Friday  10/12/2010 Issue 13952

الجمعة 04 محرم 1432  العدد  13952

ارسل ملاحظاتك حول موقعنا
   
     

الأخيرة

متابعة

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

أفاق اسلامية

 

استمرار البذل ابتغاء مرضاة الله تفريج للكروب وترويح للنفوس
إنفاق المال في أعمال الخير.. سعادة دنيوية وراحة للبال

رجوع

 

الرياض - خاص بـ»الجزيرة»:

هل هناك علاقة بين إنفاق المال في وجوه الخير المختلفة، وسعادة الإنسان، وانشراح صدره، نتيجة لهذا العمل الخير الذي حث عليه الشارع الحكيم من خلال كتاب الله، وسنة رسوله -صلى الله عليه وسلم- ،إذ يقول الحق - تبارك وتعالى -:{مَّثَلُ الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنبُلَةٍ مِّئَةُ حَبَّةٍ وَاللّهُ يُضَاعِفُ لِمَن يَشَاء وَاللّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ}، ويقول عليه الصلاة والسلام : (اتقوا النار ولو بشق تمرة).. ومن الملاحظ أن كثيراً من الذين ينفقون أموالهم، ويساعدون الناس، ويفرجون عنهم كربهم، تظهر عليهم السعادة والسرور والفرح لإقدامهم على هذه الأعمال الخيرة، بل إن هذه السعادة تدفعه إلى الاستمرار في بذل ماله للآخرين ابتغاء مرضاة الله.. عدد من المختصين وأهل الرأي تحدثوا عن هذه العلاقة المباشرة بين الإنفاق والسعادة البشرية.

الإنفاق على المحتاجين

يبين م. عبدالعزيز بن عبدالله حنفي - رئيس الجمعية الخيرية لتحفيظ القرآن الكريم بمحافظة جدة أن الكلمة الطيبة صدقة، قال -صلى الله عليه وسلم-: (الكلمة الطيبة صدقة) فهي تنجي من النار ومن عذاب الجبار، فإن إنفاق المال في وجوه الخير مفتاح السعادة وانشراح الصدر، ويؤكد عدد من الباحثين في الغرب بأن جمع المال الطائل لا يجلب السعادة للإنسان ولكن تحصل السعادة في النفس بإنفاق المال لدعم الجهات الخيرية والإنفاق على الآخرين المحتاجين ولو كان زهيداً وهذا ما أكده الرسول -صلى الله عليه وسلم- بقوله:(اتقوا النار ولو بشق تمرة) كما قال تعالى: {لِيُنفِقْ ذُو سَعَةٍ مِّن سَعَتِهِ وَمَن قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا مَا آتَاهَا سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا}. ويعتبر الإنفاق في وجوه الخير أكثر سعادة من الإنفاق على النفس لأنه يشعر المنفق بأنه جزء من هذا المجتمع ولذلك حذر الله عز وجل من جمع المال وعدم إنفاقه كما قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّ كَثِيرًا مِّنَ الأَحْبَارِ وَالرُّهْبَانِ لَيَأْكُلُونَ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَيَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ اللّهِ وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلاَ يُنفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللّهِ فَبَشِّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ}. وتكمن السعادة والأجر العظيم في إنفاق المال في أبواب الخير والعلم من خلال الإنفاق على جمعيات تحفيظ القرآن الكريم بالمملكة. لقد فشل الباحثين في الغرب في معرفة سر الإحساس بالسعادة عند إنفاق المال في وجوه الخير المختلفة ولكننا كمسلمين أدركنا قيمة هذه السعادة من خلال تعاليم ديننا الحنيف فالصدقة من أجل القربات إلى الله وأعظمها أجراً حتى تطفئ غضب الرب قال تعالى: {مَن جَاء بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا وَمَن جَاء بِالسَّيِّئَةِ فَلاَ يُجْزَى إِلاَّ مِثْلَهَا وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ}، وهذا ما يجعل المؤمن أكثر سعادة من غيره.

