Friday  17/12/2010 Issue 13959

الجمعة 11 محرم 1432  العدد  13959

ارسل ملاحظاتك حول موقعنا
   
     

الأخيرة

متابعة

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

أفاق اسلامية

 

الممارسات السيئة من الجهلاء لاتبرر مناصبته العداء
تعدد الزوجات شريعة لا «أهواء» و»تجاوزات»!!

رجوع

 

الرياض - خاص بـ»الجزيرة»

قال تعالى: {فَانكِحُواْ مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاء مَثْنَى وَثُلاَثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُواْ فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ}، شرع الله -سبحانه وتعالى- التعدد وأباحه لحكم باهرة وغايات نبيلة وأهداف سامية، تطهيراً للمجتمع من الفساد واستبعاداً للرذائل وأماناً من القلق وحفظاً للحياة، كي تبقى سليمة من أدران الأمراض ونتن الفواحش والآثام؛ لأن زيادة عدد النساء بلا أزواج مدعاة لانتشار الفسق والفجور والفاقة والأمراض الجسمية والنفسية من القلق والحيرة والشعور بالوحشة والكآبة وغير ذلك، وإذا كانت هناك ممارسات سيئة من قبل بعض الأزواج المعددين فينبغي ألا تحسب على التعدد، وإنما تحسب عليهم وحدهم.. في ظل ذلك كيف يكون الرد على من تعالت أصواتهم ودعواتهم تلميحاً وتصريحاً إلى عدم التعدد، محادين بذلك ما جاء في كتاب الله، وسنة رسوله -صلى الله عليه وسلم- حول التعدد، وكيف نواجه هذا الطعن في التعدد خاصة أن علماء المسلمين أجمعوا على ردة من أنكر شيئاً من كتاب الله، أو كرهه، وكيف نؤصل موضوع التعدد ونرغب فيه؟ وما دور مؤسسات المجتمع في هذا الشأن ومنها وسائل الإعلام، والجهات العلمية من جامعات وكليات ومدارس، وكذا أئمة المساجد وخطباء الجمعة خاصة في ظل انتشار العنوسة وكثرة المطلقات في المجتمعات المسلمة؟ طرحنا هذه التساؤلات على مجموعة من المتخصصين في العلوم الشرعية من قضاة ودعاة وأكاديميين.. فماذا قالوا؟!

هل من مشكلة؟!

يؤكد الشيخ خالد بن صالح العمر القاضي بالمحكمة العامة بمكة المكرمة أنه تثار أحياناً ضجة بصدد تعدد الزوجات، الذي أباحه الإسلام، وقد سُخرت لهذه الضجة أقلام تكتب، ودور للطبع تطبع، وصحف تنشر، وعقدت لذلك الندوات والمؤتمرات، وأُلفت الكتب، وألقيت المحاضرات، واقترحت القوانين، كل هذا من أجل تشريع تعدد الزوجات، فهل هناك مشكلة اليوم تعرف بمشكلة تعدد الزوجات في العالم الإسلامي تستحق كل هذه الضجة، وكل هذا الاهتمام؟ لقد دلت الإحصاءات عن الزواج والطلاق على أن نسبة المتزوجين بأكثر من واحدة -في بعض البلاد التي تثار فيها هذه الضجة على الأقل- نسبة قليلة جداً، لا تكاد تبلغ الواحد بالألف، وذلك حيث كان لارتفاع مستوى المعيشة، وازدياد نفقات الأولاد في معيشتهم، وفي تعليمهم، والعناية بصحتهم، أثر كبير في انخفاض عدد المتزوجين بأكثر من واحدة، يضاف إلى ذلك تنوع مطالب الحياة، وكثرتها للبيت وللأولاد وللزوجة، مما كان له أعظم الأثر في الحد من التعدد، فليس التعدد الآن من الأهمية بالمكان الذي تثار من أجله كل هذه الضجة، اللهم إلا من الراغبين في الشهرة بأنهم تقدميون، وأنهم متحررون، ونتساءل: لماذا يريد هؤلاء وضع العراقيل في وجه تعدد الزوجات؟ هل يفعلون ذلك غيرة على المرأة، وحرصاً على مصلحتها وكرامتها؟ إن الله الذي خلق المرأة وهو الذي شرع هذا النظام لهو أغير على المرأة، وأشد حرصاً على مصالحها وكرامتها، من أولئك الذئاب الشرسة المسعورة، المتلبسين بجلد الحمل، ولكن هذه الفكرة جزء لا يتجزأ من خطة متكاملة، تهدف إلى تحطيم الأسرة والبيت، وتعطيل أكبر قدر ممكن من نسائه عن الزواج، ليتم لهم ما يريدونه من تحطيم المجتمع بواسطة المرأة، وهي أمضى سلاح يمكن استعماله في هذا الشأن والثائرون على نظام تعدد الزوجات منهم من تطرف فطالب بمنع التعدد وتحريمه، ومنهم من طالب بوضع قيود تُقيد راغب التعدد، فأما المنادون بمنع التعدد وتحريمه فقد زعموا أن القرآن يحرم التعدد فقد قال تعالى: {وَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تُقْسِطُواْ فِي الْيَتَامَى فَانكِحُواْ مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاء مَثْنَى وَثُلاَثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُواْ فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلاَّ تَعُولُواْ}، وقال في آية أخرى: {وَلَن تَسْتَطِيعُواْ أَن تَعْدِلُواْ بَيْنَ النِّسَاء وَلَوْ حَرَصْتُمْ فَلاَ تَمِيلُواْ كُلَّ الْمَيْلِ فَتَذَرُوهَا كَالْمُعَلَّقَةِ وَإِن تُصْلِحُواْ وَتَتَّقُواْ فَإِنَّ اللّهَ كَانَ غَفُورًا رَّحِيمًا}، ويقولون في تفسير هاتين الآيتين: إن الله قد أباح في الآية الأولى التعدد ولكنه اشترط لإباحته العدل بين الزوجات، ثم ذكر في الآية الثانية أن هذا العدل متعذر ومستحيل، فتكون النتيجة بحسب مقدماتهم هذه أن التعدد حرام، وواضح أن هذا عبث بآيات الله وتحريف لها عن مواضعها، فما كان الله ليرشد إلى تزوج العدد من النساء عند الخوف من ظلم اليتامى ويضع العدل بين الزوجات شرطاً في التعدد من النساء بأسلوب يدل على استطاعته والقدرة عليه ثم يعود وينفي استطاعته والقدرة عليه، فالقرآن فعلاً اشترط العدل بين الزوجات ولكنه أوجب ذلك تديناً بين العبد وربه، ولم يوجبه قضاءً إلا إذا وقع ظلم بين الزوجات بالفعل من ظلم الزوج لزوجاته، وقوله تعالى: {فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُواْ فَوَاحِدَةً}، إنما هو خطاب موجه للأفراد في شأن لا يعرف إلا من جهتهم، يرجعون فيه إلى نياتهم وعزائمهم، فما زعم أولئك المبتدعون أنها أدلة تكلفاً وتمحكاً لبدع ابتدعوها وأفهام خاطئة أو مغرضة فهموها لمدلولات النصوص، فأوجدوا شروطاً وسنّوا قيوداً لم يشترطها ولم يسنها الشارع على الناس، ولم يقيدهم بها، وإنما هو الإيغال في الجرأة على كلام الله، ومحاولة تحريفه، حتى يتفق مع رأي رأوه وفكرة اختمرت في عقولهم يريدون تكليف الناس بها ظلماً وزوراً (وما جعل عليكم في الدين من حرج).

ظاهرة خفية

وتستهل د. هدى بنت دليجان الدليجان وكيلة أقسام الطالبات بجامعة الملك فيصل بالأحساء حديثها بالآية الكريمة قال تعالى: {وَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تُقْسِطُواْ فِي الْيَتَامَى فَانكِحُواْ مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاء مَثْنَى وَثُلاَثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُواْ فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلاَّ تَعُولُواْ}، فالزواج سنة إلهية، وعبادة نبوية، وميثاق غليظ تُحفظ به الأعراض، وتحمى به الأنساب، فالتعدد في الزوجات تشريع إلهي كريم لتنظيم العلاقة بين الذكر والأنثى، فقد جاء الإسلام وكان التعدد في الجاهلية لا حصر له من العدد دون شروط ولا عدل، فاشترط الإسلام الشرط العظيم وهو المقدرة على العدل ليحفظ للزوجات حقوقهن، وتوفير الكرامة لهن، فكانت المرأة الصالحة تعرض نفسها على النبي -صلى الله عليه وسلم- لتنال ذلك الشرف العظيم، وكان وليها يعرض ابنته على الصالحين ليحفظ ابنته ولما كان هذا الزمان يختلف في أحوال من ناحية المتغيرات السريعة والثقافة البديلة، فتغيرت مسميات الزواج وأصبح التعدد ظاهرة خفية، يقوم به الزواج والزوجات تحت مسميات شتى:

(المسيار، المسفار، السياحي، الصيفي ) وكأنما مقاصد التعدد هو المتعة والمتعة فقط، وللأسف أصبح التعدد الشرعي محل التهكم والسخرية، ودارت الأعين وتداولت الألسن أولئك الذين تعددت زوجاتهم وأعلنوا عنها في بيوت كريمة وذرية صالحة وحياة سعيدة.

وانقلب الحال فأصبح الخطأ صواباً والحق كريهاً ثقيلاً، وما ذلك إلا لفساد النيات، فيريد الرجل زوجة مصونة تحميه من الفساد والعبث فينقلب إلى عابث حقير، فيرمي بتلك الزوجة المسكينة بعد أيام من حملها أو ولادتها هي وولدها، لعدم وجود الرغبة في الحمل في اتفاق الزواج.

فكثرت المفاسد وشاعت منتديات المسيار وهذا النوع من العقود الشرعية التي يتنازل فيها الأطراف عن حقوقهم الشرعية وخيمة العاقبة على الجيل الجديد، لما فيه من تقطيع أواصر القربى بين الأبوين وتفكيك وشائج المودة والرحمة، بل وأعظم من ذلك الطعن في هذا الدين العظيم وأحكامه ومقاصده في تشريع تعدد الزوجات حتى طالبت بعض النساء الجاهلات بتعدد الأزواج من باب المساواة، فالأولى أن يقف المجتمع يداً بيد واحدة أمام المفاسد قبل أن تستطير، ويواجه الخبث قبل أن يهلك الجميع بتوعية النساء وأوليائهن بحقوق المرأة في الزواج قبل أن يندم الجميع - ولات حين مناص.

التعدد ليس شراً!

ويقول الشيخ الداعية سليمان بن عبدالله الطريم: ليس التعدد حقًا مطلقًا للزوج، حيث إن الزواج في الإسلام مبني على القدرة والباءة والعدل، والتعدد في الإسلام له مقاصد وغايات نبيلة، ليس لمجرد الشهوة وقضاء الوطر، ولا للمباهاة ولا المفاخرة، وإنما كان التعدد جائزًا لتحقيق مصالح، ودفع مفاسد، والتعدد ليس شرًّا على المرأة من حيث الأثر الشخصي عليها، وهو عين المصلحة التامة على الأمة والمجتمع إذ الحاجة ضرورة إليه كتشريع يستقيم به نظام الأسرة.

وفي تفصيل ضوابط التعدد وحكمه وآثاره ما يأتي:

أولاً: ينطبق عليه قاعدة وجوب العدل في الإسلام في كل شيء حتى على النفس وعلى الأقرباء والأعداء، وخص بالعدل بصفة خاصة تأكيدًا وتوثيقًا كما جاء في القرآن والسنة {فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُواْ فَوَاحِدَةً}، عدل يشمل الزوجة والأولاد والنفقة والمبيت.

ثانيًا : إذا كان الزواج الأول مبنياً على القدرة على الوفاء بحق المرأة ؛ فإن التعدد يفترض فيه ذلك، بل أوجب؛ لأنه زيادة وفضل.

ثالثًا: شرع التعدد لحكم عظيمة منها:

1- التلطف في حال المرأة حيال الضعف والمرض، وقلة الشهوة، والانشغال بصوارف كثيرة عن حق الزوج، وانقطاع الذرية، أو العقم ونحوها كثير.

2- تحقيق مصلحة تكثير الأمة وتجديد أجيالها، وقوة شأنها.

3- تربية الأجيال وجعلهم قوة واستثمارًا في الدنيا والآخرة لأسرهم وأمتهم.

4- العطف الاجتماعي والرحمة الإسلامية للمرأة في وجود عائل وزوج لأخريات يرجون أمومة كريمة، ونكاحًا شريفًا، ومودة ورحمة في زواج كريم.

5- قد يكون التعدد خلاصًا من طلاق يكاد أن يقع، أو فساد قد يحصل، أو تفرق لا يحمد عقباه.

والزواج فطرة وسنة لإعمار الكون، ولعبودية الله، ونعمة ولذة وأجر إن كان في حلال، وعذاب ونقمة وإثم إن كان في حرام، ومن خالف سنة الله وفطرته انحرف واتخذ أخدانًا ودعارة وشذوذًا في الدنيا، وأصيب بفتن وأمراض وأوجاع مستعصية، وعذابًا في الآخرة، والزوجة المسلمة سواءً كانت واحدة، أو معها زوجة أخرى تحفظ نفسها وزوجها وأبنائها، وترجو ما عند الله والآخرة.

وإذا وجدت الظلم فالإسلام لا يقر الظلم ولا الضرر فلا ضرر ولا ضرار، والضرر يزال، {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ}.

العدل في التعدد

ويرى فضيلة الشيخ رضوان بن عبدالكريم المشيقح - المحامي والمستشار الشرعي ومأذون الأنكحة بمدينة بريدة أن تشجيع التعدد في الزواج يمكن أن يسهم في حل بعض مشكلات العنوسة والطلاق، وقد يكون ملاذاً للحد من كثير من مشكلات المجتمع، فالتعدد أمر شرعه الله للمسلمين، واشترط فيه العدل من الرجل لزوجاته، وفيه الحل الأشمل لعدد من القضايا التي نواجهها الآن، وبخاصة ارتفاع نسبة المطلقات، وتحولهن إلى زاوية في المجتمع؛ البعض ينظر إليها بعين الريبة والشك، ولا يسألن لماذا طلقن ؟ فقد تكون المطلقة مظلومة، وأنها وقعت ضحية زوج لا يعرف معنى الحياة الزوجية، ولا احترام الزوجة، أو عابث ماجن لا يعرف إلا الملذات، وهناك فئة الأرامل اللاتي توفي أزواجهن، وهن قادرات على القيام بأعباء الزوجية، ويعشن حياة صعبة، وأيضاً وهذا هو الأخطر ارتفاع نسبة العنوسة التي تتفشى بصورة ملحوظة، لا في مجتمعنا السعودي فقط، بل في المجتمعات العربية والإسلامية.

وخلص فضيلته إلى القول: إن التعدد جاء ليضع الحلول الناجعة لمشكلات أسرية ومجتمعية، فلماذا نترك هذا الحل الشامل لقضايا العنوسة، وارتفاع نسبة المطلقات، والأرامل، ونبحث عن حلول أخرى.. مطالباً الزوجات بأن يتفهمن مشكلاتهن، وبدلاً من أن تتحول حياة الأسرة إلى نكد ونزاعات وخلافات بسبب ظروف زوجية، على الزوجة أن تقبل بالتعدد للحفاظ على زوجها وأسرتها، وعلى الزوج الذي يقبل على التعدد، وهو قادر عليه مادياً ونفسياً، أن يكون صريحاً مع زوجته، وأن يكون فعلاً قادراً على إقامة العدل بين زوجاته، لا أن يهمل زوجته الأولى، ولا يسأل عن أحوال أولاده، وينساق وراء زوجته الثانية التي قد تكون أمًّا بعد عام، وتصبح مثل الأولى، وتدفع الثمن، مؤكداً أن هناك من أساءوا لزوجاتهم الأوليات بعد التعدد، ولكن هناك من ضربوا المثل في العدل، وإعطاء كل زوجة حقها الذي شرعه لها الله، وهناك من الزوجات من يعشن تحت سقف واحد مع زوجهن، وتعرف كل منهن حقوق زوجها، وصاحبتها، وبيتها، ويعرف الزوج حقوق زوجاته.

 

رجوع

حفظ  

 
 
 
للاتصال بنا الأرشيف جوال الجزيرة الإشتراكات الإعلانات مؤسسة الجزيرة