Wednesday  08/12/2010 Issue 13950

الاربعاء 02 محرم 1432  العدد  13950

ارسل ملاحظاتك حول موقعنا
   
     

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

وجهات نظر

 

بين حب الحياة ومعنى الحياة
د. محمد سالم المهيزع

 

رجوع

 

كنتُ في يوم من الأيام أفكّر كثيراً في الدنيا حولي، وأفكّر في نفسي بل أفكّر حتى في المجريات والمواقف التي تحدث لي بصفة متكررة, أو مواقف تحدث أمامي وأكون متفرجاً أحياناً, أو أكون قد أُلقيت عليّ مهمة ما للتدخل في موقف ما أحياناً أخرى، بل يمتد الأمر إلى ما أسمعه أو قُلْ إن شئت ما أستمع إليه بطريقة الرواية أو سرد الشكوى أو أخذ المشورة, وإن لم يكن بالاستماع فقد يكون عن طريق الرسالة ممن يثق بك فيكون لزاماً عليك قراءتها والتفاعل معها إن طلب منك ذلك, من ذا وذاك كله أجد نفسي جزءاً من هذه الحياة؛ فهي الأحداث التي ترسم لنا الحياة، وقلمي دائماً ما يدفعني إلى الكتابة ويجبرني إجباراً على نثر هذه الخواطر على ورق علّ التاريخ يحفظها بطريقة يمكن مراجعتها ويمكن الاستفادة منها بل يمكن حتى الاستمتاع أثناء قراءتها حتى وإن كانت تروي أحداثاً مؤلمة أو مواقف حزينة أو حتى حكايات مأساوية. وبالطبع دورنا أن نجعل كل هذه الأشياء السلبية ذكريات وتجارب يمكن الاستفادة منها لبناء مستقبل أفضل ومن ثم حياة أفضل, حياة أفضل وهي الحلم الذي ننشده جميعاً.

وأنا أكتب هذه المقدمة جاء في خاطري سؤال: لماذا تفعل هذا؟ وما الفائدة وهذا العمل يحتاج منك إلى جهد وعمل متواصل؟ فأخذت أفكر أياماً في هذا الأمر، هل أقدم عليه أم لا؟ وهل سيعود علي بالفائدة أم لا؟ وهل سيعود بالفائدة على مَنْ سيقرؤه أم ماذا؟ استمطرت الأفكار والاستفهامات الكثيرة والمتكررة التي كان الجواب النهائي لها عندي هو أنني بحاجة إلى أن أكتب ذلك بطريقة جميلة قدر المستطاع، نعم إنني بحاجة ماسة لذلك؛ لأن مدرسة الحياة الحقيقية هي التي تتكرر ونتصادم - إنْ صح التعبير - مع مفاجآتها، سنتعلم من التجارب، وهي أفضل طريقة بل إن القوانين البشرية في نظري أعلم تمام العلم أنها خلاصة تجارب، ومن ثم تتعدل وتتطور قدر المستطاع.

ليس ثمة شيء ثابت سوى القوانين الإلهية الربانية، وما تذكرته الآن ونحن دائماً يجب ألا نقرر، وإنما فقط نجتهد في النظر والرأي؛ لعلنا نوفَّق إلى الصواب من خلال التجربة، والله وحده الهادي إلى سواء السبيل.

من منظور يميل إلى الفلسفة اللفظية تبادر إلى ذهني هذا التساؤل، ألا وهو: هل الدنيا هي الحياة؟ لكن الجواب بالنسبة لي أن الدنيا ليست إلا مرحلة من مراحل الحياة؛ «اعمل للدنيا كأنك تعيش أبداً، واعمل للآخرة كأنك تموت غداً».

كم من أناس رحلوا من هذه الدنيا لكن بصماتهم في هذه الحياة تعطيهم الحق بأن يبقوا أحياء في أذهان الناس وفي أذهان محبيهم، بل إن بعض الأموات ذكرهم وسيرتهم أكثر ترداداً من أناس هم بين الناس أحياء.

مات قوم وما ماتت مكارمهم

ومات قوم وهم بين الناس أحياء

هنا، وهنا فقط، صرخت الحياة في أذني؛ لكي تأخذ وتستوفي حقها من اسمها الحقيقي الذي يمتد بعده إلى أبعد من الحدود التي رسمناها لها, وطلبت مني أن أزيل تلك الحواجز التي وضعناها بأيدينا ظلماً لكي نحد من اتساع معناها, بل وطالبت بأن نزيل تلك الأرضية التي أكسبتها في عيون البعض نوعاً من السطحية المجحفة التي بالتأكيد تقلل من عمق وأعماق ذلك الاسم الجميل «حياة». كانت الحياة تتكلم بحرقة غامضة معي، لكنني لمست فيها العزم على تحقيق ما تريد، بل إنها هددت بأنها قد تلجأ إلى مجلس الأمن ولا تخشى الفيتو, وإن ربطت بالإنسان فسوف تلجأ إلى حقوق الإنسان، لكنها قالت ذلك بنبرة مهزوزة, وصوت ينتابه الشك، لا أدري لماذا؟!

لكنني استدركت عليها تحجير ذلك الواسع، وأخبرتها بأنها تعني الوجود كله, وليس الإنسان إلا جزء من ذلك الوجود.

كلنا يحب الحياة، لكن ما يجب أن نحبه هو معنى الحياة إن أردنا أن نعيش سعداء وإن أردنا أن نحقق ما نريد في هذه الحياة بطريقة متوازنة وحكيمة قدر المستطاع.

almuhaiza8@yahoo.com
 

رجوع

حفظ  

 
 
 
للاتصال بنا الأرشيف جوال الجزيرة الإشتراكات الإعلانات مؤسسة الجزيرة