المال لا يشتري السعادة

ويقول د. زيد بن محمد الرماني - المستشار الاقتصادي وعضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد ابن سعود الإسلامية: في استطلاعات الرأي المنعقدة حول الشعور الشخصي بالسعادة، يسأل الباحثون الناس: عمّ إذا كانوا سعداء أم لا؟! وكذلك عن مدى الشعور بالرضا عن حياتهم. لكن تظل هناك روابط كثيرة بينهما، ما مدى شعور الناس بالسعادة؟ ومن هو الأسعد؟ هناك تقليد قديم ينظر للحياة باعتبارها مأساة لكن مؤخراً، أظهرت بعض الكتب الدافئة في كيف تكون سعيداً؟ كتبها أناس قضوا أيامهم في معالجة غير السعداء. لقد أشاع علماء الاجتماع بعض الأساطير حول من هو سعيد ومن هو غير سعيد، وذلك بتحديد مؤشرات للسعادة والشعور بالرضا.. فكثيرون يعتقدون أن هناك مراحل غير سعيدة في حياة الإنسان، فالرضا داخل العلاقات الاجتماعية والشعور بالعافية يصبحان أكثر أهمية عند كبار السن. والمراهقون على العكس من الناضجين، تتبدل مشاعرهم.

هل السعادة تفضّل نوعاً على آخر؟! هل الرجال أكثر سعادة بسبب دخولهم الاقتصادية العالية وإنفاقهم على الأهل والقرابة ؟ فمن الملاحظ أن كثيراً من الذين ينفقون أموالهم في مساعدة الناس وتفريج الكرب والأزمات تظهر عليهم علامات السرور والسعادة. ولاشك أن هذا سوف يحفزه لمزيد من الإنفاق والتوسعة على الآخرين ليحقق {مَّثَلُ الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنبُلَةٍ مِّئَةُ حَبَّةٍ وَاللّهُ يُضَاعِفُ لِمَن يَشَاء وَاللّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ}، و(أنفق بلال ولا تخشَ من ذي العرش إقلالاً)،من هنا تتبين العلاقة المباشرة والقوية بين إنفاق المال في وجوه الخير وبين السعادة الشخصية بلْ السعادة البشرية.

وما زلنا في بحثنا عن السعادة نعجب: هل الثروة تجلب السعادة؟ فإذا كانت القلة تعتقد بقدرة المال على شراء السعادة، فإن الكثيرين يعتقدون أن مالاً أكثر قليلاً سيجعلهم أسعد قليلاً مما هم عليه. هل الثروة والسعادة حقاً متلازمتان؟ هنا ينبغي الحذر من ثلاثة أسئلة مختلفة ومحددة حول السعادة والثروة، بين البلدان المختلفة، داخل نفس البلد، وعلى اختلاف الوقت.. أولاً، هل الناس في الدول الغنية أكثر سعادة من غيرهم في الدول الأقل غنى؟ ثانياً، داخل نفس البلد، هل الأغنياء أسعد؟ ثالثاً، هل أصبح الناس أكثر سعادة بمرور الوقت، حين أصبحت مجتمعاتهم أكثر وفرة؟

إذاً، إذا كانت السعادة متاحة هكذا للجميع من كل الأعمار والأنواع والأجناس وكذلك في مختلف المستويات الاقتصادية، فمن هو إذن الأسعد؟! رغم تقلبات الحياة إلى أعلى وإلى أسفل فإن بعض الناس تظل قدرتهم على الفرح كما هي.

وفي دراسة تلو أخرى تبين وجود أربع سمات أساسية لهؤلاء السعداء: الأولى: حب النفس، وبخاصة في المجتمعات الغربية الفردية، الثانية: ضبط النفس بمعنى الشعور بالقدرة على مواجهة ظروف الحياة وليس بالعجز أمامها، فهم يؤدون بشكل حسن في سنوات الدراسة يكتسبون الخبرات بسرعة، ولديهم قدرة خاصة على مواجهة الضغوط، الثالثة: التفاؤل، فالسعداء غالباً متفائلون ومن الممكن ملاحظة أن المتشائمين ممن تصدق توقعاتهم السيئة، دائماً يصابون بالدهشة أمام الفرح، الرابعة: الانبساط، بمعنى الانفتاح على الآخرين، ربما نعتقد أن الانطوائيين أكثر سعادة في ظل صفاء تأملاتهم بيد أن الانبساطيين أكثر سعادة منهم سواء في وحدتهم أو بصحبة الآخرين، وسواء عاشوا بالريف أو بالمدينة، وكذلك سواء كانوا يعملون بشكل فردي أو في أعمال جماعية.

ختاماً يمكن القول بالسؤال عمّن هو السعيد، ولماذا؟! تفتح النظرة العلمية الطريق أمام الناس لوضع أولوياتهم موضع التساؤل. وتفتح الطريق أمامنا جميعاً للعمل من أجل عالم يدفع السعادة الإنسانية إلى الأمام.

المال المحبب للإنسان

وتشير د. أحلام بنت محمد حكمي - وكيلة عمادة القبول والتسجيل للطالبات بجامعة جازان إلى أن المال من أهم وسائل التقرب إلى الله عزوجل ؛ لأن فيه قوام الحياة، والله عزوجل خلقنا ليسعدنا، خلقنا ليرحمنا، خلقنا لجنة عرضها السماوات والأرض، عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- :(قال الله: أعددت لعبادي مالا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر). الإنسان مخلوق للجنة وجيء به إلى الدنيا من أجل أن يدفع ثمن هذه الجنة في سنوات معدودة، وأكبر وسيلة لكي يتقرب الإنسان إلى الله المال المحبب إلى الإنسان، فقد أودع الله في الإنسان حب المال، فإذا أنفقه تقرب إلى الله، ولو أن واحداً منا أمسك بحفنة من التراب وأعطاه إلى فقير لا يتقرب بها إلى الله لأن التراب لا قيمة له، أما المال فله قيمة لأن المال قد زُين إلى نفوسنا، قال تعالى: {وَتُحِبُّونَ الْمَالَ حُبًّا جَمًّا}، وحقيقة المال أنه محبب للإنسان، فحينما ينفقه يؤكد صدقه في محبته لله، قال تعالى: {قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ}. وإنفاق المال برهان ودليل قاطع على محبة الله، وهذا المال الذي حببه الله إلينا إذا أنفقناه نصل إلى الله، لذلك رب درهم سبق ألف درهم، ورب درهم أنفق في حياتك خير من مائة ألف أنفق بعد مماتك، لأن المال في الحياة له معنى، وله تأثير ومادة الشهوات مادة الرفاهة، مادة السرور، ولذلك إنفاق المال في الحياة أبلغ من إنفاقه بعد الممات، لذا نجد أن من أسباب تماسك المجتمع أن تتحقق في أفراده آداب الإنفاق والإكثار من الإنفاق في سبيل وجوه الخير، وبما فيه مصلحة المجتمع، قال تعالى: {وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ}. ولهذا الإنفاق الخالص أثر وسعادة لا يدركها إلا من صدق في الإنفاق في سبيل الله، وكلمة صدقة مأخوذة من الصدق، أي تؤكد صدق الإنسان في محبته لله، والمؤمن بالتعبير المعاصر إستراتيجي في سلوكه في الإنفاق، لأنه يعطي من أجل أن يرضى الله عنه، ويعطي ولا يأخذ، ولذلك الإنفاق أحد أكبر نشاطات المؤمن في الأرض، ولنا في رسول الله، وأمهات المؤمنين، وصحابته، ومن جاء بعدهم خير مثال، وأفضل قدوة.

 

رجوع

حفظ  

 
 
 
للاتصال بنا الأرشيف جوال الجزيرة الإشتراكات الإعلانات مؤسسة الجزيرة