Tuesday  21/12/2010 Issue 13963

الثلاثاء 15 محرم 1432  العدد  13963

ارسل ملاحظاتك حول موقعنا
   
     

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

محليــات

           

عاتبتني الزميلات أن لم أستفض مركزة على معاناة المرأة. هن محقات لكن منطلقي هو التركيز على مقترحات البناء المستقبلي العام وليس الاستفاضة في وصف معوقات الحاضر، فهي واقع يعرفه الجميع بمعايشته يومياً وأراها مجرد مدخل لتفهم احتياجات المستقبل.

وصلنا معا إلى أنه ضروري أن نتحرر من الارتهان لما اعتدنا عليه من التفضيلات الفئوية غير المناسبة لمتطلبات التنمية اليوم، وأن نركز على ما يفيد المجموع وبمعايير يمكن قياسها على أرض الواقع ومؤشرات واضحة في مستوى معيشة المواطنين. وهذا التوجه والمنطلق يستدعي أن نخرج من فروسيات الجدال المنبري حول خطر عمل المرأة أو حضورها في المجتمع, إلى تنافسية مشروعات التدريب والتأهيل والتوظيف للجنسين ومكافأة الأفراد الأكفاء على تفوقهم وليس انتماءاتهم, ووضع الإجراءات المساعدة لفعالية اليد العاملة والموظفة والمستثمرة وصاحبة العمل وحمايتها من العقبات أو الاستغلال سواء كانت رجالية أو نسائية.

ما يجب أن نوضحه هو: أي ممارسات معتادة الآن عندنا أمست مصدراً لترهل لحمة المجتمع واهترائها ولتعقيدات وتعثرات خططنا التنموية؟ حيث حتى الآن ما زلنا نتعايش مع تناقضاتنا بصورة مذهلة. ومن تناقضاتنا أننا نغمض أعيننا عن قصور الواقع ونتشبث بمنجز أسلاف الماضي، فنئد فرص المستقبل ونشتكي حين يصبح حاضراً ملتبساً باحثين عن مسببات لفشلنا مصدرها من خارجنا. نرى تفوق بناتنا أحياناً على أبنائنا فترى ذلك الشاذ الذي يثبت القاعدة.

وحين نتأمل مثالياتنا المجيدة وممارسات بعضنا البعيدة عنها, نجد أننا ما زلنا نتقبل ونخضع لأعراف فيها الكثير من تحيز الجاهلية الأولى ضد الأنثى، تختزلها جسداً ممتعاً مغوياً يمثل حملاً ثقيلاً ونقطة ضعف - ككعب أخيل - في شرف الأسرة والقبيلة. يراها المجتمع كائناً مختزلاً تابعاً ليست ذات أهلية تامة والأجدى ألا تعطى لها أهمية في مجال الإنتاج بمردود اقتصادي لأن الرجل هو الأحق بذلك, ولو سمح لها بالعمل فإن ذلك يأتي مع التحكم في راتبها أو ناتج استثمارات مالها وقد سحب منها فعلياً ما سمح لها به الشرع من حقوق الملكية. والممارسات المعمول بها تتسامح مع هذه التجاوزات الأسرية وتبقيها غالباً ضمن المسكوت عنه.

وعلى الرغم من أن النظام الرسمي والمنزل الشرعي لا يقرها, إلا أن بعض المسؤولين يتغاضون عن فرض التطبيق تحت تبريرات مختلفة تتجذر في تشبثهم كأفراد بمميزات خاصة للفئة. هي في المعيار الحق أعراف وليست أنظمة أو شرعاً.

خطؤنا الاستراتيجي هذا ما زلنا نرتكبه أسرياً ومجتمعياً ونتعايش مع نتائجه من زمان: إننا لا نعالج المشكلات باستئصال أسبابها وجذورها بل نركز على تشذيبها لتصبح أقل إزعاجاً أو إيلاما. علاجاتنا موجهة لتسكين الأعراض وليس اجتثاث مسببات العلة. وهذا ما جعل أي اقتراح للتطوير موضوعاً للمناقشات الهامشية، حيث يجب أن لا ننسى أننا نتعامل مع تخوف المجتمع من التغيير وهو خوف مشروع ولابد من التعامل معه بفعالية, كما لابد من الخروج من دائرة التعامل مع التغيير بمنطلق تغيير الطلاء الخارجي وإبقاء أصل المشكلة دون علاج. والعلاج الأنجع هو الذي لا يأتي أحادي التركيز بل يتوجه لكل مدخلات المشكلة في ما يتعلق بتفعيل مشاركة المرأة:

أولا: إصدار القرارات الرسمية العليا والإجراءات الحامية كما فعلنا في قرار التعليم العام.

ثانيا: تغيير النظرة الأسرية والمجتمعية للعمل عبر التوعية العامة المدعومة رسميا, وباستقطاب دعم قادة الرأي المؤثرين من كل التيارات الفكرية وعبر وسائل الإعلام المختلفة.

ثالثا: إشراع الباب للمرأة للإنتاج والنجاح الاقتصادي بجهدها الذاتي, أي فتح أبواب التخصص والتدريب والترقية وفرص الاستثمار وإدارة مشروعاتها الخاصة.

رابعا: حماية حقوقها الشرعية في التحكم بمردود عملها وإدارته بنفسها وذلك بتفعيل قرارات إلغاء الكفيل والوكيل ومدير الأعمال.

خامسا: تسهيل نجاحها في ساحة النشاط الاقتصادي المنتج بترسيم القرارات والإجراءات الداعمة بما في ذلك حرية حركتها داخل وخارج البلد.

سادسا: توفير حضانات في مواقع العمل لأطفال الأم العاملة.

سابعا: استحداث أقسام نسائية فاعلة لخدمة المرأة في الوزارات والمؤسسات الرسمية لتستطيع أن تباشر عملها ونشاطها الاقتصادي بنفسها.

وأخيراً: التخلي عن شرط موافقة ولي الأمر على كل قرار في حياتها حين هي مؤهلة أن لا تحتاج ذلك.. ويبقى أن نحدد معايير التأهيل.

هكذا يكون تفعيل حضورها ومشاركتها بقرار رسمي واضح الحسم والدعم, وإجراءات تحميه من التذبذب والنقض والإفشال, وبتركيز جاد على توعية وتشجيع المجتمع ليتقبل التطور ويتعاون بقصد واستراتيجية مدروسين.

 

حوار حضاري
مدخل لتخطيط مشاركة المرأة في التنمية
د. ثريا العريض

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

حفظ  

 
 
 
للاتصال بنا الأرشيف جوال الجزيرة الإشتراكات الإعلانات مؤسسة الجزيرة