد حسبت الخسائر والمكاسب المتوقعة قبل تثبيت القرار لخمس سنوات قادمة.

لا أعلم أية رعونة نتحدث عنها، رعونة القرار المُتخذ، أم رعونة التعامل مع ملف الإغراق الذي لم يصل أبداً إلى مستوى الكفاءة الحاسمة؛ ما شجع الهند على تثبيت قرار فرض رسوم الإغراق بدلاً من إلغائه! لم تكن الهند لتتجرأ على التلويح بفرض الرسوم، لا تثبيتها لخمس سنوات قادمة، لولا أنها اختبرت ردود الأفعال الأولية، واطلعت على دفوع المتضررين السعوديين، وموقف الجهات الرسمية منها، وأسلوب التعامل مع ملف الإغراق؛ ما شجعها على المضي في فرض الرسوم بعد أن صَمَّت آذانها عن زوبعة المعترضين المفرغة من المواقف الحاسمة.

ما توقعته في مقالَتَي «دعاوى الإغراق.. الصين بعد الهند»، و»دعاوى الإغراق.. تركيا بعد الهند والصين» بات واقعاً حين ثبَّتت الهند رسوم الإغراق على بعض المنتجات البتروكيماوية السعودية، وكل ما أخشاه أن تواجه صناعة البتروكيماويات السعودية قضايا إغراق أخرى غير متوقعة. عندما تُفقَد احترافية التفاوض والدعم الحكومي تأتي النتائج مُحبِطَة، ومُضِرة بالصناعات المحلية التي نُعَولُ عليها الكثير لتحقيق هدف «تنويع مصادر الدخل».

الرئيس التنفيذي لشركة سابك المهندس محمد الماضي صرح ل»الوطن» بأن شركته توقفت عن تصدير البولي بروبلين خلال فترة التحقيقات الهندية في قضية الإغراق، واستَبعَد أن يكون للقرار أي تأثير سلبي على المبيعات. أختلف مع المهندس الماضي في تقييمه الموقف وربطه بحجم المبيعات في السوق الهندية؛ فعدوى قضايا الإغراق الناجحة قد تتسلل إلى الأسواق الأخرى الأكثر أهمية للشركات السعودية؛ تثبيت رسوم الإغراق الهندية قد يقود دولاً أخرى لمحاولة فرض رسوم حمائية ضد المنتجات السعودية. المهندس صالح النزهة، نائب الرئيس الأعلى للبتروكيماويات، رئيس مجمع «التصنيع» قال ل»الحياة»: «إن الشركات السعودية لديها منافذ تصدير على مختلف دول العالم، وليست متوقفة على السوق الهندية، وهذا لا يقلل من أهمية السوق الهندية، والمصدرون السعوديون ليسوا معتمدين على دولة واحدة حتى يخشوا خسائر الحمائية».

أذكر أن المهندس أحمد العوهلي، رئيس شركة سبكيم، قد ذكر لقناة «العربية» في يونيو 2009 تعليقاً على الرسوم الحمائية التي فرضتها الصين على بعض الشركات السعودية العام الماضي بأن شركته «لن تدفع أياً من الرسوم حتى لو تطلب الأمر تحويل الشحنات المتوجهة إلى الصين نحو أسواق أخرى»!. هناك توافق في ردود أفعال الشركات السعودية، وأسلوب مواجهتها قرارات الرسوم الظالمة، وإن كنت أعتقد أن ضعف الحماية الحكومية لقطاع البتروكيماويات هو ما فرض عليها التسليم بالأمر الواقع، والتضحية بالأسواق الواعدة من باب «مُكره أخاك لا بطل».

التحوُّل عن الأسواق الواعدة، وإن لم يتجاوز حجم التصدير لها في الوقت الحالي 200 مليون دولار، يعني الهروب إلى الأمام بسبب عدم القدرة على وقف تجاوزات المخالفين لأنظمة التجارة العالمية بالوسائل القانونية، أو وسائل التفاوض والضغط التجاري والدبلوماسي. إذا كانت الشركات الهندية قادرة على دفع حكومتها إلى اتخاذ قرارات (يُعتقد) أنها مخالفة لأنظمة التجارة العالمية فلماذا تفشل شركاتنا ومفاوضونا ومندوبو وزارة التجارة في نقض تلك القرارات على ما يملكون من وسائل ضغط وحقوق مشروعة كفلتها الأنظمة والقوانين العالمية؟ إما أن يكونوا مقصرين في إدارة المفاوضات واستخدام أدوات الضغط المتاحة لحماية مصالح الشركات السعودية، أو أن تكون تلك الشركات مخالفة لأنظمة التجارة العالمية، وقوانين الإغراق، وهو ما أنفيه نيابة عنهم، وفي كلتا الحالتين يجب أن تتحمل الشركات السعودية والجهات المسؤولة عنها تداعيات قضايا الإغراق التي أعتقد أنها ما زالت في مراحلها الأولى!.

القصور في عرض وجهات نظر الشركات السعودية، وضعف الترافع القانوني، وفقدان الضغط الأمثل والتنسيق المشترك من وزارة الصناعة والتجارة، المالية، والخارجية بما يحقق مصلحة الشركات السعودية في الخارج كان له الأثر الأكبر في فرض الضرائب الحمائية في أكثر من دولة، وتثبيتها في الهند، وما لم يُشَكَّل فريق عمل متخصص وضليع في قوانين التجارة العالمية للدفاع عن الشركات البتروكيماوية والمصالح الوطنية فستبقى صناعة البتروكيماويات السعودية في دائرة الخطر. سابك وقطاع البتروكيماويات قادرون على تشكيل أفضل فريق دفاع عالمي لحماية مصالحها في الخارج. الاعتماد على جهود وزارة الصناعة والتجارة قد يُفقدهم بعض الحقوق المشروعة لأسباب بيروقراطية، وأخرى على علاقة بالكفاءة القانونية والمعرفة بقوانين منظمة التجارة العالمية.

تشكيل فريق محاماة دولي متخصص في قضايا منظمة التجارة العالمية، والإغراق على وجه الخصوص، يمكن أن يكون الخيار الأمثل لقطاع البتروكيماويات السعودية، إلا أن ذلك لا يغني عن دعم وزارات الصناعة والتجارة، والمالية، والخارجية، والعمل للقضايا المصيرية لقطاع الصناعات البتروكيماوية؛ فوسائل الضغط الدبلوماسية، والمالية، والتجارية قد تنجح في نقض الكثير من الإجراءات الحمائية المستعصية.

صناعة البتروكيماويات في حاجة ماسة إلى الضغط المالي والاقتصادي القائم على المصالح المتبادلة، إضافة إلى الفكر التجاري المنفتح، والرعاية التامة والتمثيل القوي والفعَّال من وزارات الدولة، وعلى رأسها وزارة الصناعة والتجارة، المسؤولة عن كل ما يتعرض له قطاع البتروكيماويات من استهداف مبرمج من الشركات العالمية، التي ضمنت جريان مصالحها التجارية برغم ما تمارسه من حمائية ظالمة ضد الصادرات السعودية!.

f.albuainain@hotmail.com
 

مجداف
رسوم الإغراق.. «رعونة القرار» أم سلبية المواجهة
فضل سعد البوعينين

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

حفظ  

 
 
 
للاتصال بنا الأرشيف جوال الجزيرة الإشتراكات الإعلانات مؤسسة الجزيرة