Thursday  16/12/2010 Issue 13958

الخميس 10 محرم 1432  العدد  13958

ارسل ملاحظاتك حول موقعنا
   
     

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

محليــات

           

اليوم لي...،

وسأحدثكِ بنيتي إباء عن خميساتها نوارة...

حين كنتِ غرة في مدارج اللهوِ، سألتني ذات أمسية صباحها الخميس، ما الذي أخشاه عليكِ إن جعلتكِ تصومين كل خميس؟.. لم أكن قد استوعبتُ ما وراء سؤالها..؟ غير أنها بادرتني بقولها: كنتُ أخاف عليكِ الجوع تتضورين وأنتِ غضة في إهاب الطفولة تقصدني، وكنتُ لا أتخيل أن تعطشي البتة، فإذا بها أمي تقسرني بلا نقاش أن أدربكِ على الصوم قبل السادسة، فكنتِ تصومين نصفًا من اليوم، فإذا ما قدمت لكِ الطعام، أنكرتِ عليَّ كيف أتم صومي وتنقضينه أنتِ..؟ وكان منكِ طلبي أن أتناول اللقمة إن أردتكِ أن تفعلي..، وأتمت حديثها نوارة: أما أنا فلن أقسركِ أن تفعلي مع إباء، فقد تغير زمنكم وتغيرت أساليبكم، والحكيم من الصحابة قال: «خلق أبناؤكم لزمن غير زمنكم»،...

إباء، أعلم لا تغير البتة فيما يرتبط بقواعد الدين ومنهج الأداء، ولكن الطرائق تتغير والأساليب للوصول للقناعات تتبدل..، موقف من مثل هذا يا إباء، لا أعيده لذاكرتي اليوم وأنتِ مربية مجتهدة في مسارب التعليم، ومنابر العطاء، لكنكِ تبقين لي الطفلة لست الغرة لكنك الدُّرة..، وأرقب عن كثب هذه المسيرة لكِ ولصويحباتكِ، فأفخر كثيرا لي وللأمهات من جيلي، قد أينعت شجرة الصوم التي ظللتنا طيلة ركض، لم نكن فيه نرى أبناءنا في بيوتنا إلا هم الآخرين في بيوت المجتمع، الصوم يا إباء اليوم جاء عاشوراء..، وكم شعرت بالأسى وأمهات كثيرات لم يوقظن أبناءهن لصومه، ولا يتذكرن تأريخه لأنهن يتعاملن مع «ديسمبر»، ولا ينسين أن هناك احتفالا في آخره «بعيد الميلاد» بل منهن من يخططن للسفر ليلة رأس العام لحضور الاحتفاء به..، أستعيد صورتكِ في طفولتكِ، وابن صديقتي «أيمن أسعد عبده»، الطفل الهادئ تراودني دمعة، وأنا أعيد في مخيلتي صمته ووعيه، كنتما طفلين بريئين تقومان بين أيدينا، حين نصلي تصليان بجوارنا، وحين تلهوان فهناك قصص هادفة تحكى لكما، وأمثلة مقصودة تطرح لمخيلتكما، وأهداف بعيدة كانت صديقتي أمُّه المربية الفاضلة «آمنة العقاد» ترددها على مسامعكما..

اليوم أيمن، طبيب جراح يرأس في كلية الطب بجامعة الملك سعود مقعدا مميزا، ينهج في تربيته مسارا لأبنائه مسار الشجرة التي ظللتنا، وأنت في مجالك تفاجئينني كل يوم بجديد ثري متمكن،...

حين أتذكرها يا بنيتي نوارة..، أطمئن لكفيّ التي تدك صدري حمدا.. ليس لأنكما فلذتنا فقط، ولكن لأن أمانةَ جزءِ من الجيل الراهن بين أيديكما...نطمح أن يوفقكما الله لحملها، ونسألكما الثبات في أدائها.،فالأمهات أغلبهن الآن يا بنيتي يركضن لأحدث أساليب التعلم والتعليم، ولأرقى المدارس مبنى وسمعة، ولأوسع الفرص سفرا ومتعة، ولأثمن المتاحات توفيرا لأبنائهن من رغد الطلب والمطلوب، غاياتهن بلاشك سامية عالية مثل كل أم لا تطمح لأبنائها بغير الفلاح والنجاح، والسعادة والفرح، لكن ما رصيدهن في أبنائهن من اليوم الخميس..؟ وما رصيد أبنائهن من الصلاة والصوم وقراءة القرآن ومعرفة الله والإحساس بوجوده تعالى وبأن لا مآل بعد المعاش إلا إليه..؟ ولا معاش قبل المآل إلا بتوفيقه وطاعته..؟

كم من الصغار قبل لثغة أبجدية الحياة، وكتابة قائمة الطلبات فيها قد تضورت بطونهم جوعا في يوم صوم يتعرفون فيه حكمة الصوم وطاعة الرب..؟ خارج رمضان...،

وكم منهم يعرفون فضل عاشوراء وما قال فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم «نحن أولى به منهم».. ولئن عاش لعامه الذي يلي ليصمنه..، فأوصى بصيام يوم قبله، أو بعده لوضع حد فاصل بين التشبه والتماثل.؟

والناس تنقض، وتجد في نقض هذا الحد في كل أمر، وقد ذهب أكثرهم يحتفلون بأيام ليست أيامنا، وينسون من أيامنا طائفها..؟

إباء: هذه شذرات وسوانح..

وأنتِ تذكرينني بها..

نوارة تستقر في عصب الحس..كلما طرق طارق فرح أو حزن.

وكل عاشوراء والمسلمون بخير..

وأنتِ وأيمن قرة عين...وأبناء هم أنتما..بكل خير.

 

لما هو آت
لكِ وحدكِ
د. خيرية إبراهيم السقاف

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

حفظ  

 
 
 
للاتصال بنا الأرشيف جوال الجزيرة الإشتراكات الإعلانات مؤسسة الجزيرة