ارسل ملاحظاتك حول موقعنا Tuesday 10/07/2012 Issue 14530 14530 الثلاثاء 20 شعبان 1433 العدد 

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

صحافة العالم

 

الجنرالات يربحون دائماً.. في مصر
جوشوا ستاشير

رجوع

 

عندما أعلن رئيس اللجنة العليا لانتخابات الرئاسة المصرية فوز مرشح جماعة الإخوان المسلمين محمد مرسي برئاسة الجمهورية ملأت هتافات الفرح والاحتفال سماء ميدان التحرير في قلب القاهرة. وشكل فوز مرسي كأول رئيس مدني في تاريخ الجمهورية المصرية حدثاً عالمياً بامتياز واعتبره الكثيرون انتصارا للديمقراطية في مصر.

ولكن كان هناك ما يكدر صفو الاحتفال. ففي هذا المشهد العظيم الذي أعده المجلس الأعلى للقوات المسلحة الحاكم الفعلي للبلاد منذ سقوط حسني مبارك، بدا جنرالات المجلس وكأنهم يحترمون بالفعل اختيار الشعب.

الحقيقة أن المجلس العسكري نموذج لقدرة النخبة الحاكمة في مصر على التكيف. فقد أعاد الجنرالات تشكيل التحالف الحاكم باستغلال السلطة المركزية من أجل تحييد القوى السياسية الجديدة من ناحية وتفتيت وتهميش المعارضين لهم من ناحية أخرى. وفي هذه العملية منع المجلس العسكري بفاعلية كبيرة كل المجموعات من مقاومة خطواته باعتباره «القوة الرابعة» وهو مصطلح يشير إلى أي قوة اجتماعية أو سياسية تمارس نفوذا كبيرا لكنها لا تتمتع بأي وضع رسمي.

وكان هذا الأمر ممكناً لأن المجلس العسكري هو الذي تولى السلطة في البلاد بعد رحيل مبارك. فقد ظل الجهاز البيروقراطي الضخم في مصر يعمل بصورة معتادة في الوقت الذي بدأت تتراجع فيه وتيرة الاحتجاجات وشعبيتها أيضا. كما بدأ الإعلام الحكومي اتهام المحتجين بإثارة الفوضى وإرهاب السائحين والعمل لصالح جهات أجنبية. كما تم تشويه المطالبين بحقوق العمال والمرأة والأقباط باعتبارهم يبحثون عن مصالح فئوية خاصة ذات أهمية ثانوية. كما أعيدت تسمية أجهزة الأمن وجاءت أحكام المحاكم في قضايا قتل المتظاهرين لكي تقول لرجال الأمن إنهم يستطيعون قتل المتظاهرين ثم يحصلون على البراءة. وبمرور الوقت بدأ نظام ما بعد مبارك يتصرف كما كان يتصرف مبارك نفسه. ومدعوماً بالآلة الجبارة للدولة بدأ المجلس العسكري البحث عن حلفاء لاحتواء قوة أي احتجاجات مستقبلية. وأسفرت دراما الانتخابات المصرية عمّا يسميه علماء السياسة بتدريب «الاتفاق المقرر سلفا».

منذ مارس 2011 ذهب المصريون إلى مراكز الاقتراح خمس مرات. وبدلاً من أن تسفر الانتخابات عن الاختيارات الحقيقية للشعب فإن المجلس العسكري استغلها لتوفير البيئة المناسبة لكي يتمكن من التفاوض حول الاتفاق مع الفائزين في الانتخابات. وكانت جماعة الإخوان المسلمين التي تحاول الحصول على موطئ قدم دائم لها في النظام السياسي المصري مستعدة للمشاركة. والحقيقة أن هذه الجماعة ما زالت لاعباً ضعيفاً نسبياً لأنها اضطرت إلى اللعب مع المجلس العسكري على أرضه هو. فجماعة الإخوان المسلمين محل شك شعبي وهو ما يجعلها مفيدة لجهود المجلس العسكري الرامية إلى تركيز السلطة في يده. ورغم أن بعض أعضاء الإخوان المسلمين أدانوا المناورات الأخيرة للمجلس العسكري باعتبارها «انقلاباً» على الشرعية فإن الاحتجاجات السياسية لهذه الجماعة أصبحت أمراً أكثر تعقيداً بعد فوز مرشحها بمنصب الرئيس. ستواجه جماعة الإخوان المسلمين صعوبة كبيرة في إقناع الآخرين بأنها ما زالت قوة معارضة للمجلس العسكري. بالطبع فأي عضو في جماعة الإخوان المسلمين ينزل الآن إلى ميدان التحرير للمشاركة في أي فاعليات احتجاجية سيصبح معارضاً لرئيسه.

وفي إشارة إلى استمرار وزارة الداخلية المصرية كما هي التقى الرئيس مرسي بوزير الداخلية محمد إبراهيم ونفى وجود أي نية لديه لتطهير الوزارة ولا للانتقام من رجالها. وبذلك أصبحت جماعة الإخوان المسلمين جزءاً من الدولة المركزية التي تحول دون استمرار التغيير. ففي ظل هذا النظام السياسي القائم فإنه من غير المحتمل أن يتمكن مرسي من مقاومة قوة الجنرالات على المدى القصير. ومن غير المحتمل أن يكون للرئيس مرسي أي نفوذ على الوزارات ذات الصلة بالأمن. ولم يتضح حتى الآن ما إذا كان البرلمان المنحل سيعود مرة أخرى أو متى سيتم انتخاب برلمان جديد. كما وضع المجلس العسكري العديد من الألغام في عملية صياغة مشروع الدستور الجديد للبلاد، ملوحاً باستخدام حق النقض (الفيتو) على أي مادة لا يرضى عنها. وهذا الوضع يجعل الإخوان بين مطرقة الشارع وسندان الجنرالات دون أن يكون لديهم خيارات عديدة جيدة. فالمحتجون في الشارع لن يستطيعوا ممارسة ضغط حقيقي على المجلس العسكري من أجل التخلي عن السلطة السياسية الحقيقية دون مشاركة من جانب الإخوان المسلمين. في الوقت نفسه فمن المنتظر أن يتجه تركيز الرئيس مرسي على إنعاش الاقتصاد المتعثر وتأجيل المواجهة مع العسكريين إلى وقت آخر. في الوقت نفسه فإن المجلس العسكري الذي لا يخضع للمساءلة سيتمكن من تعزيز موقفه سياسياً في حين أن الرئيس المنتخب بشكل ديمقراطي محمد مرسي سيكون الهدف المباشر لأي غضب شعبي من الأوضاع الاقتصادية المتدهورة أو الأزمات السياسية المتواصلة.

والحقيقة أن جنرالات المجلس العسكري وضعوا مرسي في وضع «كش مات» قبل أن يتم تنصيبه. فقد خرجوا من الانتخابات المتعاقبة في مصر كفائز حقيقي يمكنه الإمساك بزمام الأمور في البلاد على المدى المنظور.

- أستاذ مساعد العلوم السياسية في جامعة «كينت ستيت»

(إنترناشيونال هيرالد تربيون) الأمريكية

 

رجوع

حفظارسل هذا الخبر لصديقك 

 
 
 
للاتصال بناخدمات الجزيرةالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة