Thursday  27/01/2011/2011 Issue 14000

الخميس 23 صفر 1432  العدد  14000

  
   

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

متابعة

 

«العلاقات الأمريكية الصينية».. في رسالة ماجستير للزميل فهد الديدب
السياسة الخارجية الصينية تسعى للتحول إلى قطب ثان في النظام الدولي الجديد بعد أمريكا

رجوع

 

الجزيرة - الرياض :

تقوم الدراسة بالبحث التاريخي للعلاقات الأمريكية-الصينية، كما ركزت على دراسة تلك العلاقات خلال العقود التي امتدت منذ 1989 وحتى عام 2010م، وبحثت الدراسة في القضايا الأساسية التي شكلت محور هذه العلاقات من خلال الحديث عن المصالح والخلافات بين كلا الطرفين فيما يتعلق بتلك القضايا. ويمكن تلخيص الدراسة على النحو الآتي:

يعتبر المؤرخون أن عام 1868م كان بداية عهد التقارب الأمريكي-الصيني، وذلك بعد إبرام كلا البلدين لمعاهدة بيرلنجيم، وبعد إنشاء جمهورية الصين الشعبية بقيادة ماوتسي تونغ في 21 أيلول من عام 1949م، رأت الولايات المتحدة أنه من مصلحتها إقامة علاقات إيجابية مع الصين بغية مواجهة الخطر السوفييتي الذي كان يهددها آنذاك. وخاصة بعد أن شهدت الحقبة الجديدة من حكم الصينيين الشيوعيين قمة التعاون بين الاتحاد السوفيتي والصين، والذي امتد حتى عشر سنوات، قدم خلالها الاتحاد السوفيتي مساعدات اقتصادية وفنية هائلة شكّلت العمود الفقري للتطور الاقتصادي والعسكري الصيني، لذا رأت الولايات المتحدة في الخلاف الذي حصل بين الصين والاتحاد السوفييتي فرصة سانحة من أجل استمالة الصين إلى جانبها. وبدأت الزيارات المتبادلة بين الجانبين الأمريكي-الصيني والزيارة التاريخية للرئيس الأمريكي نيكسون للصين في عام 1972م. والتي أثمرت عن الاتفاق على المصلحة المشتركة لكلا البلدين في مواجهة الخطر السوفييتي.

ثم عادت تلك العلاقات إلى الانفراج في عام 1982م، وذلك بعد التراجع الذي أصاب تلك العلاقة بسبب بيع الولايات المتحدة أسلحة لتايوان تلك الجزيرة التي تشكل خنجر الخلاف في خاصرة العلاقات الأمريكية الصينية.

سجل عام 1989م، تراجعاً حاداً في العلاقات الاقتصادية والتجارية بين الولايات المتحدة الأمريكية والصين، وذلك إثر العقوبات التي أعلنها الرئيس الأمريكي بوش في العشرين من حزيران، بسبب أحداث الطلبة.

ثم عادت الصين لتحتل أولوية بارزة في السياسة الخارجية الأمريكية، وذلك بعد انتخاب الرئيس الأمريكي بوش الابن لفترة رئاسية ثانية. وجرى التركيز حينها على ضرورة البحث في الملفات العالقة التي تمنع من وصول كل من الدولتين إلى مستوى الشراكة الاقتصادية الكاملة، ومن تلك الخلافات:

- اتهام الولايات المتحدة للصين بأنها سبب البطالة في الولايات المتحدة، وبخاصة بطالة عمال النسيج، وبأنها سبب الأزمة الاقتصادية التي تعاني منها أمريكا والغرب عموماً.

- الاتهام الأمريكي للصين بأنها تتعمد الإبقاء على قيمة عملتها (اليوان) دون مستواها الحقيقي مقارنة بالدولار الأمريكي.

- زيادة الصين لإنفاقها العسكري إلى نحو (90) مليار دولار، أي حوالي ضعف الرقم الذي تعلنه بكين.

- الاتهامات الأمريكية الموجهة للصين حول تقصيرها في المساعدة على فرض إرادة الولايات المتحدة الأمريكية على كوريا الشمالية فيما يخص برنامجها النووي.

ويمكن القول أن علاقة الصين بالولايات المتحدة على قدر كبير من الأهمية بالنمو الاقتصادي في الصين على اعتبار أن السوق الأمريكية من أكبر الأسواق للصادرات الصينية، وبالمقابل فإن السوق الصينية المتنامية محل اهتمام الشركات الأمريكية، كما أن تنامي السوق الصينية يوفر للولايات المتحدة كل سنة آلاف فرص العمل.

أما عقد التسعينات، فقد شهدت العلاقات الأمريكية-الصينية خلاله صعوبات دائمة، فقد غلبت سمة التناقض كظاهرة غير مسبوقة في تاريخ العلاقات الدولية على هذه العلاقة، فمن ناحية تعاظم نطاق التبادلات في المجال التجاري والمجالات الأخرى، وزاد إجمالي التجارة الثنائية أكثر من أربع مرات منذ عام 1990، وبحسب الإحصاءات الأمريكية التي تفيد أن الولايات المتحدة ليست أكبر مستثمر في الصين فحسب، بل أكبر شريك تجاري لها، كما يتفوق التعاون والتبادلات الأمريكية مع الصين على أي دولة أخرى في المجالات؛ العلمية، التكنولوجية، التعليمية، المؤسسات القانونية وكافة المجالات الأخرى، وتعكس أرقام حجم الصادرات تعاظم سرعة التبادلات الثنائية بين البلدين.

وفي عام 1999م احتلت الولايات المتحدة الصدارة في قائمة الدول المصدرة, وتعتبر الولايات المتحدة الأمريكية ثاني أو ثالث أكبر شريك تجاري للصين، وكذلك فإن الصين كانت تمثل أكبر سوق-أو ثالث أكبر الأسواق، وباعتبار الصين قوة نووية وقوة إقليمية كبرى فهي تكتسب أهمية في المجال الأمني في شرق وجنوب شرق آسيا بالنسبة للولايات المتحدة، وعلى أساس تلك الحقائق الاقتصادية والأمنية تحاول الولايات المتحدة الحصول على تنازلات من الصين من الناحية الاقتصادية بفتح أسواقها أمام المزيد من السلع والخدمات الأمريكية وذلك بإعاقة انضمامها لمنظمة التجارة العالمية (WTO) في عقد التسعينيات، ومن الناحية الإستراتيجية الأمنية حاولت الولايات المتحدة الحصول على تعهد من الصين بالحد من انتشار تكنولوجيا الصواريخ الصينية وانتشار التكنولوجيا النووية مقابل عدم وضع العراقيل أمام صادراتها للسوق الأمريكية، وغالبا ما يتم تغليب المصالح الاقتصادية المتبادلة على الخلافات القائمة فيما بينهم، حتى أنها تنتهي بتسوية جزئية بين الطرفين للحفاظ على المصالح الاقتصادية المتبادلة لكل منهما. ويمكن القول بأن العلاقات التجارية شهدت تطوراً مضطرداً منذ تأسيس العلاقة الدبلوماسية بين والولايات المتحدة الأمريكية والصين، حيث تعاظم حجم التجارة البينية في عام 2000م، كما زادت الاستثمارات الأمريكية في الصين، وتعتبر الولايات المتحدة أكبر شريك تجاري للصين، كما أصبحت الأخيرة رابع أكبر شريك تجاري للولايات المتحدة. إن الرؤية التي تنظر بها كل من الولايات المتحدة والصين تجاه بعضهما البعض، تؤكد بأن كل منهما يعتبر شريكاً اقتصادياً مهماً للآخر، إلا أن هذه الرؤية تعتبر أكثر أهمية لدى الطرف الصيني، مع عدم إهمال القوى الأخرى، ويرجع السبب في ذلك الأمر إلى: حاجة الصين إلى التكنولوجيا ورأس المال الأمريكي. واستيعاب السوق الأمريكي لمجمل الصادرات الصينية، إذ تتجه نسبة كبيرة من هذه الصادرات إلى الأسواق الأمريكية. أما على المستوى الأمني، فإن الموقف العسكري الأمريكي يعتبر إلى حد ما إيجابياً تجاه تطوير التعاون الأمني الأمريكي-الصيني في منتصف التسعينيات. إلا أن الولايات المتحدة لم تخف تخوفها من أن الصين سوف تكون التهديد الرئيس الكامن للولايات المتحدة. إلا أنه وبعد الزيارة الرسمية للرئيس الأمريكي السابق بيل كلينتون إلى الصين عام 1998م، والتي أدت إلى المزيد من التعاون الأمني والعسكري بين البلدين. إلا أنه ما من شك بأن العلاقة الأمريكية-الصينية تتسم بالتنافس، كما أن هناك تخوفاً من أن يؤدي هذا التنافس إلى صدام مسلح بين الولايات المتحدة والصين. لذا فإن الولايات المتحدة تعتمد سياسة إظهار قدرتها الإستراتيجية الكاملة من خلال علاقات التحالف مع بعض دول آسيا والمحيط الهادئ، وكذلك تبوأ المواقع الأمامية العسكرية، وسوف يحد ذلك من الخطر العسكري الصيني، وكذلك تعزيز التحالفات العسكرية مع بعض الدول، والتأكيد على تواجدها العسكري في منطقة آسيا والمحيط الهادئ، الأمر الذي جعل الصين تشعر بالقلق العميق، وترك تأثيرات سلبية على العلاقات الأمنية بين البلدين.وعلى المستوى العسكري، يُعد مستوى التقدم التقني للقوات المسلحة الصينية متخلفاً عن مستوى القوات المسلحة الأمريكية بما يُعادل 40 عاماً، وإذا ما استطاعت القوات المسلحة الصينية أن تنجز 30 عاماً من التطور التقني حتى عام 2010م، فسيكون مستواها في ذلك الوقت مساوياً لمستوى القوات المسلحة الأمريكية في حقبة الثمانينيات.

إلا أن المخاوف الأمريكية من تنامي القدرات النووية الصينية، وذلك للقدرة التي تتمتع بها الصين في ممارسة الردعين التقليدي والنووي ضمن محيطها الإقليمي. وكذلك يتمثل التخوف الأمريكي من استمرار الصين في تحديث قدراتها العسكرية بهذا الشكل السريع، إذ إنها ستصبح الدولة الوحيدة القادرة على تحدي الولايات المتحدة الأمريكية في شرق آسيا، وسيكون للولايات المتحدة فقط الدور الرئيس في مواجهة القدرة الصينية الإقليمية.

ويمكن تلخيص أهم نقاط الخلاف الأمني والعسكري الأمريكي-الصيني بعدة نقاط، وهي:

- زيادة مستوى الإنفاق العسكري لدى الصين.

- الدرع الصاروخي الأمريكي، والتخوف الصيني من حقيقة أهداف الولايات المتحدة من إنشائه. إذ تعتقد الصين بأنه يشكل خطراً عليها وخاصة ضمن محيطها الآسيوي.

وقد تميزت العلاقات الصينية الأمريكية في حقبة التسعينات في مجملها بالتوتر وعدم الثقة وسيطر عليها عاملان هما: القلق والانتقاد الصيني للتقارب الأمريكي التايواني والتخوف الأمريكي من تصاعد النفوذ الاقتصادي الصيني.

وقد كان للعديد من القضايا والأحداث الدولية أثر في العلاقات الأمريكية الصينية، منها:

قضية تايوان

القضية التايوانية كانت ولا تزال إحدى أهم القضايا التي تؤرق العلاقات الأمريكية-الصينية، ويمكن اعتبارها كذلك ورقة ضغط أمريكية على الصين لا تختلف كثيراً عن قضايا حقوق الإنسان، والتي تحاول الولايات المتحدة إبرازها من حين لآخر من أجل تحقيق مصالحها. مخالفة بذلك الموقف الصيني الذي يعتبر تايوان جزءاً لا يتجزأ من الأمة الصينية، وأن ما تقوم به الولايات المتحدة من دعم عسكري لتايوان يعتبر تدخلاً في شأن سيادي صيني، وأنه محاولة لتشجيع النزعة الانفصالية لهذه الجزيرة، وهذا ما تدركه الولايات المتحدة تماماً.

* الملف النووي الكوري الشمالي والإيراني:

ترى الولايات المتحدة أن هناك خطراً يواجهها من خلال سعي كل من كوريا الشمالية وإيران لامتلاك السلاح النووي، وترى كذلك بأن الصين لاعب أساسي لا يمكن الاستغناء عنه في الملف النووي لكل من تلك الدولتين، والتي تعتبرهما أمريكا «محور الشر»، إلا أن الولايات المتحدة وعلى الرغم من حاجتها للصين من أجل مساعدتها في التوصل اتفاق مع كل منهما من أجل إقناع كوريا وإيران بالتخلي عن سعيهما لامتلاك السلاح النووي، إلا أن الولايات المتحدة لم تتوان في توجيه الاتهام للصين بأنها توفر الحماية لكوريا الشمالية بسبب عدم تأييدها لمواقف الولايات المتحدة في مجلس الأمن، وكذلك موقفها المشابه بالنسبة لإيران حيث تشدد الصين على انتهاج الدبلوماسية بدلاً من التهديد العسكري الذي تنتهجه الولايات المتحدة.

حقوق الإنسان

يعتبر هذا الملف ذا تأثير كبير في طبيعة العلاقات بين الولايات المتحدة والصين، ولا يمكن إغفاله في صياغة العلاقات الأمريكية-الصينية، إذ يمكن القول بأنه كان من أكثر الملفات تأثيراً في تلك العلاقات.

إذ ترى الصين بأن مسألة حقوق الإنسان شأن داخلي، وبأن الولايات المتحدة تدخل بأمر لا يعنيها، وأن ذلك مساس بالسيادة الصينية. إضافة إلى استنكارها -أي الصين- للاتهامات الأمريكية بشأن السياسة الصينية بهذا الشأن، وأنها محاولات أمريكية لتقويض وحدتها الداخلية، وتوظيف أمريكي مفرط يهدف إلى المساومة حول قضايا مختلفة. وكثيراً ما كان ملف حقوق الإنسان ذا تأثير كبير في العلاقات الأمريكية، إلا أنه في عام 1994 قرر الرئيس الأمريكي السابق كارتر الفصل نهائياً بين ملف حقوق الإنسان وقضايا التجارة مع الصين. وقد ظهر هذا الملف من خلال العديد من القضايا، منها أحداث ميدان السلام (ميدان تياينانمن أو ميدان السماوي)، والتي عكرت صفو العلاقات الأمريكية-الصينية، وكاد أن يودي بها إلى حد القطيعة. ثم قضية التبت التي تشابه إلى حد كبير قضية تايوان، إذ تعتبرها الصين أرضاً صينية، ولا مجال للمساومة عليها. ويبدو الموقف الأمريكي مشابهاً كثيراً لموقفها من تايوان.

أمن الطاقة

يُعرّف أمن الطاقة بصورة عامة بأنه «توافر الطاقة في كل حين بصورها المختلفة وبكميات كافية وبأسعار رخيصة»، وتسعى الولايات المتحدة إلى تبرير أهدافها من خلال التدخل في الكثير من الدول في العالم إما منفردة وإما من خلال حلف شمال الأطلسي من أجل توفير الطاقة، ولذلك كان من الطبيعي أن تشعر الصين بالخطر لتوسيع مفهوم أمن الطاقة. وإقرار تشريعات ضمن حلف الأطلسي يمكنها من تبرير العدوان على الصين وروسيا وعلى أي بلد آخر منتج للطاقة كإيران وتركمانستان وليبيا وفنزويلا، بغية الاستيلاء على مصادره الطبيعية للطاقة. لذا، فإن الصين وروسيا وغيرهم أن مشروع الدفاع الصاروخي الشامل للولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي بمثابة وسيلة تسمح، من خلال التهديد باللجوء إلى القوة، بالاستيلاء على مصادر الطاقة العالمية.

الأمن النووي

ويقصد به توفير الحماية للدول من أي أعمال إرهابية قد تقع على منشآتها النووي، وكذلك منع وصول المواد والأجهزة التي قد تستعمل في صنع السلاح النووي إلى أفراد أو جماعات أو دول قد تشكل خطراً على الأمن العالمي. وكذلك الحد من انتشار الأسلحة النووية.

وقد ظهر في الولايات المتحدة من خلال مفهوم الأمن النووي المبدأ النووي الأمريكي الجديد، والذي يتيح للولايات المتحدة استخدام الأسلحة النووية التكتيكية في حروبها مع عدو يتفوق عليها. وذهبت بعض القيادات الأمريكية إلى تأييد استخدام القوة النووية كإجراء وقائي ضد الصين وروسيا.

وبذلك تتضح أسباب المخاوف الصينية من هذا المبدأ، ومما زاد من تلك المخاوف ما سُمي بمشروع الدرع الصاروخي الأمريكي وانتشارها في بعض الدول الحليفة للولايات المتحدة. الأمر الذي جعل الصين تعارضه بشدة. إلا أنه نشأت بعض الصفقات تسمح للصين بتطوير أسلحتها النووية مقابل عدم معارضتها للدرع الصاروخي الأمريكي.

(قراءة في محصلة العلاقات الأمريكية-الصينية في عهد الرئيس أوباما)

تم التركيز على التحول في مجريات العلاقات الأمريكية-الصينية، وكذلك تمت الإشارة إلى زيارة الرئيس الحالي باراك أوباما إلى الصين، وقد غلب الطابع الاقتصادي والتجاري والبحث في سبل علاج الأزمة المالية العالمية على تلك الزيارة. كما تم البحث في سعر العملة الصينية (اليوان)، وتميزت تلك الزيارة بإغفالها الواضح لقضايا حقوق الإنسان التي كانت الولايات المتحدة كثيراً ما تثيرها في السابق، مثل الأحداث الدامية التي جرت في إقليم تشنيج يانج ذي الأقلية المسلمة، ولم يتم التطرق إلى التبت. كما أن الرئيس أوباما رفض عقد لقاء مع الناشطين السياسيين الصينيين خلال زيارته. كما تم تجاهل طرح القضايا المعتادة مثل الملف النووي لكوريا الشمالية وإيران، وكذلك مسألة الاحتباس الحراري.

كما تم على هامش تلك الزيارة عقد الحوارين الإستراتيجي والاقتصادي بين الصين والولايات المتحدة، وهي عبارة عن لقاءات تتم بين كلا البلدين لمناقشة العديد من القضايا التي تهم كل منهما، ويركز المسار الإستراتيجي في هذه الحوارات على قضايا أمن الطاقة وتغير المناخ وحفظ السلام الدولي ومكافحة الإرهاب في الوقت الذي يناقش فيه المسار الاقتصادي موضوعات تتضمن انتعاش الاقتصاد العالمي والتجارة والاستثمار والاستقرار وإصلاح الأسواق المالية وإصلاح النظام المالي الدولي.

أهم القضايا الخلافية في العلاقات الأمريكية-الصينية

- اختلاف الرؤى للمبادئ الأساسية الحاكمة للعلاقات الدولية والنظام الدولي: تعارض الصين الاتجاهات المنفردة للسيطرة على النظام الدولي «القطبية الآحادية» والتي تمثلها الولايات المتحدة باعتبارها القوة العظمى في النظام الدولي، وتدعو الصين إلى «مبدأ التعددية والمشاركة» في التفاعلات السياسية الدولية بدلاً من الانفراد والاحتكار من قبل دولة واحدة.

- قضايا اقتصادية وتجارية عالقة في العلاقات الأمريكية-الصينية، ومنها:

- معركة حقوق الملكية الفكرية: والتي تضمنت اتهامات الولايات المتحدة المتكررة للصين بانتهاك حقوق الملكية الفكرية وهو ما أسمته (القرصنة الاقتصادية) من خلال خرق حقوق براءات الاختراع وتزوير العلامات التجارية، من نسخ وإعادة طبع شرائط الأفلام السينمائية والموسيقية والكتب دون الحصول على إذن مسبق، ودفع مستحقات المنتجين الأمريكيين، وهو ما يكلف الولايات المتحدة خسائر بالمليارات. وبالتالي فرضت الولايات المتحدة ضريبة على وارداتها من الصين كإجراء عقابي.

- الاتهامات الأمريكية للصين بأنها سبب البطالة فيها، وبخاصة بطالة عمال النسيج والملابس بسبب انخفاض أسعار الصادرات الصينية من المنسوجات إلى الولايات المتحدة وأوروبا الغربية، وتشمل قائمة الاتهامات الأمريكية للصين أنها تهدد الغرب عموماً بأزمة اقتصادية حادة، ونتيجة لذلك، فقد ازدادت الضغوط الأمريكية على بكين لرفع قيمة عملتها أمام الدولار، وأمام هذه الضغوطات أقدمت الصين في شهر تموز من عام 2005م على رفع قيمة اليوان بزيادة طفيفة.

- اتهام الولايات المتحدة الصين بأنها تنتج وتصدر منتجات غير آمنة تضر بالصحة العامة، وتهدد حياة البشر، وبأنها تغرق الأسواق بالمنتجات الرخيصة، مما يؤدي إلى تشويه التجارة.

- اتهام الولايات المتحدة الصين بأنها تعمل مع الدول النامية ذات الأنظمة الدكتاتورية، وخاصة دول إفريقيا وتنهب مواردهم الطبيعية.

أسس ومرتكزات العلاقات الأمريكية الصينية

- من الجانب الأمريكي: تقوم مرتكزات السياسية الأمريكية الحالية تجاه الصين على ثلاث مدارس:

- مدرسة اندماج، أي دفع الصين إلى الاندماج التدريجي في المجتمع الدولي.

- مدرسة الاحتواء، وترى ضرورة احتواء النظام الصيني كونه غير مؤهل لتعلم «قواعد النظام الدولي المعاصر»، وأنه يسعى إلى تقويض استقرار شرق آسيا والتحول إلى قوة إقليمية مهيمنة. وأن التحولات السلمية في السياسة الصينية تحولات تكتيكية وليست إستراتيجية.

- المدرسة الثالثة: مدرسة الحل الوسط، وتستند إلى الأخذ ببعض ما جاء في كلتا المدرستين السابقتين، وحيث إن السياسة الأمريكية تقوم على دفع التوجه الانفتاحي في الاقتصاد العالمي وتحديد قواعد معينة لعمل النظام الدولي، فإن عليها أن تشجع الصين على الالتزام بذلك، ويجب إعطاء الصين أهمية من خلال بعض الاعتراف بأهمية الصين ومشاركتها في القضايا الإقليمية والدولية.

الملاحظ أنه من أهم مرتكزات السياسة الخارجية الصينية تجاه الولايات المتحدة، هو عدم المواجهة معها. فقد تبنت الصين سياسة التركيز على الصعود السلمي عن طريق المحافظة على نموها الاقتصادي، وأهملت -إلى حد كبير- في سياستها الخارجية من لعب أي دور فاعل ومؤثر على الساحة الدولية في القضايا الدولية باستثناء قضية تايوان. وربما كان ذلك يعود لقناعة القيادة الصينية بأن أي مواجهة، خاصة مع واشنطن، سوف تؤدي إلى تعطيل عملية التنمية الاقتصادية والاجتماعية. كما أنها تعتبر أن الولايات المتحدة هي حجر الأساس لتحقيق نموها الاقتصادي.

وعلى صعيد المشاركة الاقتصادية بين الولايات المتحدة والصين، وصل كل من اقتصاد الدولتين إلى حد يجعل انفكاك كل منهما عن الآخر لأي سبب وتحت أي ظرف أمراً شديد الصعوبة وباهظ التكاليف.

- تتأثر العلاقات الأمريكية-الصينية بتغيّر الإدارات الأمريكية، دون أن تتأثر بتغيّر القيادات الصينية.

- تأثير العوامل الداخلية على العلاقات الأمريكية-الصينية، مثل الإعلام، والكونجرس الأمريكي، وجماعات حقوق الإنسان، كلها تلعب دوراً في الضغط على الإدارات الأمريكية لدفعها لاتباع سياسات متشددة تجاه الصين، ويتكرر هذا المشهد داخل الصين، فما يشهده المجتمع الصيني من تحولات جعل سياسة الصين الخارجية أقل اعتماداً على الاعتبارات الأيديولوجية، وأكثر اعتماداً على اعتبارات المصلحة، لذلك تؤثر القوى الاقتصادية بداخلها على سياسة الصين تجاه الولايات المتحدة.

مستقبل العلاقات الصينية-الأمريكية والسيناريوهات المحتملة

لاشك في أن الصين تعتبر قوة عظمى ولها تأثير واضح في تحقيق توازن النظام الدولي، وبما يضمن أمنها القومي ومصالحها الإستراتيجية العليا.

ومن الجدير بالذكر أن هذه القوة العظمى تستند على العامل الاقتصادي بالدرجة الأساس، فقد استمر تقدم الاقتصاد الصيني منذ عام 1978م. ليحتل المركز السادس عالميا، دون احتساب اقتصاد هونغ كونغ. واستمرت الصين بتطوير قوتها العسكرية بالاستفادة من إمكانياتها الاقتصادية وتطورها العلمي والتكنولوجي، إلى الدرجة التي أصبحت فيها ثالث دولة بعد الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي السابق ترسل روادا إلى الفضاء عام 2003م وتطلق بانتظام أقمارا صناعية للأبحاث في إطار برنامج فضائي طموح. فقد استمر تصاعد إنفاقها العسكري المعلن لتحتل المرتبة الأولى في آسيا.

وأدركت الصين أن استمرار عدم التوازن العسكري بين أقطاب النظام الدولي، وزيادة الاعتماد على القوة العسكرية قد يؤدي إلى التأثير على المصالح الإستراتيجية والاقتصادية.

وفي علاقاتها الخارجية تسترشد الصين بمبادئ التعايش السلمي الخمسة المتمثلة في الاحترام المتبادل لأراضي وسيادة الدول الأخرى، والامتناع المتبادل عن العدوان، وعدم التدخل المتبادل في الشؤون الداخلية للدول، وإقامة علاقات متكافئة مع الدول الأخرى على أسس المساواة والمنفعة المتبادلة لخدمة مصالح الطرفين، والتعايش السلمي.

وقد استمرت الصين برفض الأحادية القطبية الذي ساد بزعامة الولايات المتحدة الأمريكية بعد تفكيك الاتحاد السوفيتي والمتغيرات الدولية اللاحقة له، خاصة وأن هذا القطب قام بتحدي الأمن القومي الصيني على الأقل من خلال احتلاله لكل من العراق وأفغانستان.

وفيما يتعلق بتوازن النظام الدولي فإن الصين تدرك اختلاله لصالح الولايات المتحدة الأمريكية، وإضافة إلى ذلك فإن اقتصاد الولايات المتحدة يعادل ضعف حجم اقتصاد الصين، وإذا ما حقق نمواً بمعدل 2% سنوياً، وحقق اقتصاد الصين نمواً بمعدل 6% سنوياً فقد يتساوى اقتصاد البلدين في وقت ما بعد عام 2025م، وعلى الرغم من أن الصين تعتبر أكبر ثالث شريك تجاري، وثاني أهم مصدر للواردات الأمريكية، إلا أن السلطات الصينية تعتبر ثاني أكبر دائن رسمي للولايات المتحدة، ويوجد على الأراضي الصينية مئات المليارات من الأصول المالية الأمريكية. وفي المقابل تعتبر الولايات المتحدة أهم شريك تجاري ثنائي للصين ومصدرا مهما للاستثمار وتصدير التكنولوجيات، ونتيجة لاختلاف الإيديولوجيات والمصالح والأهداف بين الصين والولايات المتحدة، فإن كل منهما يعد الآخر مصدر تهديد لأمنه القومي.

وفي جانب آخر وبهدف إعاقة تقدم الصين، ستقوم الولايات المتحدة بمنافسة وإعاقة مساعي الصين في تأمين موارد الطاقة.

وبعد كل ما تقدم، فإنه يمكن أن يكون هناك عدة سيناريوهات محتملة لمستقبل العلاقات الصينية-الأمريكية، وكما يأتي:

- السيناريو الأول:

أن تقوم السياسة الخارجية الصينية بتوظيف قدرات الصين بهدف تحويل الصين إلى قطب ثاني بعد الولايات المتحدة الأمريكية، وذلك من خلال التحالف مع روسيا الاتحادية والهند والدول المناهضة للولايات المتحدة.

- السيناريو الثاني:

أن تقوم الصين في السيطرة على البحار والجزر المجاورة بهدف تعزيز أمنها القومي.

- السيناريو الثالث:

أن تنفذ الصين عملياً مطالبتها أو تهديداتها بإعادة تايوان بالوسائل العسكرية، ومن دون التشاور مع الولايات المتحدة.

- السيناريو الرابع:

أن تطلب الصين من الولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها مساعدتها في إعادة تايوان بالوسائل السلمية.

 

رجوع

طباعةحفظ 

 
 
 
للاتصال بناجريدتيالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة