Thursday  23/12/2010 Issue 13965

الخميس 17 محرم 1432  العدد  13965

ارسل ملاحظاتك حول موقعنا
   
     

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

وجهات نظر

 

كيف كان المشهد في مملكة الإنسانية قبل نصف قرن
عثمان بن عبدالمحسن بن عبدالكريم المعمر

رجوع

 

أخبر النبي -صلى الله عليه وسلم- عن تداعي الناس على جزيرة العرب فقال: (تتداعى عليكم الأمم في آخر الزمان كما تتداعى الأكلة على القصعة. قيل: أمن قلة يومئذ يا رسول الله؟ قال: لا بل من كثرة ولكنكم غثاء كغثاء السيل).

بالأمس القريب، أي قبل نصف قرن من اليوم وعندما بدأ تدفق البترول في أرض مملكة الإنسانية تقاطر الإخوة الأشقاء من دول الجوار والدول القريبة أولاً للمساهمة في بناء المجتمع السعودي الحديث من تطوير بنيته الأساسية وممارسة كثير من المهن والأعمال التي لا تتوفر لها اليد السعودية الكافية والتي لم تعتد على ممارستها وكان قصب السبق لمن وصل أولاً وكان أول المتدفقين على مملكة الإنسانية وأكثر من تواجد أولاً هم الإخوة القادمين مما كان يعرف إلى وقت ليس بالبعيد باليمن الجنوبي وخاصة من منطقة حضرموت والذين عُرفوا بالحضارم واشتهروا في المملكة بجلدهم وصبرهم على الأعمال التي يؤدونها، وأكثر ما اشتهروا به الأمانة وعدم الخوض في الشؤون السياسية أم ما لا يعنيهم، فهم جاءوا طلباً للرزق وسعوا إليه بكل جلد وصبر وتضحية فأحبهم الناس ووثقوا بهم أيما ثقة ولا زالوا على تلك الخصال الحميدة والرفيعة ومنهم من حصل على جنسية بلاد الحرمين التي أخلصوا لها حباً وتضحية حيث إنها البلاد المقدسة أولاً والبلاد التي كانت بعد الله مصدر رزق وفير لهم ولعوائلهم، واندمجوا في المجتمع السعودي العطوف والمتراحم المحب للخير والسلام للجميع.

وكانت أكثر الأعمال التي قاموا بالاشتغال فيها في بداية مجيئهم هي عبارة عما يعرف بالبسطات على قارعة الطرق أو بيع الأقمشة على النساء في منازلهن منادين بصيحتهم المعروفة «فرقنا» وكانت النسوة ينتظرنهم بفارغ الصبر لرؤية ما لديهم من الأقمشة الجديدة التي يجمعونها في بقشة كبيرة يحملونها على ظهورهم، فالناس في ذلك الوقت كانت تتمتع بالبساطة والعفوية وصفاء النفوس ومن هؤلاء الحضارم من افتتح الكثير من المتاجر الصغيرة داخل الحواري وعلى أطرافها لبيع المعلبات والفصفص وغيرها.

نعود إلى بيت القصيد، فقد كان تكاتف الحضارم مع بعضهم البعض معروفاً ومشهوداً وكان تجارهم السابقين يعضدون إخوانهم القادمين الجدد حتى يقفوا على أرجلهم وبعد ذلك يسددوا الدين ويصنعون مع القادمين بعدهم ما صنع الأوائل بهم.. وهكذا دواليك وبعد سنوات تقاطر على مملكة الإنسانية أبناء ما كان يعرف آنذاك باليمن الشمالي طلباً للرزق ومصادر العيش ومظلة الأمن والأمان والرفاهية وعمل الكثير منهم في كل مناحي الحياة فصغار السن منهم عملوا داخل منازل الأسر الكبيرة والثرية والمتوسطة كصبيان قبل أن يتداعى علينا الجنس الأصفر من كل بلدان الدنيا وخصوصاً إندونيسيا، سيرلانكا، الفلبين، الهند للعمل كخدم وسائقين، وكانت الأسر السعودية ترعاهم كما ترعى أبناءها وأدخلتهم معهم في المدارس وارتقوا في السلم التعليمي، ومنهم من ارتبط بمصاهرة مع هذه الأسرة ومارس الكثير منهم وخصوصاً أبناء الشمال العمل في النجارة والحدادة والألمنيوم كما كان البعض منهم يمارس التجارة والتحميل والتنزيل وغير ذلك من الأعمال الشاقة، وكل عمل يكون مصدر رزق لهم، ولا أحد يبز الحضارم في جلدهم وأمانتهم وقدرتهم على تحصيل القرش وهذه خصلة حميدة ومنة وقسمة من الله لهم والأمل ألا يتغير سلوك الأبناء والأحفاد عن الآباء لوجودهم في مجتمع وبيئة تختلف عما هي عليه في بلدهم الأصلية وإن كنا نشعر أنها بلاد واحدة حيث -ولله الحمد- أن ديننا واحد ولغتنا واحدة وتاريخنا واحد وتقاليدنا واحدة وعاداتنا واحدة، فنحن أمة واحدة يجمعنا الدين القويم والإرث التاريخي ويوحدنا المصير المشترك.

وعندما بدأ الصندوق السعودي للتنمية العقارية نشاطه أصبح فاتحة خير ومصدر رزق وفير للإخوة اليمنيين من الشمال خاصة فخبرتهم في ورش الحدادة والنجارة والألمنيوم والتحميل والتنزيل وهي من المهن الشاقة مكنتهم من أن يصبحوا بين عشية وضحاها مقاولين لمن أسعدهم الحظ بالحصول على قروض من الصندوق وأصبح الطلب عليهم كبيراً لبناء المساكن الجديدة وكذلك من أصحاب القروض المشتركة والقروض التجارية فأصبحوا هم من يتحكم في سوق البناء والمقاولات والحدادة والنجارة والألمنيوم والأصباغ وخلاف ذلك من الأعمال وأصبحوا بذلك خبراء في هذه الصنائع وأصبحت حكراً عليهم والله يرزق من يشاء.

 

رجوع

حفظ  

 
 
 
للاتصال بنا الأرشيف جوال الجزيرة الإشتراكات الإعلانات مؤسسة الجزيرة