Friday  10/12/2010 Issue 13952

الجمعة 04 محرم 1432  العدد  13952

ارسل ملاحظاتك حول موقعنا
   
     

الأخيرة

متابعة

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

وجهات نظر

 

حادثة الثمامة.. صبر ومواساة
د.سعد بن محمد الفياض

رجوع

 

إن الحادث الأليم الذي تعرضت له مجموعة من الفتيات والذي نتج عنه وفاة أربع فتيات وإصابة البعض والتي تفردت الجزيرة بنقله حادث أقض مضاجع الجميع وأرق بالهم وأحزن فؤادهم ولا عجب فالأمة كالجسد الواحد في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم.. حادث جلل لا نملك معه إلا أن نعزي أنفسنا وأسر المتوفين ونذكرهم بأن (لله ما أخذ وله ما أعطى وكل شيء بقدر مؤجل).. وإن ما يسلي العبد عند نزول مثل هذه الفواجع المؤلمة والمصائب الأليمة ما رتبه الله من الأجر العظيم والمنزلة الكبرى لمن صبر واحتسب.. {وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوفْ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الأَمَوَالِ وَالأنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ}، فمن أعظم المصائب التي قد يصاب بها المرء في هذه الحياة؛ مصيبة موت الأعزة والأحبة وفقد فلذة الأكباد.. عندها يشعر بأنه لا ملجأ ولا ملتجأ إلا لله.. الرحيم بعباده الذي هو أرحم بهم من أنفسهم والذي بشّرهم بقوله: {وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُواْ إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ * أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ}، فما أعظم هذه المنح صلاة ورحمة وهداية كل واحدة خير من الدنيا وما فيها.. والنبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: ما يصيب المؤمن من نصب ولا وصب ولا هم ولا أذى ولا غم حتى الشوكة يشاكها إلا كفر بها من خطاياه .

فهذه الدنيا لا تصفو لأحد، فهي دنيا عجيبة متقلبة المراس مختلفة الأحوال.. دنيا تضحك وتبكي، وتجمع وتشتت، شدة ورخاء، وسراء وضراء، يوم لك ويوم عليك يوم تعزي فيه ويوم تعزى فيه.. ولكن مع ذلك تأمل معي أيها (الأب الحنون) وأنت أيتها (الأم الرؤوم).. يا من فجعتما في ثمرة فؤادكما وفي فلذة كبدكما وقرة عينكما تأملا معي هذا الحديث الشريف (إذا مات ولد العبد.. قال الله لملائكته: قبضتم ثمرة فؤاده فيقولون نعم ، فيقول ماذا قال عبدي؟ فيقول حمدك واسترجع فيقول: ابنوا لعبدي بيتا في الجنة وسموه بيت الحمد). فانظرا يارعاكما الله إلى هذه المنحة العظيمة التي لا تعادلها أي منحة من منح الدنيا ..هل تعلم أخي المصاب أن أجر المصيبة لا تحد بمقدار ولا يعرف لها مكيال بل يغرف لهم غرفاً (إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب) وانظر إلى هذا الحديث العظيم، من قال عند المصيبة: (اللهم آجرني في مصيبتي واخلف لي خيرا منها) إلا أبدله الله خيرا مما فقده.. (والصبر عند الصدمة الأولى) روي عن مطرف ابن الشخير أنه لما مات ابنه عبد الله خرج للمقبرة وللعزاء وقد لبس أحسن الثياب وأجملها وادهن بأجود الطيب لديه فقال له أهل بيته: يموت عبد الله وتخرج للعزاء بأحسن الثياب مدهنا فقال لهم كيف أستكين للمصيبة وقد وعدني ربي بثلاث الواحدة خير من الدنيا وما فيها {وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُواْ إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ * أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ}.

وهذا عمر بن عبد العزيز رحمه الله لما أراد أن يدفن ابنه قال وهو على شفير قبره: (يا بني لأن تكون في حسناتي أحب إلي من أن أكون في حسناتك )ولنعلم جميعا أن الله إذا أحب عبدا ابتلاه.. فالابتلاء علامة للحب وبرهان للمكانة.. بشرط الصبر والاحتساب.. عندها تنزل السكينة وتبرد الأكباد وتسكن الجوارح رضا بالمقدور وتسليما للقضاء.. (عندها يعلم أن أمره كله له خير إن أصابته سراء شكر فكان خيرا له وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرا له وعندها يرضى ويسلم بما قسمه الله له وما كتبه عليه وأنه لا راد لقضائه وأنه لا مانع لما أعطى ولا معطي لما منع وأن ما أصابه لم يكن ليخطئه وأن ما أخطئه لم يكن ليصيبه.. (وما يلقاها إلا الذين صبروا وما يلقاها إلا ذو حظ عظيم).

Saad.alfayyadh@hotmail.com
 

رجوع

حفظ  

 
 
 
للاتصال بنا الأرشيف جوال الجزيرة الإشتراكات الإعلانات مؤسسة الجزيرة