Wednesday  22/12/2010 Issue 13964

الاربعاء 16 محرم 1432  العدد  13964

ارسل ملاحظاتك حول موقعنا
   
     

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الاقتصادية

           

تنفق المملكة جُل مواردها المالية على التنمية، وأجزم أنها ترغب في إنفاق المزيد للتعجيل في استكمال البُنى التحتية، لولا محاذير الاستيعاب، وقدرة قطاع الإنشاءات على الإنجاز. ليس بالأمر الهين ضخ أكثر من 600 مليار ريال سنويا في الاقتصاد؛ إنها سياسة التنمية التي لا تقف عند حد، ولا تكتفي بالمنجزات المحققة على أرض الواقع. الأسبوع الماضي تحدثت عن حجم المشروعات التنموية المتاحة أمام قطاع المقاولات، وأشرت إلى أن الإنفاق الحكومي التوسعي قادر على تحريك كل آلة موجودة على أرض الوطن، فجاءت أرقام ميزانية العام 2010 وحجم الإنفاق الحقيقي الذي قدر بـ 626 مليار ريال لتؤكد صدق المقولة؛ هل اكتفت الدولة بما أُنفق، وانتظرت حتى الانتهاء من المشروعات الحالية؟ كلا، بل واصلت الإنفاق التوسعي، وتحملت ألم التنمية المتمثل في التضخم وارتفاع تكلفة المعيشة، مقابل استكمال البنى التحتية في أسرع وقت. رصدت المملكة 580 مليار ريال للإنفاق خلال عام 2011 م، وهو رقم لن يبقى على ما هو عليه، فالحكومة تقوم غالباً بزيادة الإنفاق تجاوبا مع نمو الدخل، كما حدث في العام الحالي. ليس صحيحا ما يعتقده البعض بأن ما تنفقه الدولة أقل مما كان عليه سابقاً لأسباب تضخمية، فنحن نتحدث عن حجم الإنفاق مقارنة بالدخل الكلي؛ تعتمد دول العالم في خطط تحفيز الاقتصاد على حجم الإنفاق، بمعزل عن الحسابات الأخرى، فالتركيز الأكبر يكون في الغالب على حجم الإنفاق مقارنة بالدخل، وهو المعيار الذي يعتمد عليه البنك الدولي لحث الدول التي تتمتع بفوائض مالية على الإنفاق دعما للاقتصادات الأضعف. وليس صحيحا أيضا أن حجم المشروعات المزمع تنفيذها في ميزانية العام القادم أقل، فنحن نتحدث عن مشروعات متصلة ببعضها البعض، وزيادة حقيقية في المشروعات التنموية، وهو ما تعكسه أرقام الميزانية التوسعية. تخصيص الجزء الأكبر من الميزانية للتعليم يعني أن الحكومة ماضية في سعيها الحثيث نحو تطويره، وتحسين مخرجاته، وبما يحقق الأهداف الإستراتيجية ذات العلاقة بالبطالة وسوق العمل؛ الإنفاق على التعليم يصنف ضمن الإنفاق الاستثماري طويل المدى، فبناء الإنسان وتطوير قدراته العلمية والعملية هو السبيل الأمثل لتحقيق أسس التنمية المستدامة التي يبحث عنها الجميع.

الجمع بين خفض الدين العام، وزيادة الاحتياطيات النقدية يُعطي المملكة قدرة اقتصادية ومالية على مواجهة المتغيرات المستقبلية، وهو أمر بالغ الأهمية. يطالب البعض بإبقاء الدين العام دعما لسوق السندات، وتنشيطها، إلا أنني أختلف مع ذلك التوجه لسببين رئيسين، الأول أن الدولة ليست في حاجة إلى إبقاء ذلك الدين وهي قادرة على سداده، وإن أثر ذلك على حجم السيولة المحفزة للضغوط التضخمية، والثاني أن سوق الصكوك والسندات يفترض أن تكون مصدرا للأموال الاستثمارية التي تساعد في تنمية قطاعات الإنتاج التي تسهم في زيادة الناتج المحلي، وتساعد في خلق الوظائف وزيادة الأجور وتحسين دخل الفرد؛ سداد الدين العام يعطي الجهات التمويلية قدرة أكبر على إعادة توجيه الأموال المتاحة إلى قطاعات الإنتاج التي أعتقد أنها أكثر حاجة للتمويل من الدولة التي تتمتع بفوائض مالية ضخمة.

تحقيق النمو أمر مهم، ولعل زيادة النمو في القطاع غير البترولي أمر يبعث على التفاؤل، إلا أن الفارق الكبير في نسب النمو بالأسعار الجارية، والثابتة، تجعلنا أكثر حرصا على مواجهة الضغوط التضخمية والعمل بجد من أجل خفضها للتخفيف من معاناة المواطنين. لا تنمية دون تضخم، إلا أن الإدارة المالية الحصيفة قادرة على تحقيق المعادلة بين النمو والتنمية من جهة والسيطرة على نسب التضخم بالأدوات المتاحة من جهة أخرى. المواطن البسيط يبحث عن انعكاسات الميزانية الإيجابية على حياته المعيشية بغض النظر عن أرقامها التفصيلية!.

ميزانية الإنجاز لا الأرقام، شعار أتمنى أن يضعه أصحاب المعالي الوزراء نصب أعينهم؛ فالدولة لم تقصر في الجانب الإنفاقي وهو ما تترجمه الميزانيات التوسعية للأعوام الماضية، والعام الحالي، ويبقى الدور الأكبر على الوزراء في تنفيذ مشروعات التنمية بكفاءة، ووفق جدولها الزمني. أعود إلى توصية خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز؛ الغائب الحاضر في قلوبنا؛ لوزرائه العام الماضي حين إعلان الميزانية، وقوله: «المهم عليكم إخواني إتمامها بجد وإخلاص والسرعة، وعدم التهاون في شيء يعوقها، لأن هذه أسمعها أنا من الناس وأحسها بنفسي، بعض المشاريع إلى الآن ما بنيت».

أتمنى أن تركز ميزانية العام الحالي على الإنجاز والكفاءة والرقابة الصارمة لتحقيق المنفعة الكلية من الأموال المخصصة لمشروعات التنمية.. ما زلت أعتقد أن إنشاء هيئة استشارية عالمية مرتبطة بمقام رئيس مجلس الوزراء، تهتم بالتخطيط، اقتراح المشروعات، التصميم، تقييم التكلفة، والإشراف، يمكن أن يحقق هدف الكفاءة والمنفعة الكلية من مشروعات الدولة .. المواطن البسيط يبحث عن الإنجاز والكفاءة وهو لن يحس بقيمة الميزانية ما لم يرَ تحول أرقامها إلى مشروعات حقيقية على أرض الواقع. حتى الآن لا يمكن مقارنة المشروعات المنفذة بالإنفاق الحكومي السخي، إضافة إلى أن جودة التنفيذ لم تصل بعد مستوى الكفاءة الضامنة لسلامة المشروعات لعقود قادمة، وهو أمر يحتاج إلى مراجعة ورقابة صارمة وتقييم مستمر لتحقيق المنفعة الكلية من ميزانيات الخير والنماء.





f.albuainain@hotmail.com
 

مجداف
ميزانية الخير
فضل سعد البوعينين

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

حفظ  

 
 
 
للاتصال بنا الأرشيف جوال الجزيرة الإشتراكات الإعلانات مؤسسة الجزيرة