Friday  24/12/2010 Issue 13966

الجمعة 18 محرم 1432  العدد  13966

ارسل ملاحظاتك حول موقعنا
   
     

الأخيرة

متابعة

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الثقافية

 

القصة الفائزة بالمركز الأول
سندويتش تمر
حسن الأنصاري

رجوع

 

في أيام الضيق تنزع أمه النوى من التمر، وتضعه له في شطيرة الخبز، مضرّجاً بلمسة زبدة. ويجلس في الصف سعيداً؛ منتظرا أن يرتفع جرس ما بعد الحصة الثالثة.

في غضون أسبوع عرف معنى «مقصف»، بخلاف «الفسحة»، التي عرفها من قبل، حين كانت أخته عائشة تحدثه عما تصنعه فيها هي وصديقتها مزون.

فيخرج إلى الساحة الخضراء، ويتناول شطيرته.

بعد بضعة أسابيع رأى أطفالاً يجتمعون حوله ويضحكون، ولم يدر السبب.

ثم أصبحوا يلتمّون حوله ويطلبون منه أن يفتح ساندويتشه، ويضحكون.

في البدء ظن الأمر متعلقاً بشكل «خبزة الصامولي».

أو لأنه يأتي بها من البيت.

فأصر على الحصول على الريال.

غير أن عائشة نبهته إلى أن زملاء له يحضرون ومعهم «فسحتهم»، ولا يحملون معهم ريالات، ولم تخبره بالسر الخبيء.

يتكدر. يحن إلى أيام السعة الأولى؛ فقبل أن يهبط إلى مدرسة الإمام الشافعي تضع أمه في جيبه الأيمن ريالا تتوسطه صورة أول رجل عرفه من خارج العائلة.

كان يسألها حائراً:

- من هذا؟ فتقول:

- هذا فهد، ألا تعرفه؟

وتظل الحيرة تنتابه؛ لأنه يرى في المدرسة أشخاصاً آخرين يدعون فهداً. ولا يفهم، لكنه يخجل من أن يسأل.

أصبح يتأخر في الفصل طلباً لأن ينصرف الساخرون جميعاً؛ لعله يخلو بشطيرته. ولكن المشرف ظل يطرده إلى الفناء.

وذات مرة هدده، وفي المرة التالية حمله إلى الوكيل وهو يبكي.

وسأله: - لماذا لا تنزل مع زملائك؟

لم يجب، وعنفه الوكيل.

ظل السرّ مستتراً وراء حجب الغيب، مستحوذاً على تفكيره، ساهماً فيه، دائب الحفر عنه في أعمق أعماق مخه:

- لماذا يضحكون من فسحتي.

وشيئاً فشيئاً أدرك الأمر، عندما أصبح يركز في أنواع السندويتشات التي تتناهى إلى سمعه.

ثم فجأة، وكما يدرك الصبي أنه تعلم الثبات على صهوة الدراجة، علم أن القصة هي أن التمر ليس من مكونات الفسحة المعروفة، وأن هذا هو ما يجعلهم يضحكون.

في أيام الضيق تنزع أمه النوى من التمر، وتضعه له في شطيرة الخبز، مضرّجاً بلمسة زبدة، وبعد الحصة الثالثة يرتفع الجرس؛ فيندرج في طابور المقصف، حتى يصل إلى الشباك، فيتظاهر بالشراء ثم ينسحب إلى ركن قصي ويأكل وهو لا يزال يخشى الافتضاح.

 

رجوع

حفظ  

 
 
 
للاتصال بنا الأرشيف جوال الجزيرة الإشتراكات الإعلانات مؤسسة الجزيرة