ارسل ملاحظاتك حول موقعنا Tuesday 17/07/2012 Issue 14537 14537 الثلاثاء 27 شعبان 1433 العدد 

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الاقتصادية

      

لن أفشي سرا إذا ما قلت إننا نواجه مشكلات حقيقية ومتشعبة في إدارة وتشغيل الموانئ، والمطارات، والسكك الحديدية، وهي مشكلات تجاوزت في مجملها الإدارة والتشغيل إلى إدارة المشروعات التنموية، ما كبد الحكومة خسائر فادحة، وحرم المواطنين من التمتع بالخدمات الحديثة التي تتمتع بها شعوب الدول الفقيرة، قبل الغنية؛ وتسببت في تدني مخرجات التنمية. كل تلك المشكلات مرتبطة بأسلوب الإدارة، وطريقة اختيار المسؤولين التي تركز على التراتيبية الوظيفية، أو الاسم، بدلا من الاعتماد على الكفاءة الإدارية والتخصص المناسب لإدارة المرافق الحيوية بكفاءة عالية.

بعد مشكلات المطارات السعودية، والسكك الحديدية طفت على السطح مشكلة الموانئ التي جاهد المسؤولون لإخفائها عن أعين الجميع، إلا أن وكالات الشحن العالمية بادرت بإصدار شهادة الإدانة بشفافية مطلقة؛ حيث كشفت التقارير الصحفية عن عدم رغبة سفن الشحن العالمية المرور بموانئ المملكة بسبب التأخر في التفريغ والشحن، وبيروقراطية الموانئ ومسؤوليها.

مشكلة الموانئ السعودية ليست بالجديدة، فعلى الرغم من مواقعها الإستراتيجية على البحر الأحمر والخليج العربي إلا أنها تنازلت عن حقها في السيطرة على حركة الشحن البحري لمصلحة موانئ أخرى، ما تسبب في فقدان الدولة لموارد مالية كان من الممكن تحصيلها بسهولة. مشكلة الموانئ إدارية فنية في الدرجة الأولى، فهي تدار بعقول تقليدية، وأسلوب عفا عليه الزمن؛ وآليات قديمة، وعمالة غير مدربة، وبطاقة تشغيلية تقل بكثير عن الحاجة الأساسية للتشغيل؛ ولعل ارتباطها بوزارة النقل، أثر في استقلاليتها وقدرتها على التطوير والابتكار. تحول الموانئ من مؤسسة إلى هيئة مستقلة يمكن أن يكون أول خطوات التصحيح. إلا أن التغيير الأكثر أهمية هو الاستعانة بشركات عالمية متخصصة لإدارة موانئ المملكة بدلا من تركها لاجتهادات المجتهدين، وشركاتهم البدائية. سيطرة ميناء دبي على موانئ الخليج تقف خلفه شركات كبرى متخصصة في إدارة الموانئ، ما سمح لها بتحقيق التميز والنجاح. يجب أن تُسند إدارة موانئ المملكة وتشغيلها إلى كفاءات عالمية وشركات متخصصة يمكن أن تحقق لها النقلة النوعية التي تقودها إلى مصاف الموانئ العالمية.

بقليل من الجهد والإدارة المحترفة والنظرة الإستراتيجية يمكن أن تسيطر السعودية على البحر الأحمر والخليج العربي من خلال نشر الموانئ المتخصصة والقادرة على منافسة موانئ المنطقة التي تعتمد في حركتها على السوق السعودية.

الأمر نفسه ينطبق على المطارات، والخطوط الحديدية؛ شركات التشغيل العالمية هي القادرة على إحداث نقلة نوعية في مطاراتنا، وخطوطنا الحديدية؛ أكثر من ثلاثين عاما لم تستطع العقول السعودية تطوير هذه المرافق الحساسة برغم الوفرة المالية؛ لماذا لا نجرب خبراء الغرب كما فعلت الدول الأخرى؛ كل ما حدث من تطور في قطاعات النقل في دبي كان خلفه شركات عالمية متخصصة نجحت في نقل التقنيات العالمية الحديثة التي وفرت لهم الخدمات الراقية وأسهمت في تطوير مرافقهم خلال سنوات قليلة. لم تكتفي دبي بالإنشاءات العالمية بل أسندت إدارة تلك المرافق لكفاءات عالمية متخصصة، قادرة على الجمع بين الإدارة الكفؤة والتطوير المستمر بما يضمن المحافظة على المراكز المتقدمة عالميا. تجربة دبي يُعاد استنساخها في قطر، وأبوظبي؛ أما نحن فما زلنا ندور في حلقة مفرغة لأسباب إدارية صرفة. أخشى أن تمر مرحلة الوفرة المالية دون أن ننجح في تشييد بنى تحتية قادرة على الصمود لعقود قادمة. أسلوب ترسية المشروعات، ونوعية مخرجات التنمية، والإصرار على الفكر التقليدي في إدارة المرافق المهمة سيتسببون في إحداث مشكلات تنموية لا يمكن معالجتها مستقبلا، خاصة مع توقع انخفاض الدخل مستقبلا. إذا لم نحسن إدارة التنمية، وننجح في خلق مرافق تنموية فاعلة، خاصة في قطاعات النقل، فالعواقب ستكون وخيمة ولا شك. فلنضع مصلحة الوطن في المقدمة ولننظر إلى الأمام، ونبدأ في إحداث التغيير وفق نظرة إستراتيجية عالمية تعتمد في مدخلاتها على العقول المبدعة والكفاءات العالمية المتخصصة وإن كانت من خارج الحدود؛ فالسعودة قد لا تكون مجدية في بعض المناصب المهمة وعلى رأسها الموانئ، المطارات، والسكك الحديدية.

f.albuainain@hotmail.com
 

مجداف
إدارة الموانئ.. المطارات والسكك الحديدية
فضل بن سعد البوعينين

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

حفظارسل هذا الخبر لصديقك 

 
 
 
للاتصال بناخدمات الجزيرةالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة