Thursday  29/09/2011/2011 Issue 14245

الخميس 01 ذو القعدة 1432  العدد  14245

  
   

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

متابعة

 

لقد رحل أبو يزيد
إبراهيم بن علي الوادي

رجوع

 

جعل الله عزّ وجل الموت نهاية الحياة الإنسانية في الوجود على هذه الأرض، غير أنّ المسلم يؤمن بأنّ الموت فاتحة لحياةٍ جديدة لا نعرف عنها إلاّ ما أخبرنا به الله عزّ وجل، ومع هذا الإيمان المطلق بحقيقة الموت، إلاّ أنّ وفاة قريب لنا أو صديق حميم نوده، تملأ قلوبنا بالأسى والحزن.

عندما علمت بنبأ رحيل أخي الحبيب وصديقي الحميم عبد المحسن بن عبد الله التويجري، شعرت وكأنّ جيشاً كاملاً من الحزن سيطر على نفسي واحتل وجداني، واعتراني صمت عميق يكاد لعمقه أن يسمع دبيب خواطر نفسي التي أثقلها حزن الفراق.

لقد رحل (أبو يزيد) صاحب النفس العظيمة القادرة والواثقة، نفس نشأت وترعرعت على القيم السامية، التي لم تقتصر آثارها على نفسه فحسب، ولكنها امتدت إلى جوانب هامة من حياته الاجتماعية، فأعلنت عن نفسها أروع إعلان في كرمه المأثور بكل تفاصيله وفي شهامته ومروءته ونجدته لكل أحد يعرفه أو لا يعرفه. لقد ارتضى لنفسه وظائف إنسانية واجتماعية، يجد في أدائها حياة مليئة بالبهجة والغبطة، دون منّة، ثم يطوي ما عمله وكأن في نشره أو الإعلام به أذى وأي أذى.

لقد كان - رحمه الله - رقيق المشاعر لطيف الوجدان، بعيداً كل البعد عن كل ما يصبغ الناس من ألوان الرياء، كان التواضع طبعه وسجيّته، ترى في سلوكه طبيعته الخاصة التي تدلك على إيمانه العميق الذي أضفى على نفسه إحساساً رهيفاً سامياً ينبع من فطرة تسيل بشاشة وإخلاصاً، وقلباً عامراً بحب الناس وسريرة صافية ونفس تسخو بالمروءة والنجدة. أتذكّر بكل التفاصيل لحظات وقوفه بجانبي - رحمه الله - عندما كنت مريضاً، فقد كان لكلماته الحكيمة تأثير مباشر في نفسي، أدى إلى تغيير نظرتي عن الصحة والمرض والحياة والموت، قال لي في إحدى زياراته (خايف تموت) قلت له إنْ قلت لك لا فأنا غير صادق، فقال: أجل اسمع لا يموت الإنسان لأنه مريض بل لأن أجله انتهى: لا علاقة بين المرض والموت، فكم من سليم معافى فارق الحياة في لحظة، وكم من مريض أكلته الأمراض لازال حياً يرزق.. وكلنا مفارق لهذه الحياة يوماً ما سواء بسبب المرض أو بأي أسباب أخرى وأحياناً بدون سبب على الإطلاق، لذلك احرص على التفكير بالحياة وخطط لحياتك بعد خروجك من المستشفى، واجعل من هذا المرض مرحلة تأمل ومحطة استراحة)، وهكذا فعلت ولله الحمد على ما أنعم عليّ من صحة. لقد رحل الكلام مع رحيلك يا صديقي وشيّعك قلبي وأنت فيه حي، لقد رحلت يا أبا يزيد وكنت أظن أني قبلك راحل.

وأنتم يا أهله وآله الكرام وقد أصابني من الحزن ما أصابكم، لا تفزعوا والله يسمع دعاءكم، ولا تجزعوا فهو ذاهب إلى ملاقاة وجه رب كريم عفو غفور رحيم، رزقكم الله الصبر واليقين والحمد لله على كل حال منه المبتدأ وإليه المصير.

 

رجوع

طباعةحفظ 

 
 
 
للاتصال بناجريدتيالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة