Tuesday  28/12/2010 Issue 13970

الثلاثاء 22 محرم 1432  العدد  13970

ارسل ملاحظاتك حول موقعنا
   
     

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الرأي

           

لما كانت التربية هي المعيار الصادق لتقدم الأمة أو تخلفها، وأن مختلف العلل والمشاكل وأوجه القصور التي يمكن أن يشكو منها جسد الأمة تكمن أسبابها ووسائل علاجها في التربية، سواء أكانت تلك المشاكل أخلاقية أو علمية أو اقتصادية أو اجتماعية أو ثقافية.

وأن المجتمعات تؤمن بأن التربية ليست أمراً خاصاً بالتربويين وحدهم، وليست هماً أكاديمياً متخصصاً بل هي هم قومي يعني جميع أفراد المجتمع، لأن المجتمع بأسره سيدفع ثمن أخطاء التربية، ولأن إصلاح مسار التربية يحتاج إلى جهود المجتمع بأسره.

وأن قضايا التربية لا تحتمل الإخفاء أو الخجل أو التكتم، فنتعامل معها بأقصى درجات الوضوح، وهي أشد ما تكون حرصاً على نشر الحقائق والأخطاء وأوجه القصور، لأنها تعرف تماماً أن علاج الأخطاء لن يكون أمراً ممكناً ما لم تعرف الأخطاء معرفة تفصيلية.

كذلك فإن تلك المجتمعات عندما تضع خططاً تربوية، فإنها لا تخطط من فراغ، بل تنطلق دائماً من أرضية الواقع مستشرفة آفاق المستقبل، بمعنى أن الخطة التربوية تكون دائماً مرتبطة بالخطة التنموية العامة للمجتمع، تأخذ منها وتعطيها، تفيدها وتستفيد منها، وأن هذه الخطة تنطلق دائما مما هو كائن، إلى ما يمكن تنفيذه فتضع لنفسها أهدافاً واقعية يمكن الإمساك بها مهما كان العمل شاقاً ومرهقاً.



يبقى بعد ذلك أن نذكر أن مجتمعاتنا وهي تعيش في القرن الحادي والعشرين أشد ما تكون حاجة إلى سلاح التربية لتواجه به الغد المقبل.

ففي ظل التطور التربوي الذي شهده العالم لم تعد مهمة المدرسة مقتصرة على تحفيظ الدروس وتلقين العلوم واختبار الطلاب وإعدادهم لنيل الشهادات والحصول على الوظائف والمراتب المناسبة في المجتمعات فقد ترجمت أهداف جميع المواد الدراسية التي تدرس للطلاب في شتى المستويات إلى أهداف سلوكية، بقصد تربية الأجيال تربية سلوكية تعدهم للانسجام مع مجتمعهم وأهداف أمتهم في حياة أفضل، وتهيؤهم للتكيف مع معطيات الحضارة والتطور التقني العالمي، وللإسهام في صنع هذه الحضارة وتقدمها في سبيل خدمة الإنسانية.

ولا تتحقق التربية السلوكية بصورة جيدة إلا إذا تم التعاون بين المدرسة والأسرة. ذلك أن تربية السلوك إنما تتم وتتحقق بتكوين عادات سلوكية تمارس عفوياً في جو المنزل، وفي أحضان الأسرة.

فلا بد من إقامة تعاون فعلي وتنظيمه في مواعيد محددة، وفي مجالس يحضرها آباء الطلاب، وأمهات الطالبات، لتعريفهم على الأهداف والممارسات السلوكية المطلوب تربية أبنائهم عليها، لضمان سعادتهم ولتحقيق الرسالة التربوية التي من أجلها أقيمت المدارس. أن يطلب من أولياء أمور الطلاب متابعة أبنائهم للتأكد من تحقيق هذه الأهداف والممارسات السلوكية المطلوبة، أولاً بأول.

ثم إن المشكلات التي تتكرر على وتيرة واحدة عند بعض الطلاب أو الطالبات ترجع في جذورها إلى التربية المنزلية الأولى، فالطفل أو الطالب المتردد في تصرفاته، الخائف الخجول باستمرار، قد يكون مغموراً في منزله يعاني من ضغوط نفسية بسبب سوء معاملته أو تفضيل غيره عليه والطفل المتواكل، كثير الشكوى، الشارق بدموعه لأتفه لأسباب، ربما كان مدللاً في أسرته إلى حد الإفراط والمبالغة، فهو يريد أن يكون في المدرسة الآمر الناهي يحصل على كل شيء، كما كان في منزله.

فلا بد من إقامة تعاون وتوازن وانسجام بين المدرسة والأسرة في التعامل مع الطلاب، لضمان تقارب أسلوب المنزل والمدرسة في تربية الناشئ، وحتى لا يتعرض إلى أزمات نفسية، وحتى لا تتعارض مطالب المدرسة مع مطالب المنزل، تعارضا يكون الناشئون ضحية له فيفرطون بواجباتهم المدرسية، أو يعيشون في قلق وحيرة واضطراب.

هذا التعاون والانسجام لا يتم إلا في اجتماعات منظمة تعقد لأولياء أمور الطلاب، وتناقش فيها جميع الأمور التي تهم أبناءهم وأساليب التعامل معهم، ويسودها جو من الصراحة والتفاهم لتحقيق مصلحة الأبناء.

فحضور أولياء أمور الطلاب إلى المجالس التي تعدها لهم المدرسة لا يقل أهمية عن إعداد الكتب، والدفاتر والواجبات المدرسية، وجميع مستلزمات العملية التربوية، فهم طرف في تربية الأبناء، وشريك في المسؤولية عن نجاحهم ونجاح المدرسة في أداء واجبها نحوهم فعليهم تلبية الدعوة إلى هذه المجالس ما دامت مصلحة أبنائهم وفلذات أكبادهم تهمهم.

 

التربية هي المعيار الصادق لتقدم الأمة أو تخلفها
د. علي بن محمد التويجري

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

حفظ  

 
 
 
للاتصال بنا الأرشيف جوال الجزيرة الإشتراكات الإعلانات مؤسسة الجزيرة