Saturday  15/01/2011/2011 Issue 13988

السبت 11 صفر 1432  العدد  13988

  
   

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

متابعة

 

الذكرى العطرة لشيخنا عبد الرحمن بن سحمان في الدلم ( 1392هـ - 1399هـ )

رجوع

 

في يوم الاثنين الموافق 11-10-1431هـ جاءت رسائل الجوال حاملة نبأ وفاة فضيلة الشيخ الفقيه الحافظ الزاهد عبد الرحمن بن عبد العزيز بن سحمان - عليه رحمة الله -، ومعلنة خبر الصلاة عليه عصر الثلاثاء 12-10-1431هـ بجامع الأمير عبد الله بن محمد بعتيقة، وتوافد محبوه للصلاة عليه، وتشييع جنازته، وقد أمّ المصلين عليه سماحة المفتي العام الشيح عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ - حفظه الله - ودفن في مقبرة العود.

والشيخ - رحمه الله - من مواليد الأفلاج سنة 1341 هـ، وقد بدأ دراسته على والده سنة 1347 هـ، إذ كان والده - رحمه الله - هو معلم القرآن، فحفظ القرآن على يد والده قبل البلوغ, ولازم علماء الأفلاج.

وفي سنة 1355هـ سافر إلى الرياض والتحق بمجالس العلم في مسجد الشيخ محمد بن عبد اللطيف آل الشيخ بحي دخنة، ومن شيوخه - رحمهم الله:

- مفتي الديار السعودية في وقته الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ.

- الشيخ عبد اللطيف بن إبراهيم آل الشيخ.

- الشيخ محمد بن عبد اللطيف آل الشيخ.

- الشيخ عبد الرحمن بن عبد اللطيف آل الشيخ.

- الشيخ صالح بن عبد العزيز آل الشيخ.

- الشيخ عبد العزيز بن حمد بن عتيق.

- الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز.

- الشيخ عبد الله بن محمد بن حميد.

- الشيخ سعود بن محمد بن رشود.

- الشيخ عبد الرحمن بن محمد القاسم.

وفي سنة 1371 هـ افتتح المعهد العلمي في الرياض، فالتحق به، وكان ضمن طلبة العلم المختارين للدراسة فيه، وحصل على شهادته عام 1372 هـ، ثم انتقل إلى كلية الشريعة بالرياض وتخرج فيها مع أول دفعة عام 1376 هـ.

وفي العام نفسه رشح للقضاء بمحكمة الرياض الكبرى بعد أن كان ملازماً بها لمدة ثلاثة أشهر.

وفي سنة 1379هـ كلف بالقضاء في محكمة الأفلاج وأمضى فيها ثلاث عشرة سنة.

وفي سنة 1392هـ انتقل إلى محكمة الدلم وعمل بها سبع سنوات.

وفي سنة 1399هـ عين قاضياً بمحكمة التمييز بالرياض.

وفي سنة 1411هـ أحيل على التقاعد، وهو نائب لرئيس المحكمة.

وقد جمع وكتب بقلمه مسائل عديدة، وفوائد جليلة، منها:

- هداية الطريق من رسائل آل عتيق قدم لهذه الرسائل وترجم لمؤلفيها، وطبعه عام 1374هـ.

- تذكرة النفس والإخوان بما ينبغي التنبيه له في كل زمان، وطبع الطبعة الأولى منه عام 1389هـ، والثانية عام 1409هـ.

- كما قام بإكمال نظم الشيخ سعد بن حمد بن عتيق لزاد المستقنع المسمى (نيل المراد بنظم متن الزاد) وقد أتمه بـ(2670) بيتاً، وطبعه عام 1402هـ.

- المعارف السنية من كتب شمس الدين ابن القيم الجوزية، وقد طبع عام 1404هـ.

- تحفة المقتصدين من مدارج السالكين، وطبع عام 1407هـ.

- سبيل النجاة في باب الأسماء الصفات، وطبع عام 1407هـ.

- المحفوظات السامية من الكافية الشافية. وطبع عام 1407هـ.

والشيخ - رحمه الله - شاعر، قال الشعر في مناسبات عديدة وأكثره في المناسبات الخاصة، وله ديوان شعر نتمنى أن يطبع قريباً. وأول قصيدة قالها كانت في رثاء العلامة مفتي الديار السعودية الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ في اليوم الرابع والعشرين من شهر رمضان عام 1389هـ، وآخر قصيدة قالها كانت في رثاء الشيخ حمد بن سعد آل عتيق.

وهذه المعلومات السابقة، وبقية من أخباره موثقة في موقع «مزامير آل داود».

ولقد عرفت الشيخ عندما تولى القضاء في الدلم، وكنت حينها طالباً في المرحلة الثانوية، وقد كانت نفسي شغوفة بهذا القاضي الجديد الذي جاء نبأ تعيينه، ولمّا نره، وما ذاك لأمرين: أولهما أنني من جماعة الجامع الكبير في الدلم الذي يؤمه من يعين رئيساً لمحكمة الدلم، وثانيهما أن والدي - رحمه الله - ينوب عن القاضيين السابقين له في إمامة الفروض الخمسة في هذا الجامع، وهما فضيلة الشيخ محمد بن ردن البداح - حفظه الله - وفضيلة الشيخ علي بن سليمان الرومي - رحمه الله-. جاء الشيخ للدلم، وأول رؤيتي له عندما دخل المسجد، وأمّ المصلين، بصوت نديّ هادئ، وكان ذلك في قصر الإمارة الذي اتخذ مصلى عندما هُدم الجامع القديم، وأعيد بناؤه على الطراز الحديث، وقام الناس بعد الصلاة يسلمون عليه، ويقبلون رأسه، وأراه يمانع - تواضعاً منه -، فارتسمت في ذهني شخصية الشيخ (التواضع، الهدوء، حب الناس) ومع الأيام تعرفنا على ما بقي من ملامح شخصيته، فقد كان عطوفاً رحيماً، هادئاً حليماً، سمحاً بشوشاً، كريماً مضيافاً، فضيوفه كثير، وبابه مفتوح.

الشيخ - رحمه الله - حافظ للقرآن، وقد كان آخر ما فقده، فقد سأله شيخنا الشيخ عبد الرحمن الجلال - متعه الله بالصحة والعافية - في إحدى زياراتنا له في الرياض بعد أن شكى النسيان، سأله عن القرآن، فقال: هذا هو الذي لم أنسه، والحمد لله. والشيخ ورجل قرآني في أخلاقه، وتعامله، حبيبٌ للناس، ومحب لهم، يُقدِّر الصغير والكبير، ويأنس به كل من عرفه. سليم الصدر، سمح في تعامله، وعلاقته بالناس، عزيز النفس، زاهد في الدنيا.

قضى سنواته السبع في الدلم، فأحبه أهل الدلم وأحبهم، وبنى له بيوتاً بقي يتردد عليها بعد ترقيته قاضياً في التمييز، وكان يقضي إجازته الأسبوعية في الدلم، وكان له درس في منزله بعد عصر كل جمعة، يحضره المشايخ، وطلبة العلم.

وبعد أن تعب الشيخ، ولزم الرياض تواصل معه محبوه من أهل الدلم، وأقلهم به صلة من يزوره في العيدين، وكنت من أولئك المقلين، ومع ذلك فإذا زرناه فرح، ورحب، وأكرم، وسأل عن الصغير والكبير، وقد كان لأهل الدلم مكانة في قلبه لاسيما المشايخ وطلبة العلم.

زرته يوماً بعد أن تعب، ولزم الفراش، وضعفت ذاكرته، واعتذر أهله لي بأنه لا يعرف من يزوره، ولا يتذكره، فقلت لهم: رغبتي في أن أسلم على الشيخ، وأقبل رأسه، وأخرج حتى لو لم يعرفني، فأذنوا لي بالدخول، وأدخلني عليه أحد أبنائه، فسلمتُ عليه، وقلت له: أنا فلان، فقال: أهلاً، ومرحباً، حياك الله، كيف الشيخ عبد الرحمن الجلال؟ فقلت له: بخير، فقال: الحمد لله، سلمني عليه. فذهل ابنه، وقال: إنه والله لا يعرفنا، ومعرفته لك، وحديثه لك مفاجأة كبرى لنا.

رحم الله شيخنا، وأسكنه فسيح جناته، وجبر مصاب أهله، وأولاده، ولهم عزائي جميعاً، وإنني واحدٌ منهم أعزى فيه، فهو شيخنا وحبيبنا - عليه رحمة الله-.

د. عبد الرحمن بن ناصر الداغري - كلية اللغة العربية - جامعة الإمام

dr.aldaghri@gmail.com
 

رجوع

طباعةحفظ 

 
 
 
للاتصال بناجريدتيالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة