Wednesday  15/12/2010 Issue 13957

الاربعاء 09 محرم 1432  العدد  13957

ارسل ملاحظاتك حول موقعنا
   
     

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

وجهات نظر

 

السياحة ضرب من الثقافة
عبدالعزيز بن عبدالرحمن الخريف

 

رجوع

 

سح في البلاد إذا أردت تعلما

إن السياحة في البلاد تفيد

طبعت النفوس البشرية وبعض الكائنات الحية من طيور وأسماك وحيتان، في التنقل من مكان إلى آخر في أوقات مختلفة، ومواسم خاصة حسب البيئة وطبيعة أجوائها، فنجد البعض من الفئات البشرية المولعين بالأسفار والترحال من جانب إلى جانب آخر من الأرض يخططون ويرصدون الأموال الباهظة لتلك الرحلات السنوية قبل سفرهم بأيام وبوقت كاف مع عمل الحجوزات في الفنادق أو في مساكن قرب المتنزهات، ولاسيما إذا كان السفر على متون (بنات الجو) عابرات القارات والمحيطات حسب حال كل إنسان لينعم ويستمتع بالراحة والاستجمام هو وأسرته.. بعيدين عن أماكن أعمالهم وإقامتهم الدائمة.

وما من شك أن السير في مناكب الأرض وإجالة النظر في آفاق الدنيا، ومناظر الطبيعة الخلابة في أنحائها مما يبهج النفوس ويوسع آفاق المعرفة، ويوقظ أنسجة الخلايا الذهنية والفكرية، وفيه ترويح للقلب وتسريح للهم، فجميل بالإنسان ابن الوطن أن لا ينسى السياحة في بلده مقتطعا جزءا من إجازته أو كلها فيقضيها في ربوع وطنه بصحبة عائلته وأطفاله ليأنسوا بالأمن وراحة البال، وليتعرفوا على جوانب وطنهم وعلى مصائفه المختلفة كثيرة العدد، وعلى سائر مناطق السياحة وما تحفل به من آثار القدامى من مساكن وقلاع وحصون بنوها لتحصنهم فبادوا وفارقوها كأن لم يلبثوا بها دهورا وأزمانا طوالا:

فأضحت منازلهم قفرا معطلة

وساكنوها إلى الأجداث قد رحلوا

وظل البعض من تلك الآثار صامدة أمام عوامل التعرية وهُوج الرياح ليعتبر بها من بعدهم، فلم تؤثر فيها ولم تأخذ منها «سوى ما يأخذ النمل من أركان ثهلان»!

فحب الوطن لا يبرح ساكنا في أعماق أبنائه المخلصين ولا يزاحمه شيء، حتى بلغ بأحد شعراء مصر الشاعر أحمد شوقي أن يقول مبالغا:

وطني لو شغلت بالخلد عنه

نازعتني إليه في الخلد نفسي

أما العالم الآخر عالم الطيور والأسماك فقد أودع الله فيهم الحس، والدقة في مواعيد هجرتهم وتنقلاتهم المعروفة لدى علماء الأحياء، ومرورهم بمحطات رحلاتهم السنوية حتى وصولهم إلى الأماكن والأجواء التي ينشدونها، فتمكث فترة وجيزة من الزمن ثم تختفي عن نواظرنا فجأة عائدة إلى أوكارها وأعشاشها إن قدرت لها السلامة والإياب، ويتبين من ذلك أن بعض الكائنات الحية من الجنس البشري وخلافهم قد طبعوا على الحركة والتنقل من مكان لآخر إشباعا لهواياتهم وغرائزهم التي أودعها الله في نفوسهم وفطرهم عليها منذ الأزل، ولقد أجاد الشاعر المتنبي حاثا في هذا المجال على إعطاء النفس البشرية حضها مما تشتهيه من ملذات الحياة قبل مفارقتها جارها: جسم الإنسان:

ذر النفس تأخذ وسعها قبل بينها

فمفترق جاران دارهما العمر

وما من شك أن الدولة -أعزها الله - ممثلة في صاحب السمو الملكي الأمير المحبوب سلطان بن سلمان بن عبدالعزيز رئيس الهيئة العليا للسياحة والآثار حريص دوما على دفع عجلة السياحة الداخلية وتوفير الكوادر البشرية لخدمة السائحين والمعنيين بالآثار من داخل البلاد وخارجها، وإرشادهم إلى مواقع المتنزهات وإلى المعالم الهامة والآثار البارزة في كل محافظة ومدينة، بل وفي كثير من القرى والأرياف مع تظافر جهود المسؤولين في كبريات المدن والمحافظات في أرجاء مملكتنا الحبيبة إلى قلوبنا.

كما هو واضح من متابعات أمراء المناطق والمحافظات -وفقهم الله- ومن تمام نجاح المضمار السياحي توفر وسائل الراحة والاستقرار النفسي لجميع الطبقات، أهمها وجود مساكن عدة تفي بمتطلبات كل فئة حسب إمكانياتهم المادية، فمتوسط الحال عابر السبيل لا ينظر إلى أناقة المسكن وزخارفه، وإنما الذي يستره وعائلته، وهذا في نظري لا يكلف المستثمرين إذا تبسطوا في البناء لمثل أولئك، أما سائر السائحين فأمامهم الفنادق والشقق المفروشة.. مع توفر احتياجات الجميع من المواد الغذائية ومياه الشرب وملاعب للأطفال ما أمكن ذلك متمنيا لجميع المصطافين والسواح رحلات سعيدة ممتعة، وعودا حميدا.

وقبل اختتام هذه الكلمة الوجيزة حبذا لو أعيد النظر فيما تبقى من المباني الطينية القديمة في كل مدينة وقرية حيث أصبح معظمها أطلالا مهدمة موحشة، وملاذا لبعض الحيوانات والزواحف، وبعض المتخلفين من بني البشر، والاقتصار على عدد محدود من تلك المساكن لتبقى نموذجا تتولى الهيئة العليا للسياحة والآثار نزع ملكيتها، ثم تكل الإشراف عليها إلى بلديات المحافظات والمدن، ثم التخلص من البقية المتهدمة التي يتعذر إعادتها إلى صورتها الأولى.

تتخلف الآثار عن أصحابها

حينا ويدركها الفناء فتتبع

- حريملاء

 

رجوع

حفظ  

 
 
 
للاتصال بنا الأرشيف جوال الجزيرة الإشتراكات الإعلانات مؤسسة الجزيرة