ارسل ملاحظاتك حول موقعنا Tuesday 17/07/2012 Issue 14537 14537 الثلاثاء 27 شعبان 1433 العدد 

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الأخيــرة

      

في مقابلة نادرة أجرتها قناة السي إن إن الأمريكية مع أسماء الأسد، زوجة بشار الأسد، قالت بالنص: (الوقت ينفد. نعمل ضد عقارب الساعة، أُصيب ثلاثة آلاف وثلاثمائة شخص، وأكثر من ذلك، شرد 22 ألف شخص من منازلهم.. إنه القرن الحادي والعشرين. أين يمكن حدوث ذلك في أي مكان بالعالم؟). أعرف أنكم فوجئتم من تصريح زوجة هذا السفاح، إلا أن المفاجأة ستتلاشى إذا علمتم أنها كانت تتحدث بهذه الجمل النارية، وهذا القدر الكبير من الغضب، ليس عن (حمص) للأسف، ولا عن حماة، ولكن عن عملية إسرائيلية اقترفها الصهاينة ضد الفلسطينيين في (غزة) عام 2009، كما جاء في وكالة رويتر.. لتدور الأيام، وتصبح حمص عام 2011 في محل غزة، وتعاني معاناتها، ويصبح زوجها في محل الصهاينة، وربما أشد وأقسى وأفظع تنكيلاً؛ والسؤال: ما عسى أسماء حين تشاهد هذا المقطع في اليوتيوب أن تقول؟

أسماء تنحدر من عائلة مسلمة سنية، من حمص، والدها طبيب قلب، يعمل ويعيش في بريطانيا، وقد نشأت وتربت وتعلمت في لندن، كانت قبل أن تقترن ببشار تعمل في شركة استثمارية، وكانت تعيش حياة متمدنة هادئة، وتحظى باحترام أصدقائها وزملائها في العمل كما يقولون. غير أن حظها التعيس، وربما حظ والدها ووالدتها أيضاً، رماهم في نسب هؤلاء الوحوش الدموية؛ فالأب (حافظ) كان قاتلاً محترفاً، والعم (رفعت) كذلك، والأم تربت في كنف زوجها الذي علمها أن الحكم معناه (مص الدماء)، أما (بشرى) أخت بشار فيقولون إنها أشرس من أخيها ماهر، الذي لا يشعر بالطمأنينة، ويخلد إلى النوم، حتى يُمتع عينيه بمشاهدة فيلم سينمائي دموي، أو أن يمارس القتل بنفسه.. في هذه الأجواء، وهذه الأسرة الدموية حاضراً وتاريخاً، وجدت نفسها بنت طبيب القلب في كنف رئيس جاءته السلطة على طبق من ذهب فجأة، ودون مقدمات بعد وفاة أخيه المرشح لأن يرث والده، فسنحت لها الفرصة لأن يكون لها من ذلك الذهب نصيب، فاختارت الذهب والسلطة وحياة البذخ والشهرة والأضواء على القيم والمبادئ. الآن وبعد 17 ألف قتيل على الأرض السورية، وعشرات الآلاف من الجرحى، ومثلهم من الثكالى، كيف تجد أسماء نفسها يا ترى؟ هل ستأخذ أبناءها وتهرب من هذا الوحش وأسرته، ويُسجل لها التاريخ أنها أول امرأة رئيس دولة سفاح (عربي) انشقت عن زوجها، واعترضت عليه، وانحازت إلى إنسانيتها، أم سبق السيف العذل ولات حين مناص؟

أعرفُ أن هروبها ضربٌ من ضروب الحلم؛ فالإنسان، أي إنسان، يكون له مواقف مُفعمة بالإنسانية والرحمة والإيثار، وقد يكون - بالمناسبة - صادقاً فيها، لكن ما إن تمر به التجربة، وينحشر في الزاوية، يكون في الغالب كأي إنسان آخر يجد لنفسه ولأهله وذويه وتجاوزاتهم ما لا يجده للآخرين؛ خاصة إذا وقع الفأس في الرأس، وأصبحت الخيارات أمام الإنسان محدودة، ترتبط مباشرة بخيارين لا ثالث لهما، مؤداهما «أكون أو لا أكون».

ما أنا متأكدٌ منه أن أسماء الآن تعيش صراعاً رهيباً في داخلها، مع ما نشأت عليه من قيم إنسانية وحضارية في حياتها هناك، وما يُمارسه أقرب الناس إليها (زوجها) وأب أطفالها. طبعاً مثل هذا الشعور لا يدور إطلاقاً في خَلَدِ بشرى أخت بشار؛ فهي منذ نعومة أظفارها تربّت على لعق الدماء، والتلذذ بآهات المعذبين، واللصوصية؛ فقد كانت - كما يقولون - أقسى وأشد دموية من كل إخوانها؛ لذلك حظيت بمنزلة مُتميزة عند والدها السفاح الأكبر في هذه الأسرة المتوحشة.

إلى اللقاء.

 

شيء من
أسماء زوجة بشار تتحدث
محمد بن عبد اللطيف ال الشيخ

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

حفظارسل هذا الخبر لصديقك 

 
 
 
للاتصال بناخدمات الجزيرةالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة