Wednesday  22/12/2010 Issue 13964

الاربعاء 16 محرم 1432  العدد  13964

ارسل ملاحظاتك حول موقعنا
   
     

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الاقتصادية

           

سأل محدثي زوجته عن الطفح الجلدي الأحمر على رِجْل ابنته، الذي أخذ شكل الحذاء الذي في رجليها، فقالت زوجته «لا أعلم، ولكن اشتريت لها هذا الحذاء قبل ثلاثة أيام بسعر رخيص من محال (أبو ريالين) وخمسة وعشرة.. إلخ». ويُكمل محدثي قائلاً: قلتُ حينها لزوجتي «الرخيص غالٍ»، وعلينا أن ندفع تكاليف علاج البنت، واحمدي الله أن الضرر لم يكن بالغاً ومزمناً.

هذا المثال وأمثلة أخرى كثيرة مأساوية تصل إلى وفيات متعددة وخسائر مالية كبرى مثل حرائق المنازل وحوادث السيارات المترتبة على أجهزة كهربائية وقطع غيار مغشوشة ومقلدة تؤكد أن المستهلك هو المتضرر الأول نتيجة الغش والتقليد؛ لأنه هو الذي يدفع المال لشرائها ويتحمل تبعات استخدامها؛ وبالتالي فإن وعي المستهلك هو خط المكافحة الأول لظاهرة الغش والتقليد.

نعم، ورغم جهود الأجهزة الحكومية المعنية (وزارة التجارة، هيئة المواصفات والمقاييس السعودية، الجمارك السعودية.. إلخ)، التي يجب أن تتضاعف وتتطور، إلا أن الواقع يقول إن البضائع المغشوشة والمقلدة من أنواع السلع والبضائع كافة (أدوية، أدوات تجميل، قطع غيار، أحذية، ساعات.. إلخ) تملأ البلاد، ويدفع المستهلك والوطن والاقتصاد بالمحصلة ثمناً باهظاً بسبب ذلك؛ وبالتالي، وبما أن الواقع كذلك؛ فعلينا أن نتجه للمستهلك ونرفع درجة وعيه تجاه ما يستهلك؛ ليعلم علم اليقين أن «الرخيص غالٍ»، وقد تكون التكلفة تفوق خيال المستهلك في كثير من الأحيان.

وأجزم بأن معالجة الاتجاهات السلبية القائمة لدى المستهلك حيال البضائع المغشوشة والمستهلكة، إضافة إلى معالجة تلك الاتجاهات لدى التاجر، ومعالجة الأنظمة والإجراءات والتشريعات بما يتناسب وحجم هذه الجريمة التي يترتب عليها هلاك المال والنفس وتفشي الأمراض والإضرار بالبيئة، ستفضي إلى نتائج إيجابية كبيرة، خصوصاً إذا كانت العقوبات شديدة، وتُطبّق على الجميع، وبحزم كبير.

«درهم وقاية خير من قنطار علاج» مثل نتغنى به، ولكننا لا نطبقه بتاتاً، ولا نخصص للوقاية، التي تمثل التوعية أهم أدواتها، الميزانيات، وهي قليلة جداً مقارنة بالميزانيات التي نخصصها للعلاج، وهو أمر مُحيّر أتمنى أن أجد جواباً عنه من الجهات المعنية في أي قضية، وفي قضية مكافحة الغش والتقليد على وجه الخصوص. وأستغرب من عدم تعاون وزارة التجارة المسؤولة عن حماية المستهلك وإدارة الجمارك وهيئة المواصفات والمقاييس ومؤسسات المجتمع المدني المعنية في إطلاق حملات توعوية مستمرة وفاعلة لحماية الوطن والمواطن من هذه الآفة الكبيرة.

من جهتي بوصفي كاتباً في الشأن الاقتصادي، ومن هذه المقالة، وهي الآلية الإعلامية المتاحة لي، أقول لكل مواطن: «انتبه؛ الرخيص غالٍ». وأرجو أن نُطلق حملة وطنية كبرى تحت هذا العنوان، وأعتقد أن أياً من المواطنين الضالعين في عالم الإنترنت يستطيع أن يطلق حملة بهذا العنوان؛ لعل وعسى تُحدث صدى إيجابياً في وعي المواطن؛ للحد من هذه الظاهرة بالغة الضرر، وهذا بطبيعة الحال لا يعفي الأجهزة الحكومية المعنية من القيام بدورها التوعوي في هذا المجال.

ختاماً أود أن أوضح أن مثل هذه الحملة يمكن دعم ميزانياتها من قِبل شركات القطاع الخاص التي يهمها مكافحة الغش والتقليد المضر بها وبنموها، وأعتقد أن شركات السيارات والشركات الموردة والمصنعة للأجهزة الكهربائية والأدوية وغيرها كثير تهتم بنجاح هذه الحملات في تحقيق أهدافها؛ وبالتالي فنحن أمام هدف شمولي يهم الجميع؛ وعلينا أن نتكامل في تحقيقه.

alakil@hotmail.com
 

الرخيص غالٍ..
د. عقيل محمد العقيل

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

حفظ  

 
 
 
للاتصال بنا الأرشيف جوال الجزيرة الإشتراكات الإعلانات مؤسسة الجزيرة