Monday  13/12/2010 Issue 13955

الأثنين 07 محرم 1432  العدد  13955

ارسل ملاحظاتك حول موقعنا
   
     

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الرأي

           

تبتسم بلذة بعد أن ينتهي يوم عمل أو دراسة طويل وممل، تعود إلى منزلك لتأخذ قيلولة سريعة، تستيقظ باحثًا عن شيء ممتع تقوم به، تقرر الخروج من المنزل فتركب السيارة باحثًا عن وجهة جميلة تقضي فيها وقتًا ممتعًا، فتتذكر أنك في (الرياض)!! المدينة التي تتقن فن الملل، التي يحقق سكانها يوميًا أعلى نسبة توارد فكري حين يرددون الكلمة الشهيرة (طفش)! حيث لا خيارات للمتعة والترفيه والحياة. إن كنت رجلاً فستذهب إلى الاستراحة، حيث الديوانية نفسها والوجوه نفسها والأحاديث نفسها، وإن كنتِ امرأة فلا خيار سوى (المول) الأقرب أو الأبعد لا يهم، وإن كنت طفلا ً فأيضًا لا خيار لك سوى (ملاهي المول)، حيث تتسوق والدتك وتتولى الخادمة مشاهدة منظر ممل جدًا حين تركب اللعبة نفسها وتنفق المبلغ نفسه أو أكثر وتلوح لها من بعيد «باااي»!!

هذه الرياض الصندوق الصحراوي الضيق رغم اتساعه، هي التي نعيش داخلها منذ سنين طويلة دون أن نمارس أو نعيش أو نكتشف شيئًا جديدًا ، نفرح بسذاجة أحيانًا بافتتاح مول جديد بالموقع والتصميم: نعم، ولكن المحلات نفسها والمقاهي والملاهي والمطاعم نفسها وطبعا ً الزوار نفسهم!، حيث لا مكان آخر للعائلة لتروح عن نفسها وتفعل شيئًا مختلفًا سوى التسوق أو الأكل.

أكثر ما يحزني في واقع مدينتنا الممل أمر ذلك الطفل السعودي الذي فُطر كغيره من أطفال العالم محبًا للمغامرة، شغوفًا باكتشاف الحياة وأسرارها، محاولاً أن يجد ما يحب وما يريد وما يحلم به، ولكنه بات مسجونا ً مخنوقا ً هو الآخر في متع متكررة وقوالب نمطية من الفرح واللعب، ففي جانب من كل سوق تجاري هناك قسم للترفيه سمي بأسماء مختلفة، ولكن الألعاب هي نفسها لم تتغير أو تتطور منذ عشرات السنين، ألعاب تستغرق دقائق قليلة من المتعة المستهلكة المكررة تكلفه عشرات الريالات، ويعتقد الطفل المسكين أن ما تعطيه إياه والدته لا يكفي متعته وطاقته فيطلب ويتوسل مستعينًا بدمعاته البريئة مزيدًا من المال الذي يدخل في رصيد الشركة الشهيرة الكاسب الوحيد في هذه المعادلة التي خسر فيها الأب والأم والطفل الذي لم تزده هذه الألعاب إلا بلاهة وبلادة وغضبًا، حيث لم تشبع طاقاته ولم ترض رغبته بالمغامرة ولم تطفئ شرارة الحاجة إلى الاستكشاف وسبر الأغوار المكونة بأعماقه.

فلم لم تكلف نفسها تلك الشركات القليلة التي احتكرت صناعة الملل للطفل عبر السنين البحث والتنقيب عمّا هو جديد في عالم اللعبة، كما تابعت بدقة واهتمام آخر (المولات) التي تنشأ كي تحجز لها مكانًا تضع فيه ألعابها المكررة؟! ولماذا لم تسخر تلك الأموال الطائلة التي تجنيها من ألعاب تعلم هي جيدًا كم هي مملة وسخيفة لتطوير قطاع الترفيه وتجديده؟؟ لماذا تصرّ شركات (السطح) تلك على المشي في هذا المسار العادل لها والظالم للطفل السعودي؟!

أين هي عن تجربة مدينة الملاهي اليابانية (كيدزانيا) التي استقطبتها دبي مؤخرًا وسخّرت لها المكان والإنسان لكي تحظى بشرف استضافتها على أرضها؟؟ هي المدينة التي أخجل أن أطلق عليها كلمة (ملاهي) فهي ليست كذلك!!

كيدزانيا: هي مدينة كاملة للطفل بكل ما تحمل الكلمة من معنى، هي عالم جميل ابتكرته اليابان لأطفالها، عالم يشبه عالم الكبار كثيرًا ولكن يدير شؤونه الصغار ليحظوا بفرصة الاستكشاف والتجربة، يعملون ويحصلون على مبلغ مالي مقابل جهودهم، حيث توفر تلك المدينة الصغيرة فرصًا متنوعًا للعمل وللصغار فقط، مثل أن يكون الطفل إطفائيًا أو مقدم أخبار أو ساعي بريد أو طيارًا أو موظف بنك أو مهندسًا أو طبيبًا وجراحًا، أو ممثلاً أو طباخًا أو حلاقًا أو ميكانيكيًا أو شرطيًا..الخ.

فكرة الشركة القائمة على هذا المدينة الترفيهية التعليمية هي تدريب الصغار وتنمية مهاراتهم للقيام بأعمال الكبار التي لطالما حلموا بالقيام بها ويأخذ الأطفال راتبًا مقابل القيام بالمهمات والأعمال المطلوبة والعملة المدفوعة خاصة بالمدينة، حيث يوجد أشياء تستطيع شراءها مثل بيتزا أحضرها أحد الأطفال المشاركين، المهم أن يعرف الطفل قيمة المال وفكرة البيع والشراء وتحمل بعض المسؤوليات.

الجدير بالذكر أن الدخول للمدينة بمبلغ يتطلب مبلغًا معينًا يدفعه الطفل ويستطيع قضاء يوم كامل يستثمر وقته فيه ويشغل مهاراته الذهنية والجسدية ويحفز مكنوناته الحية ويستزرع دهشته الخاصة ويعيش تجربة ممتعة وثرية وجديدة كل مرة، ليخرج بسعادة ورضا وفي جعبته الكثير ليحكيه ويرويه لعائلته ولأصدقائه.

 

ربيع الكلمة
المتورطون في ترفيه الطفل السعودي!
لبنى الخميس

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

حفظ  

 
 
 
للاتصال بنا الأرشيف جوال الجزيرة الإشتراكات الإعلانات مؤسسة الجزيرة