ارسل ملاحظاتك حول موقعنا Saturday 21/07/2012 Issue 14541 14541 السبت 02 رمضان 1433 العدد 

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الرأي

      

هنـاك البعض من الناس لديهم هوس كبير واهتمام فائق ومبالغة واضحة بالمظاهر البراقة والأبهة، واصطناع الاحتفاء بالنفس، والإكثار من مدح الذات بإمعان وترصد، ويصرون بشدة على أنهم متميزون، وقمم سامقة، وسهوب نظره، وجداول ماء وندى، وأنهم يشبهون الكريستال والشمس والذهب والفضة ولون البرتقال، ولا يرقى إلى عليائهم أحد البتة، وأنهم كالمصابيح يندلق منهم الضوء ليزيل العتمة والوحشة، وأنهم يتوشحون الرداءات البيض، وعيونهم غارقة في البعد، وأنهم صخور صلدة، وغيرهم أشبه بالزجاج المنثور، وأنهم المظهر الأنيق، ومحط الإعجاب ومركز التحديق، وبأنهم نادرون مثل الجواهر الثمينة، والأحجار الكريمة، وأنهم من النوع الفريد، لكنهم ببساطة لا يعرفون بأنهم كراسي فارغة، وجثث بلا أرواح، وشجر بلا ثمر، وأجساد لا تليق بالرداءات الأنيقة، ووجوه لا تحبذها المرايا، وكروم لا تمنح سوى الحرمان والسراب، ويشبهون الفراغات المسترخية، لا يميلون للانفتاح والإقبال على الناس ولا يشاركونهم الحركة والمشوار والحضور والتجدد، سيرهم ليست عابقة بالحب، ولا الحنو على البائسين، ولا مشاركة الناس الهموم والتطلع، هم كمن يريد البوح ولا يبوح، (الأنا) عندهم تتناسل وتتكاثر كالدود، لا ضحكاتهم ربيع، ولا أعمالهم تضيء فنائر السفن، ينتابهم التمزق، ويبعثر أرواحهم كأوراق الخريف، والسواد ينزلق بعمق فوق شفاههم، تتقاذفهم الهواجس، والصخب يمزقهم بمرارة ووجع، هم مثل الصورة القديمة، والشباك العتيق، وشيخوخة الأرض، والجبال المسنة، والسواد الذي لا يمت لليل بصلة، والأحراش الذابلة والظمأ، وجوههم خشبتها ليالي الشتاء، ونهارات الصيف، وأصواتهم مثل حشرجات قديمة، ويتحركون بلا اتجاه، يكتسحهم الاستعلاء والبطر، وتنز في أعماقهم الفوقية والكبر، يتعلقون بالذات، ويهيمون بها حبا وعشقا وانحناء، هواجسهم ذاتها والقلق، ونصفهم لا ينام، هم حر الظهيرة والصخب، والمواء الغليظ، لا هم نخل، ولا بحر، ولا أرض بكر، وليسوا كعطاء السلام، أن أصحاب المظاهر وحركات الأبه والاستعلاء والزهو مجرد ضوضاء ومنافذ وجع وإعياء يصيب بالدوار الطويل، ونقص وعطب، لا هم خطوط عريضة، ولا أثار مرسومة، ولا كنوز ثمينة، ولا غيمة عطاء، أنهم يشبهون البعوض الكسيح والبرغوث، والآثار المهجورة، ويصيبون بالصداع المرير، لا ملامحهم ملامح، وزهوهم ورق، وأرواحهم كما التصحر، وكلامهم ضجر، طريقهم ليس هو الطريق، قطارهميس هو القطار، ولا يرفرفون في الأثير، وأرضهم لم تعد تنبت الورد والسنابل، يتنفسون بعمق وتمدد، لكنهم أموات ولا يشبهون الأحياء، قال تعالى: سَأَصْرِفُ عَنْ آيَاتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ .

ramadanalanezi@hotmail.com
 

النرجسيون.. لا هم قمم سامقة ولا يشبهون البرتقال!
رمضان جريدي العنزي

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

حفظارسل هذا الخبر لصديقك 

 
 
 
للاتصال بناخدمات الجزيرةالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة