Monday  20/12/2010 Issue 13962

الأثنين 14 محرم 1432  العدد  13962

ارسل ملاحظاتك حول موقعنا
   
     

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الرأي

           

- التقاعد محطة هامة في عمر كل منا، رجالاً ونساءً.

- مِنَّا من يعتبره (استراحة محارب) لوقت قد يطول أو يقصر، ليستأنف بعد ذلك مشواراً لبلوغ غاية من الغايات، إما لكسب موردٍ إضافي ل(لُقمة العيش) تَردم الفجوة عما يَعتبِره البعض قصوراً في (معاش التقاعد) لا يفي بالحدِّ الأدنى من (ضرورات) العيش، وإما لإشباع رغبة في ممارسة عملٍ حرّ أو فنٍّ إبداعي مثل الكتابة أو الرسم ونحو ذلك.

- ومنَّا من يخلد إلى السكون الدائم على نحو يُجهِض الهِمَم ويثبِّط العزائم ويَئِد الطموح، كلُّ ذلك باسم (الراحة) بعد العناء.

- وهناك فريقٌ ثالث يستقبل التقاعد بالحُزن والسَّخط والاكتئاب، وكأن الوظيفة فردوسٌ من النعيم المقيم لا تقوم الحياة إلا به ولا تدوم بدونه!!

- ومهما تباينت المواقف حول كيفية التعامل مع (نقلة التقاعد) في حياتنا، فإنّنا جميعاً مُطالبون أن نستقبِلها بتفاؤلٍ لا قُنوط، وحَيويّة لا قُعود، ورِضى لا سَخَط، وأنْ نعتبرَ ما أنفقنَاه من العُمر في خدمة الوظيفة تنمية لحصاد تجريبي ومعرفي وتدريباً على حبِّ العمل حُباً يعين على كَسب القدرات وتنمية المهارات استعداداً لما هو آت بعد التقاعد.

- وأود أن أُعزِّز هذا الحديث بباقةٍ من التأمّلاتِ المفتوحةِ حول الموضوع فأقول:

أولاً:

-إنَّ المتقاعد يجب ألا يتحول في أذهاننا إلى (فعلٍ ماضٍ) لمجرد تركه مقعد الوظيفة، لأنَّ التغيّر الذي يُرتِّبه هذا الحدث في حياتنا يعني (فكّ ارتباط) الموظف بالوظيفة، من الجانبين الرسمي والعملي، لكنّه لا يعني بأي حال طمس أو تهميش السيرة التي صنعها عناء السنين في أداء الواجب!!

ثانياً:

- إنَّ الناس لا يستوون في درجَاتِ التأهيلِ والأداءِ والإنجازِ، والفَصْل في التباين بينهم يَخضع لِضَوابط كثيرةٍ، منها ما تقنِّنه الوظيفة نفسها، ومنها من يَخْضَع للسيرة التَّربوية والتركيبة الخلقية للموظّف نفسه، ومنها ما يتأثّرُ بتوقّعات الناس ونواميس الأداء لديهم.

ثالثا:

- إنَّ الموظف الذي يدركه التقاعد يخرجُ بحصاد قد يختلف الناس في تقويمه يمْنةً ويسْرةً، تبعا لمتغيرات كثيرة، لكن تظلُّ هناك حقيقةً لا نُكران لها وهي أنّ هذا الموظف أعطى من نفسِه ما أعطَى، وسَعى في أداءِ الواجب ما سَعى، فأدركَ الفشَلَ مرًّة، والفوز مرَّة، وعانى بين هذا وذاك ضرْباً من تقلُّبات المناخ النفسي والاجتماعي والوظيفي داخِل إطار الوظيفة وخارجها، وما يزالُ يفعَل كلَّ ذلك حتى تُقْرَعُ له الأجراسُ إيذاناً بالرَّحيل من (كوكب) الوظيفة إلى (كوكب) آخر يُسمّونه (التقاعد)!.

رابعاً:

-إنَّ مُشكلة (التقاعد) تَنطلقُ في ظَنّي المتواضع من عُنصُرين: موقِفَهُ هو من (مسألة) التقاعد وموقفُ (الناس) منه، كمتقاعد.

- فهو من جهة يجْني على نفسه وِزْرَاً كبيراً حين يُصوِّر له أنَّ (التقاعد) نِهايةُ العَطاء أو رحيل إلى المنْفَى، وأنَّ بلوغَه سُنَّ التقاعد يعني، أنّه بعد سِنين من العمل، باتَ لا يقْوى على أداءِ شيءٍ ذي جدوى! يَنسى في غمْرة الحُزن على فراق الوظيفة أنَّ الأعمار بيد الله، وأنَّ أمامه فسحةً من العمر، يعلمُ الله مداها، كي يستأنف العطاء من موقع آخر، قد يكونُ أكثرَ جدوى لنفسه ولوطنه! ومن يدري؟ لعلَّ فكَّ الارتباط بالوظيفة نوع من الانعتاق لأداءِ شيء أكثرَ التصاقاً بطموح النفس وغاياتها وأثرى تحصيلاً، فيقترن التقاعدُ بأطيافٍ من الإبداع لم يألفُه صاحبه في سنينه الغابرة.

(للحديث صلة).

 

الرئة الثالثة
التقاعد ليس منفى في (سيبيريا) القنوط! (1 - 2)
عبد الرحمن بن محمد السدحان

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

حفظ  

 
 
 
للاتصال بنا الأرشيف جوال الجزيرة الإشتراكات الإعلانات مؤسسة الجزيرة