Sunday  26/12/2010 Issue 13968

الأحد 20 محرم 1432  العدد  13968

ارسل ملاحظاتك حول موقعنا
   
     

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

منوعـات

           

يبدو أننا أكثر شعوب العالم قدرة على الفصل، منذ الفصل المستمر بين الرجال والنساء في بيوتنا وحياتنا اليومية، وفصل التوائم التي تميز فيها وزير الصحة، وحتى الفصل في الأسماء بين اسم الشخص وعائلته أو قبيلته، كما في المطالبة بفصل اسم «حاتم» عن «الطائي» في اسم مدرسة ابتدائية بحائل، بحجة أن هذا الرجل الرمز ليس مسلمًا، أو كما وصفه متشددون جاهليًا كافرًا، حتى وإن كان رمزًا مهمًا في الكرم والمروءة ومكارم الأخلاق!

هذا التشدد والتنطّع كما وصفه الشيخ عبدالله المنيع عضو هيئة كبار العلماء إلى أين سيؤدي بنا؟ بل لماذا يمتلك هؤلاء كل هذه القوة دونما إيقاف أو معاقبة؟ كيف يمكن تغيير أوراق رسمية وأختام مدرسة إلى مدرسة حاتم الابتدائية، بدلاً من مدرسة حاتم الطائي الابتدائية؟ بل الأمر الأكثر مرارة وأسى هو كيف سيكون نتاج هؤلاء المدرسين المتشددين الذين منذ وزارة د.محمد الرشيد وهم يطالبون بتغيير اسم المدرسة؟ كيف سيتخرج هؤلاء التلاميذ بعقول متفتحة، بينما عقولهم الطريّة قد تشكلت على عقول هؤلاء التي توقّفت عند مسمى المدرسة بحجة أن اسم هذه الشخصية التاريخية هو شخص كافر، رغم كل ما يحمله من قيم كرمز عربي كريم، كيف يمكن أن يكفّ هؤلاء التكفيريون عن جولاتهم وصولاتهم، ويلتفتون إلى سماحة الإسلام وقيمه العظيمة؟

وماذا سيفعلون في قادم الأيام؟ هل سيكفّرون جابر ابن حيان والتوحيدي وابن سيناء والجاحظ وابن رشد والفارابي وغيرهم؟ هل سيصفونهم بالمشركين أم بالعلمانيين كما يروّجون في منتدياتهم؟ هل سيكون ابن سيناء شيخ الملاحدة؟ وجابر بن حيان كافرًا لأنه تخصص في علم يوصف بأنه ضرب من السحر والشعوذة؟ وهل سنعيد إنتاج التخلّف بتكفير الفارابي العالم المسلم الجليل؟ وكذلك ابن رشد الفيلسوف؟ وهل سيأتي المتطرفون المتنطِّعون كي يخلعوا لوحات المدارس التي تحمل أسماء هؤلاء العلماء؟ ويبدّلون الورق الرسمي لهذه المدارس وأختامها؟

وهل سيتوقفون عند مسميات المدارس فحسب؟ أم سيحاكمون الشوارع أيضاً ومسمياتها؟ ويقاضون مسميات المحال التجارية من ماركات عالمية ومطاعم شهيرة وغيرها؟.

العالم يسير نحو التقدم والتطور والابتكارات العظيمة التي بني بعضها على منجز إسلامي قديم، كان أيضًا مبنيًا على منجز يوناني وروماني وسرياني وهندي وغيرها، حينما كان الإسلام متسامحًا ومنفتحًا على كافة الثقافات، يترجم منها في مختلف العلوم والمعارف، ويستفيد منها في تقديم مبتكرات العلوم والطب والفيزياء والفلك والفلسفة، التي أيضًا أضاءت الطريق لعلوم النهضة الحديثة في الغرب، بينما نحن الآن نحاكم أجدادنا الأوائل.

العالم يسير بل يطير بجناحي العلم والفكر، بينما نحن واقفون ببلادة أمام لوحة مدرسة ابتدائية بحائل، نفكّركيف نقتل حاتم الطائي؟ كيف نفصل حاتم عن الطائي تمامًا كما نفصل بين الأزواج لعدم تكافؤ النسب؟

هذا الأمر عرفناه من الصحافة، أمر اعتراض هؤلاء على اسم حاتم الطائي، فما هو قبالة اللوحة المسكينة على سور المدرسة الخارجي كشفته الصحافة، ولكن سؤالي الصغير المقلق: إذا كان هذا ما حدث خارج المدرسة، فماذا يحدث داخل أسوارها؟

أترك الإجابة لمخيلة القارئ الكريم!



 

نزهات
كيف نقتل حاتم الطائي؟
يوسف المحيميد

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

حفظ  

 
 
 
للاتصال بنا الأرشيف جوال الجزيرة الإشتراكات الإعلانات مؤسسة الجزيرة