Thursday  30/12/2010 Issue 13972

الخميس 24 محرم 1432  العدد  13972

ارسل ملاحظاتك حول موقعنا
   
     

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الأخيــرة

           

من مهام الصحافة، فضلاً عن وسائل الإعلام الأخرى، طرح الأسئلة، ومن مهام من يضطلع بالمسؤولية أن يجيب على الأسئلة. أن تطنش، أو لا تلقي بالاً للأسئلة المطروحة من قبل الصحافة، معنى ذلك أن من يمارس مثل هذا التطنيش هو واحد من اثنين: إما أنه يرى نفسه فوق أن يُسأل، أو أنه لا يملك الإجابة؛ وفي الحالتين هو بالنسبة للمواطن (مدان).. الوظيفة الحكومية، أي وظيفة، هي تكليف قبل أن تكون تشريفاً. ولعل ذلك المسؤول الذي يضع في إحدى أذنيه طينة وفي الأخرى عجينة هو خارج الزمان والمكان، وبالذات في هذا الزمن الذي أصبحت فيه (الشفافية) مطلباً جماهيرياً لا يمكن تجاوزها أو التعالي عليها. فنحن نعيش في عصر أصبح فيه تكميم الأفواه، ومصادرة الأسئلة، قضية لا تمت للعصر بصلة. في الماضي كانت وسائل الإعلام ملكاً للسلطات الحاكمة، تتحكم فيها تحكم الملاك في أملاكهم. الآن؛ وفي عصر القنوات الفضائية، أو بلغة أدق الغزو الإعلامي القادم من الفضاء، وعصر الإنترنت، أصبح السؤال وكذلك الإجابة، ناهيك عن المعرفة، حقاً للإنسان، لا يستطيع كائناً من كان أن يسلبه إياه. غير أن كثيراً من المسؤولين في بلادنا مازالوا - للأسف - يعتقدون أن (التطنيش) هو أفضل الطرق لمواجهة الإعلام الجديد، والأسئلة التي يطرحها المواطنون؛ وهم بذلك يعتقدون أن (الصمت) هو الحل، بينما أن الصمت والتطنيش واللامبالاة هي في هذا الزمن، وحسب معطياته، مرض بيروقراطي، من يصيبه يجب أن يتلمس أسباب علاجه قبل أن يفتك به.

لا حل إلا بالتواصل بين المسؤول والمواطن، ولا حل إلا بمواجهة الأسئلة، ولا حل إلا بالرضوخ لمعطيات الزمان والمكان. هذه حقائق أعرف أنها بالنسبة للبعض (مرة)؛ غير أن مواجهة الحقائق - كما يقولون - هي في بعض الأحيان مرة أيضاً.

في جريدة عكاظ زاوية رائعة عنوانها (سؤال لا يهدأ). هذه الزاوية تطرح سؤالاً يراه المحرر المسؤول جديراً بالطرح. وبمجرد طرحه يظل باقياً في الزاوية ذاتها حتى يجيب عليه المسؤول المعني بالسؤال، والذي من المفترض أن يتصدى للإجابة. طرحت هذه الزاوية سؤالاً على محافظ مؤسسة النقد مفاده: (يشهد العالم أزمات مالية متلاحقة، فهل أجريتم اختبارا لفحص الجهد في متانة المصارف السعودية وقدرتها على احتواء الأزمات المالية، وبالتالي تأكيد ثقة الأسواق في قطاع المصارف، وإذا كان الرد إيجابياً فما هي النتائج؟، وإذا كان العكس فما هي معوقات إجراء مثل هذا الاختبار المتعارف عليه دولياً؟).

غير أن السؤال منذ أكثر من شهرين مازال يبحث عن إجابة ؛ وليس هناك ما يشير إلى أن (المسؤول) المعني سيجيب عليه؛ أي أنه وجد أن (التطنيش) أفضل السبل لمواجهة هذا السؤال.

أن يطنش (معاليه) السؤال، ولا يكترث بالإجابة عليه، فإن الأمر يحتمل احتمالين: إما أن الإجابة على السؤال ليس من اختصاصه، أو أنه يعتقد أن الإجابة على أسئلة المواطنين ليس لها أي قيمة في قواميسه. الاحتمال الأول لا محل له؛ لأن التأكد من قدرة البنوك والمصارف في المملكة على مواجهة المتغيرات والأزمات المالية العالمية، هي من صلب مهام البنوك المركزية، وعندما يتهرب المسؤول عن إجابة مثل هذا السؤال فإن هناك احتمال، ولو كان بعيداً، أن ثمة ما يجب إخفاؤه على المواطن؛ وهنا تصبح القضية أدهى وأمر.

وكما قلت في مقال سابق إن من يعتقد أن (السرية) والصمت، وفي المحصلة (التطنيش)، هي خير من الإجابة فليس له علاقة بالعصر الذي نعيش فيه؛ حيث لم يعد بإمكان المسؤول أن يتعالى على الأسئلة.

إلى اللقاء.

 

شيء من
قضايا المواطن وتطنيش المسؤول
محمد بن عبداللطيف آل الشيخ

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

حفظ  

 
 
 
للاتصال بنا الأرشيف جوال الجزيرة الإشتراكات الإعلانات مؤسسة الجزيرة