Saturday  11/12/2010 Issue 13953

السبت 05 محرم 1432  العدد  13953

ارسل ملاحظاتك حول موقعنا
   
     

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الرأي

           

في المؤتمر السابع عشر للجمعية العالمية لعلم الاجتماع الذي عقد في مدينة جوثنبرج بالسويد، خصصت الجلسات الصباحية للندوات، وللمحاضرات التي يلقيها كبار علماء الاجتماع في العالم، أما فترة المساء والتي تبدأ من الساعة الثالثة بعد الظهر وتمتد إلى التاسعة مساء.

فقد خصصت للجان المختلفة، وكان هناك اثنتان وخمسون لجنة فرعية تمثل فروع علم الاجتماع، ولكل لجنة جدولها الذي حواه دليل المؤتمر، فهناك لجنة علم الاجتماع العائلي، وعلم الاجتماع الحضري، والبيئي، والريفي، والاقتصادي، إلى آخر فروع واهتمامات علم الاجتماع المختلفة. وقد حرصت على حضور معظم جلسات لجنة علم الاجتماع البيئي، حيث قدمت أوراق، ودراسات ميدانية عن البيئة العالمية في بلدان مختلفة، وقابلت فيها عدداً من أساتذتي أثناء دراستي في أمريكا، منهم الأستاذ الدكتور وليم فردونبرج الذي ينحدر من أصول ألمانية، وكان يعاني من السرطان، ولم أكن أتوقع حضوره في المؤتمر، وعندما قابلته أثناء التسجيل عانقني عناقاً حاراً بحضور الزميل عبدالله الخليفة الذي عرفته عليه في جنوب إفريقيا قبل أربع سنوات، كان المرض قد أخذ منه مأخذه، وكان يتوكأ على عصا، فساعدته حتى وصل إلى غرفته في الفندق، وقضينا معه بعض الوقت خارج ساعات المؤتمر، كما قابلت أ. د. رايلي دنلاب وقد تلقيت بعض الدروس على يديه عندما كنت طالباً في الجامعة وهو وفرودنبرج من أشهر المتخصصين في علم اجتماع البيئة في الولايات المتحدة الأمريكية.

ومن البحوث التي قدمت بحث بعنوان (التغيرات المناخية وتأثيرها على الغذاء) قدمه بيتر أوستنر من جامعة واشنطن، ذكر فيه أن إنتاج الطعام يسهم بما بين 17% إلى 32% من التغيرات المناخية، وبحوالي 47% من ثاني أكسيد الكربون، وأن التغيرات المناخية لها دور كبير في عملية التصحر، وتزايد استخدام الطاقة في الإنتاج الغذائي، ومعالجتها ونقلها، وذكر أن الطعام يهاجر ما بين 2400 إلى 3200 كيلو متر في المعدل حتى يصل إلى المائدة، وتلك الهجرة تستهلك الكثير من الوقود، وتسهم في تلوث البيئة، وبعض الطعام ينقل على الطائرات من بلد إلى آخر مثل الفواكه والخضار، وذكر أن الفواكه التي تصل بالطائرات إلى بريطانيا تغطي 1% من الاحتياجات، ولكنها تقدم دخلاً كافياً لحوالي 5 ملايين شخص في بلد الإنتاج، وبين أن حساب التأثير المناخي لإنتاج الغذاء يشكل تحدياً في حد ذاته، وهناك قضايا يتم إهمالها مثل ما أسماه بالزراعة الشكلية، والتي تتمثل في الزراعة الجمالية، (Landscape) وأكد على أن الملصقات على المنتجات الغذائية غير كافية غالباً في تقديم المعلومات عن المحتوى.

وقدمت سونيا جراهام بحثاً بعنوان (التأثيرات البيئية على الأسرة الأسترالية) وبينت أن أبرز المؤثرات على الأسرة تتمثل في دخلها، وحجمها، وموقعها (ريفي - حضري)، وقالت: إن الدخل المرتفع لا يعني بالضرورة زيادة في الاستهلاك، وقالت: إن قرار الاستهلاك يتأثر بكثير من العوامل منها عوامل اجتماعية مثل التنشئة، فإذا كانت التنشئة عقلانية، وتم تدريب الشخص على اتخاذ القرارات الراشدة القائمة على حساب التكاليف والعائدات والموازنة بينها، كانت قراراته أكثر صواباً ودقة، ومنها نوعية الحياة التي يعيشها الشخص من كونها متقشفة، أو متوسطة أو راقية، ومنها العامل الديني، ومن العوامل المؤثرة في قرار الاستهلاك عوامل متعلقة بالبناء والموارد مثل المهنة، والتعليم، وطريقة الحياة وموقع الأسرة، والطقس، وقربها وبعدها من المركز الحضري، وخلصت إلى أنه يجب التحكم بصورة أكثر في الصناعة لأنها الملوث الأول للبيئة، ويجب التركيز على الاستهلاك القابل للاستمرار الذي يعتمد على المصادر المتجددة، وقالت: إن المبحوثين الذين أيدوا استخدام المفاعلات النووية في توليد الكهرباء ذكروا أنها نظيفة، ولا تلوث البيئة، ورخيصة، وتؤدي إلى توفير الموارد الأخرى الناضبة، وخلصت الدراسة إلى أن أقوى سلطة وأقوى طاقة في أي دولة هي طاقة العقول، لأنها الطاقة التي تسخر وتوظف جميع الطاقات الأخرى، وتستثمرها بصورة أفضل لمصلحة الوطن والمواطن، ولهذا تتسابق الدول المتقدمة في استقطاب وجذب العقول المبدعة من الدول المختلفة، حتى من الدول المتقدمة نفسها، فهناك إغراءات وعوامل جذب لتلك العقول، ويأتي في مقدمة الدول الجاذبة للعقول كل من الولايات المتحدة الأمريكية، وكندا، وبريطانيا، وألمانيا، وفرنسا، ونجد أن تلك العقول تهاجر من دولة إلى أخرى حسب الفرص والإغراءات التي تتلقاها.

وقدمت (جابريلا كوتو) بحثاً عن المنظمات غير الحكومية والتغيرات المناخية في الأمازون، جاء فيه أن تلك المنظمات تعمل في موضوع التغيرات المناخية، وأنها تعمل على الحفاظ على الغابات، وتعمل على المستوى المحلي، والوطني، والعالمي، وأنها تجمع المعلومات من المواطنين، ومن المواقع الإلكترونية ومن التقارير، ومن التصريحات الصحفية، وأسسوا مشروعات تتعلق بمتابعة وقياس التغيرات المناخية وتأثيرات على البيئة، وخاصة الغابات. وقدم (ماتوج توقيا) ورقة بعنوان (نحو حركة بيئية في الريف الهندي)، ركز فيه على أن التنمية لا تتم إلا بمشاركة المواطنين، وقال: إن سكان قرية (سوكغان) في الهند قد نجحوا في المحافظة على البيئة وحمايتها من التراجع والأضرار التي لحقت بها، وذلك عن طريق منع قطع الأشجار، وإعطاء النبات فرصة للنمو وإقناع الناس بفائدة ذلك، وفي مقدمتها أنه يمنع انجراف التربة، وكان من نتائج التعاون في هذا المجال أن القرية تطورت، وأصبح إنتاج الغذاء ومنتجات الحليب والمراعي في وضع أحسن من ذي قبل.

وقدم باحث ألماني ورقة عن (إنتاج الغذاء والأكل خارج المنزل في ألمانيا) خلص فيه إلى أن هناك تزايداً في عدم الثقة في الإنتاج الغذائي بسبب الصناعة وتدخلاتها، ولكثرة المخاطر والغش المرتبط بعمليات الإنتاج تلك، وأن الاستثناءات قليلة منها الإنتاج العضوي، والإنتاج الخاص، وذكر بأن هناك إقبالاً شديداً على الإنتاج العضوي ولكن العرض أقل بكثير من الطلب.

وعن (الحديث حول المخاطر بين علم الاجتماع والصحافة) قدم (إفرا بل) ورقة بين فيها أن كلا من علم الاجتماع والصحافة يريد أن يعلم ما يجري حوله، وأن الصحافة تركز على التقارير والتحقيقات، وعلى إبراز وجهات النظر، ويشتركان في التركيز على التحضر ومشكلاته، وعلى قضايا التحديث، وعلى الأوضاع الاجتماعية مثل الفقر والجهل والمرض، والهجرة، والسياحة وخاصة الخارجية من حيث سلبياتها وإيجابياتها، ويركزان على عرض واستخلاص النتائج من قصص الحياة، ومن الملاحظات المباشرة، ومن المقابلات، والإحصاءات، وتقارير المسوحات، والتصنيع، والقرارات التي تصدر من الجهات المختلفة، وخاصة الجهات الرسمية، ورصد الأخطار، وخلص إلى أن هناك تكاملاً وترابطاً كبيراً بين الصحافة وعلم الاجتماع في قضايا المجتمع المختلفة.

وعلى هامش المؤتمر قابلت الدكتور خير الله عصار من الجزائر، وهو من أصل سوري من مدينة حماة هاجر إلى الجزائر قبل أكثر من ثلاثين سنة، للمساعدة في عملية التعريب، ودرس علم الاجتماع في ألمانيا، وحصل على الجنسية الجزائرية وقد تحدث أثناء اللقاء معه عن ورقته التي لم تقبل والتي تتحدث عن دور الإسلام في الارتقاء بسلوك متبعيه، وعزمه على المطالبة بحقوقه، كما قابلت الدكتور فريد حسين العطاس، الذي ذكر أن والده حسين العطاس أحد أعلام علم الاجتماع في ماليزيا قد انتقل إلى رحمة الله، وقد سبق لي أن زرت والده في منزله في كوالالمبور في عام 2006م وبين لي جهوده في تأصيل علم الاجتماع، وجهوده في إبراز علم اجتماع الفساد، وأنه ألف كتاباً في هذا الموضوع، وفريد كان عضو اللجنة التنفيذية للجمعية العالمية لعلم الاجتماع لفترتين، آخرهما انتهت بنهاية المؤتمر، ويعمل أستاذاً لعلم الاجتماع في جامعة سنغافورة، وعقد في المؤتمر حلقة نقاشية عن القضية الفلسطينية شارك فيها اثنان من فلسطين هما الدكتور ساري حنفي عضو هيئة التدريس في الجامعة الأمريكية في بيروت، ورئيس تحرير مجلة (إضافات) التي تصدرها الجمعية العربية لعلم الاجتماع، والدكتور سليم تماري، عضو هيئة التدريس في جامعة بير الزيت في فلسطين المحتلة، وإسرائيليان، أحدهما مقيم في قبرص، كان اللقاء حذراً إلى أبعد الحدود، وبين فيه كل طرف معاناة شعبه، وشيئاً من تاريخ القضية، وقد ركز الدكتور سليم تماري على النقل من بحوث غربية عن مستقبل الصراع وتأثيراته على العلاقات الدولية، وأنه يشكل خطراً مستمراً على السلم العالمي.

أستاذ علم الاجتماع في جامعة الإمام رئيس الجمعية السعودية لعلم الاجتماع والخدمة الاجتماعية

zahrani111@yahoo.com
 

في مدينة جوثنبرج بالسويد 3/3
د. عبد الرزاق بن حمود الزهراني

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

حفظ  

 
 
 
للاتصال بنا الأرشيف جوال الجزيرة الإشتراكات الإعلانات مؤسسة الجزيرة