Friday  24/12/2010 Issue 13966

الجمعة 18 محرم 1432  العدد  13966

ارسل ملاحظاتك حول موقعنا
   
     

الأخيرة

متابعة

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الرأي

           

كتاب ألفه القاضي الأندلسي ابن عسكر وأتمه ابن أخته ابن خميس، وابن عسكر توفي عام 636 أما ابن خميس فلا يعرف عام وفاته بالتحديد، والكتاب يحكي تراجم بعض أعلام مدينة مالقة الأندلسية البارزين في العلوم الشرعية والشعر والأدب، واعتاد بعض الأندلسيين على التأليف والكتابة عن تراجم المبرزين في كل بلدة أو ناحية، مثل كتاب قضاة قرطبة وفقهاء قرطبة، وتاريخ فقهاء طليطلة، وفقهاء البيزة والإحاطة في أخبار غرناطة، وغيرها كثير.

والكتاب الذي نستأنس به في هذه العجالة فيه غرائب من القصص التي تقع لأعلام مالقة في النوم، أو بين النوم واليقظة مما يحدو بي أن أقول: إنها ربما تكون من نسج الخيال للفت الأنظار أو أنها رموز للشكوى من الزمان وأهله فتتم الإحالة إلى النوم ومن يأتي في المنام خشية من لوم الأنام، ومن ذلك قصة أوردها المؤلفان لأحد قضاة مالقة وأعلامها وهو محمد بن خليفة الأنصاري، وهو في قصته تلك يروي ما حدث له أثناء تأليفه لكتابه (شرح الموطأ) والموطأ كما يعلم الجميع كتاب مشهور للإمام مالك رحم الله الجميع، ومما ذكر أنه قد رأى وهو بين النائم واليقظان كأنه خرج إلى البحر فيقذف إليه البحر بالحيتان حتى امتلأ الفضاء بين يديه، وأمواج البحر تلقي بعضها على بعض، وكان كما يزعم يروم تعبئتها وتلفيفها بالملح، وكان يقول: ألا رجل يعينني على تعبئة ذلك، فإذا برجل يقول له: ارفع رأسك فهذا ذلك الرجل العظيم (وأجل ذكر اسمه، فلم أذكره) مقبل إليك من جهة القبلة، فمشيت إليه وسلمت عليه فلما فرغت من السلام، قال لي يا محمد بن خليفة، أنا أعينك على تعبئة ما أردت من هذا، حتى بلغت الصفوف التي ساعدني في صفها سبعة صفوف وهي عدد أسفار مسودة الكتاب، ثم ضم عليها صيانتها وزمَّها، وقال: هذا مرادك منها قد تم، واستطرد قائلاً: ثم استيقظت من نومي وتماديت في التأليف، فلعمري، لقد كان هذا التأليف أسهل علي من كل أمر حاولته، جعله الله لوجهه.

يبدو أن هذه قصة مختلقة أوردها القاضي محمد بن خليفة ليغطي كتابه بشيء من التشريف المزيف، ولهذا ربطه بتلك الشخصية العظيمة، أو أنه كتبه وسهل عليه كتابته فتوهم ما توهم، والله أعلم بما في الصدور، وقد عاش في فترة كثر فيها الاضطراب وسادت قوى لم يكن لها شأن، فكان فعله ذلك مناسباً لزمانه، وقد صور أحداث دهره في بيتين من شعره، فقال:

هكذا الناس أبناء زمانهم يفصحون ويبيحون، أو يشيرون ويلمحون، والدعة خير من ضدها، وفي كل زمان من الخير ما يكفي، وللعين نظرة، وحيثما وجهتها نظرت.

ومن تلك القصص الوهمية تلك القصة التي أوردها عمران الذُّجِّي الأديب المالقي المعروف وذكر أنه قد رأى في المنام علي بن أبي طالب رضي الله عنه وأنه صحح له بيت شعر للخفاجي الشاعر، حيث يقول:

فكان تصحيح علي رضي الله عنه، قوله: سبلَتْهُ يدُ القدير اقتداراً، لأن الطبيعة لا تفعل وإنما الذي يفعل هو القدير رب العباد.

أما الأصمعي فهو يذكر أنه قد سمع صوتا ثلاث مرات ولم يرَ المنادي، فقال له: أنا إبليس، والعياذ بالله، والقصة تطول، ولقنه بيتين من الشعر، هما:

قصص خرافية، ربما تكون رمزية، يلوم فيها أصحابها زمانهم، وربما يكون ذلك الزمان جميلاً لكن عين القائل وأنه بمنظار التذمر فتذمرت.

والله من وراء القصد.

 

نوازع
أعلام مالقة
د. محمد بن عبد الرحمن البشر

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

حفظ  

 
 
 
للاتصال بنا الأرشيف جوال الجزيرة الإشتراكات الإعلانات مؤسسة الجزيرة