Wednesday  15/12/2010 Issue 13957

الاربعاء 09 محرم 1432  العدد  13957

ارسل ملاحظاتك حول موقعنا
   
     

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الرأي

           

تُعدّ الكتابة الساخرة من أصعب فنون الكتابة الصحفية والأدبية إن لم تكن أصعبها على الإطلاق؛ فهي تحتاج بالضرورة إلى كاتب متمرس، ذو ثقافة عالية، يملك القدرة على تطويع اللغة بغية الوصول إلى الهدف، فن مخادع، يظن من يقرأه أن بإمكانه الاتيان بمثله وهيهات ! الكتاب الساخرون ملح الكتابة الصحفية، إذ أنها تملك القدرة على مخادعة الرقيب، وتجاوز النقاط الحمراء، تجرح ولا تدمي، تنتقد ولا تقسو، تطوح بابتسامة ماكرة في مواطن الوجع.. هي ذي ميزتها ! في ثقافتنا العربية المعاصرة تبدو الأسماء الساخرة قليلة ونادرة بالقياس إلى جيش الكتاب الآخرين، ولكنها استطاعت أن تبني لنفسها مكانا مرموقا في وجدان القراء؛ فمن لا يذكر (المازني) والولد الشقي (محمود السعدني)، و(فايز حلاوة) و(أحمد رجب) وقلة غيرهم من الكتاب الذين كان القراء يترقبون مقالاتهم.

وعلى الصعيد المحلي والخليجي يبدو الكاتب الفنان (مشعل السديري) السعودي الوحيد في مجاله، ولا أذكر أن موضوعاً لهذا الكاتب الجميل المثقف قد فاتني منذ أن انطلق قبل عقود في «عكاظ» إلى أن استقر به المقام في جريدة «الشرق الأوسط» اللندنية. حين تقرأ زاويته شبه اليومية هارباً من «فحيح» المقالات المشبوهة، و»هرطقات» الكتاب المتحزبون، وتنظيراتهم التي لا تقدم حلولاً بل تشعل نار الفتنة، وحين تهرب من رائحة الدم الطازج والنوايا المبيتة، لا تملك وأنت تقرأ ل(مشعل) إلا أن تبتسم وتعتريك اللذة الخفية التي تبعثها الكتابات المتفردة؛ خصوصاً حين يتحول إلى سائح جوال ومسافر دائم إلى حيث الضوء والألق والحياة الجميلة، وهو في حكاياته تلك غير بريء في تحريضنا على الرفض وعدم الإذعان لدعاة التخلف والتقهقر إلى الوراء، الكتابة الساخرة عند مشعل تزرع الأسئلة، وتحمل بذور الهم الجمعي وإن بدت على النقيض بوصفها هماً ذاتياً وحكايات شخصية لا تعني أحداً ! من السهل والسهل جداً أن تكتب في السياسة والأدب والشأن المحلي، وأن تتصيد أخبار الصحف - كما يفعل الكتاب اليوميون - لتعلق عليها وتجعلها مادة لزاويتك؛ لكن من الصعب والصعب جداً أن تخوض في نفس الموضوعات بلغة ساحرة آسرة تصل إلى الهدف دون شحن واستجداء الشعبية من القراء ! في زمن كزمننا، وفي عالم مدان بالنكوص والرفض لكل قيم الجمال والتطور والتنوير تصبح الكتابة الساخرة وصفة فاعلة لتمرير تلك القيم الجميلة. «مشعل السديري» قد نختلف معه، وقد لا نوافقه، ولكننا بالتأكيد نحبه.. وهذه ميزة الكتاب المبهرون !!

alassery@hotmail.com
 

ايقاعات
مشعل السديري.. الساخر الجميل !
تركي العسيري

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

حفظ  

 
 
 
للاتصال بنا الأرشيف جوال الجزيرة الإشتراكات الإعلانات مؤسسة الجزيرة